الثورة هي خروج عن الوضع الذي يعيشه مجتمع من الناس، تزيد التعريفات وتنقص من أنها فعل عفوي تلقائي غير منظم يٌحدث تغييراً شاملاً في نظام الحكم أو هي قيام الشعب بقيادة نخب وطلائع من مثقفيه لتغيير نظام الحكم بالقوة. ما أصبح يلفت نظري حالياً في كل مناحي الحياة أنه يجب أن تثور النخب المثقفة على الجهل المتمترس في زوايا حياتنا، في جوار مدارسنا ويمكث بالقرب من بوابات جامعاتنا، وأقول النُّخب لأن جزءاً من الشعب بعفويته قد لا يدرك ما يعنيه الجهل الرابض في تفاصيل حياتنا. الثورة مستمرة، شعار يردده البعض ثم ينخرط في صفوف تنادي بالموت ( الموت لأمريكا ) بينما لا يموت سوى اليمنيين، الثورة مستمرة بينما يمنع بناته من إكمال مراحل التعليم الجامعي في القرن الواحد والعشرين. الثورة مستمرة بينما يضرب أمه لأنها تحتوي أخواته وتمنعه من الاعتداء عليهن، الثورة مستمرة بينما يمنع بنات أخيه من حقهن في الميراث لأنهن بنات مكسورات الجناح. الثورة مستمرة وهم يستلمون مبالغ مالية تهدر كرامتهم من أجل أن ينادوا بهدم بلدهم من دون أن يعلموا من دفع لهم وما وراء هذا الهدم. الثورة مستمرة وهم ينشطون في استقطاب بعض الشباب الذين يعوزهم الفقر، وتقتلهم الحاجة، ليكونوا متارساً لهم لأهداف غير مرئية. الثورة مستمرة وهم مزروعون في أغلب المناطق النائية ينادون بالمذهبية ويستغلون جهل الناس ليكوّنوا لهم قاعدة من الجهل المسلح يكبرونه إلى وقت الحاجة. كل هذه الأمور الاجتماعية التي يغض الطرف عنها المثقفون ويعدونها خصوصيات جيرانهم وأهليهم، ولا يشكلون منبر وعي في مناطقهم هي التي تخلق استمرارية من الجهل المسلح يوما بعد يوم. استمرارية الجهل تخلق أتباعاً يوميا ينادون بالموت لأمريكا والموت لإسرائيل بينما اليمني وحده يموت مشرداً في الشوارع والسهول والجبال، الجهل وحده من يجعل اليمني ينخرط في جماعات داعشية أتت من خارج اليمن لتنطوي تحت قيادة دواعش يمنية لتقل جنودنا وأبناءنا اليمنيين. الجهل وحده من يسعى لثورة مستمرة تنادي بالموت وتقتل الحياة، الجهل وحده من يسلّم زمام الثورات المحلية للقوى الإقليمية لتدير في أرضنا رحى حربٍ طائفية لم ولن تكون بلادنا ميداناً لها إن شاء الله إذا اتجه المثقفون والنخب إلى ثورة وعي مستمرة. [email protected]