إن ما يتعرض له وطننا الحبيب اليوم من فتن وأزمات وأعمال تخريب وتدمير واسع النطاق في بنيته التحتية العسكرية والأمنية والاقتصادية والمعيشية , على ايدي بعض ابنائه من قوى وأطراف سياسية مختلفة , أو على ايدي بعض اصدقائه واشقائه من دول عربية واقليمية ضمن تحالف ما سميى بعاصفة الحزم . يجعلنا اليوم افراداً وقوى وأطرافاً سياسية يمنية نقف أمام اختبار وتحذير شديد اللهجة للقادم من أيام الوطن الذي يسير مقترناً بسلوكنا، وتصرفاتنا كأفراد وجماعات, إذ ليس عيباً ولا خسارة أن نكون مختلفين سياسياً ومذهبياً أو فكراً وثقافة، فهذا الاختلاف هو نسق حياتي يمكن أن يدفع إلى النمو والتطور والتكامل, ولكن العيب والخسران العظيم هو أن نختلف في الوطن، فذلك يعني أن نخسر الوطن بكل منظوماته التكوينية وبكل دلالاته التاريخية والجغرافية والاجتماعية والسياسية. إن حضارة ووحدة وأصالة هذا الوطن الضاربة بقوة في جذور التاريخ تكويناً وتشكيلاً, لا يمكن أن تكون نهباً لخطر يستهدف وجوده ومصيره. كما أن الخطر الحقيقي ليس مقترناً بالقادم أو الآخر المحمّل بأجنداته والمحمل بأحقاده. إن الخطر الحقيقي هو في الداخل، في المنتمي الذي يحاول الخروج من العام إلى الخاص ومن الكل إلى الجزء خروجاً ربما ساهمت فيه ظروف أو مراحل معينة بحثاً عن حالة اطمئنان، لكنه بالمطلق الخروج الخاطئ. الذي يمكن أن يهدّد أمن واستقرار ووحدة ومصير الوطن وربما يثار السؤال الكبير وهو: كيف يواجه الوطن اليوم خطراً وجودياً أو مصيرياً وهو بكل هذا الإرث والأصالة والتحدي؟ والجواب هو أن الخطر دخل واعتاش كطحالب ونما وترعرع على خلافاتنا التي أوجدتها الأزمات السياسية المتتالية والمكايدات الحزبية, التي القت بظلالها على النسيج الاجتماعي فأحدثت شرخاً فيه، وعلينا أن نعالجه بمزيد من التماسك والتشبّث بالهوية الوطنية. وترسيخها في قلوبنا وعقولنا وسلوكنا وتصرفاتنا كأفراد وأحزاب وتنظيمات سياسية واجتماعية. وذلك لن يتحقق إلا إذا شعر كل فرد منا بأهمية دوره في بناء هذا الوطن وتنميته والحفاظ على وحدته وأمنه واستقراره, وعندما يخرج كل منا من عباءته الفكرية والمذهبية والحزبية والمناطقية ليحتمي بحمى الوطن، ويسعى من أجل تحقيق مصلحته العليا, بعيداً عن أية مصالح شخصية أو حزبية أو مذهبية أو فكرية أو مناطقية ضيقة. ختاماً اقول إننا كمواطنين يمنيين نعيش على ثرى هذا الوطن الغالي ونستظل بسمائه, يجب ألا نقف اليوم على الحياد ونختار منطقة الاستقلالية في جغرافية التغيير, ونحن نرى وطننا العظيم بتأريخه وجغرافيته ومكانته ووحدته أمام تداعيات الخطر, الخطر الذي قد يعني الإلغاء والركون إلى الزاوية الميتة في ذاكرة هزيلة تحتفظ بحكايا تحاول جرّنا إلى ماضي التخلّف والتشطير. كما أن الخطر المصيري الذي يهدّد الوطن اليوم , والذي تسعى إلى إحداثه أطراف فقدت هويتها الوطنية, وتطبل له أجندات سياسية وفضائيات إعلامية, يعني ممارسة جرمية سلوكية شنيعة مع سبق الإصرار والترصّد لاغتيال الوطن. والذين يحلمون بذلك متعكزين على هويات فرعية سيجدون أنفسهم أمام تحدي الفرعيات الأخرى والتي تعني الدخول المباشر في تجزئة المجزّأ وتقسيم المقسّم. وحين يُقتل الوطن لن ننتظر غداً أن نصطف في طوابير عزائه أو نرقص على جراحاته النازفة , او نقف لنبكي على اطلال وطن دمرناه بأيدينا وخلافاتنا ومكايداتنا السياسية , لأننا عند ذلك سنكون بالمطلق في حظائر الموت المخزية أوفي مزبلة التأريخ. وعندها سيقف ابناؤنا وأحفادنا على اطلال هذا الوطن يرثون حاله ومآله ويمرون على أسوار مقابرنا لا ليترحموا علينا !! بل لتلحق بنا لعناتهم الى قبورنا جراء ما اقترفناه في حق وطن كان يسمى يوماً ما ببلاد السعيدة أو اليمن السعيد !! . [email protected]