إن التحلى بالنضال والمقاومة والثورة هو الإطار الذي يرسم مجرى الحق واتجاهه، وهو الذي يفرض واقعاً جديداً ويتحكم بمسارات أي تسويات مستقبلية، ويكون مدافعاً عن أي انحراف ومواجهاً ضد أي اختراق يطال عمق القضية ويحرف بوصلتها. إن الحجر هو الذي يحدد ملامح القضية ويسير بها نحو الدرب الأمثل، لذلك يبقى الأخير هو المعضلة وهو الجريمة أيضاً بنظر المحتل الغاصب الذي يريد الالتفاف على مسار هذا الحجر وتغيير وجهته بل وانتزاعه من قبضة الطفل والشاب والشيخ من الرجل والمراة، لأنه يرعب ويذكر بأن الحق مهما ابتعد لابد من مجيئة يوماً ما في محيط الاسئلة تبحر القضية الفلسطينية وتتقاذفها الموجات العاتية، لا أحد يكن لفلسطين أي ود وفقاً للمعطيات الراهنة،خصوصاً فيما يتعلق بالعقلية العربية الرسمية الرثة التي تعاني من شيخوخة والتي مازالت ترزخ تحت الاملاءات والشروط بل والوصاية من قبل أمريكا وحلفائها الغربيين عدا ان بذرة الوعي بالقضية المركزية مازالت حية وحاضرة في عقول الشعوب العربية قاطبة، لا تبارح ذاكرتها وهذا هو المرتجى والأساس، فالبذرة ستنمو يوماً لتصبح شجرة وهذا ما يقلق النظام العربي الرسمي ويعمل على انتزاع هذا الشعور بالانتماء بكل الطرق فاستمرارنية وبقاءه مرهون بزوال هذا الشعور الذي يعد منطلقاً نحو مواجهة سؤال الحرية والاستقلال والخروج من دائرة الهيمنة والوصاية, أن الشعوب العربية وإن كانت تختزل في طياتها الكثير من معاناة الاضطهاد والجور إلا إن لحظتها المؤاتية واقعة لا محالة والذين لم يستوعبوا التاريخ بعد عليهم أن يعودوا إليه وبقرأونه بأفق مفتوح, أن حدود هذه المسؤولية العظمى والتاريخه لا يمكن تجاوزها نحو الحلول السلمية (الاستسلامية) التي تقفز على الحق التاريخي الذي لا لبس فيه تحت يافطة التعايش وغيرها من المسميات الفضفاضة التي يمضغها الإعلام الغربي في خطاباته ويعيد إنتاج هذا القبح الإعلامي دعاة ما يسمى بدعاة الاعتدال ومحورة عبر وسائلهم الإعلامية المسخرة لخدمة هذا المشروع الاستسلامي الذي يزن النضال الفلسطيني انتفاضاته إلا بميزان برغماتي هش يجمع أوراق اللعب على طاولات المفاوضات يوزع فيه الأوراق وسيط غير نزية ينحاز كلياً للطرف الآخر (العدو) ويتعهد علانية بحماية أمنه واستقراره وبقائه ليؤدي دوره في خدمة المشروع الكبير الذي خطط له سلفاً.. لذلك لا يمكن هنا النظر إلى القضية الفلسطينية بمعزل عن بعدها وامتدادها العربيين وأبعد من ذلك توغلها في نسيج وحدة الأمة العربية وعالمها الإسلامي لذاتهما.. إنه وعي بضرورة تحرير أولى القبلتين واثالث الحرمين الشريفين، لايمكن هنا اختزال فلسطين في ذاتها فقط بل انه مشروع أمة مرتبط بكل ما يحدث ويستجد في هذه القضية، لذلك يعمد هؤلاؤ على حصرها وحشرها في زاوية ضيقة، ويتم تمثيلها بشخوص واسماء معينة وانتحال حظه الشعب الفلسطيني والحديث باسمه في أي تسويات سياسية قادمة، وسلخها عن محيطها العربي والإسلامي. فلسطين ليست عقاراً سياسياً مملوك اًلأحد، إنها فلسطين الحق التاريخي والابدي لكل قلب عربي ومسلم ما زال قلبه يخفق فهي خارج أي صفقة يمكن ان تتم إلا أن يعود الحق لأهله ،ومادون ذلك فهو خيانة وعار ثمنه الموت.