الحرب هي الحرب في كل زمان ومكان، فهي تعني الخراب والدمار وهي تعني الويلات والمآسي وهي النار التي تحرق الأخضر واليابس وهي التي تحصد الأرواح وتخلف العاهات والجراحات وتستهلك الطاقات والقدرات والإمكانات للأمم والشعوب والدول التي تكون مسرحاً للعمليات الحربية. الشعب اليمني المظلوم يتعرض حالياً لحرب شعواء تطاله من كل حدب وصوب، حمم من النيران تسقط عليه من السماء وبراكين ملتهبة تتفجر من الأرض في أكثر من محافظة يمنية، الكل يقذف بما لديه من نيران محرقة وطلقات خارقة، وكلها تصيب اليمنيين ولا أحد غير اليمنيين يسقط كضحايا لهذه الحرب المدمرة، او يكتوي بنيرانها ويتجرع ويلاتها وعذاباتها. انه شعب اليمن المظلوم والمكلوم منذ سنين نتيجة الفقر والحرمان، ومنذ عام 2011م، وهو يتجرع الفقر والحرمان والجوع والفوضى والعنف وويلات الصراعات السياسية الداخلية ويعيش في ظل قلق وتوتر وعذاب نفسي وجسدي لا يطاق، وفوق هذا جاءت الحرب الضروس والتي سميت عاصفة الحزم لتزيد الطين بلة وتضاعف من معاناة الشعب اليمني ومن عذاباته، لتجعل حياته بين عالق في مطارات خارجية او حبيس في بلده لا يستطيع السفر الى الخارج لقضاء حوائجه او حتى السفر والتنقل من محافظة الى محافظة أخرى، كما ان الحرب جعلت الكثير من السكان يتشردون من منازلهم ويعيشون لاجئين في مناطق أخرى اكثر امناً برغم انه لا امن ولا استقرار في اليمن هذه الأيام، لان اليمن كلها أصبحت مسرحاً للعمليات الحربية. لسنا الآن بصدد القاء اللوم على الأطراف السياسية اليمنية المتصارعة كون الحرب الدائرة حالياً ما كانت لتذر بقرنها لولا الخلافات السياسية بين النخب الحاكمة، لكننا الآن بصدد ما هو اهم وأعمق من القضايا الجدلية، وهو السعي الحثيث لإيقاف الحرب الداخلية والخارجية، كون الحرب الخارجية على اليمن نتجت بسبب الحروب الداخلية بين القوى السياسية اليمنية. لقد آن الأوان للعقلاء من أبناء اليمن، وخاصة أعضاء مجلسي النواب والشورى ومن معهم من النخب الثقافية والأكاديمية والشخصيات الوطنية الواعية والمستقلة لبذل الجهود الحثيثة، من اجل إيقاف الحرب المدمرة التي تحرق اليمنيين وتلتهم كل مقدراتهم وتزيد من معاناتهم وتقود الى وضع كارثي لا يحمد عقباه ان استمرت هذه الحرب الشعواء. لا اعتقد ان هناك متسعاً من الوقت للتواني والتباطؤ في إيقاف الحرب التي يجب ان لا تستمر اطلاقاً، وفي اعتقادي المتواضع، يجب ان تتركز الجهود على إيقاف الحرب الداخلية، كونها السبيل الوحيد الى إيقاف الحرب الجوية التي تشنها دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، لأننا اذا استطعنا إيقاف الحرب الداخلية فسوف يكون بمقدورنا وبسهولة إيقاف الحرب العربية الجوية، لأنه بطبيعة الحال ستفقد عاصفة الحزم مبرراتها المنطقية والإعلامية وستصبح نوعاً من انواع العدوان الغاشم بدلاً من كونها تدخلاً عسكرياً عربياً لإنقاذ اليمن ونصرة السلطة الشرعية وفقاً لمنطقها الإعلامي اليومي، وبهذه الطريقة نكون قد اوقفنا الحرب وانقذنا بلدنا من الخراب والدمار مقابل تقديم تنازلات شكلية او معنوية لان اليمن يستحق منا ان نتنازل من اجل مصلحته وسلامته وسلامة ابنائه.