بدأ ضيوف الرحمن وعدد هم ما بين اثنين وثلاثة ملايين مسلم أول مناسك الحج لهذا العام متوجهين على دفعات نحو منطقة منى التي يقضون فيها يوم الثامن من ذي الحجة المعروف باسم يوم التروية. ويقضي الحجاج يومهم في العبادة في منى قبل أن يتوجهوا فجر غد الخميس إلى عرفات لأداء الركن الأساسي للحج. وبعد الوقوف بعرفة يعود الحجاج بعد مغرب شمس التاسع من ذي الحجة إلى مزدلفة التي ينزلونها ليلا باتجاه منى حيث ذبح الهدي ورمي أولى الجمرات (جمرة العقبة الكبرى) يوم الجمعة وهو يوم عيد الأضحى المبارك. ونشرت السلطات السعودية 20 ألف رجل أمن لضمان سلامة الحجاج الذين صعدوا اليوم إلى منى وهم يرددون "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك". وهناك تفسيرات عديدة لتسمية اليوم بيوم التروية منها أن النبي إبراهيم عليه السلام تروى متفكرا في تفسير منام رأى فيه أنه يذبح بيده ابنه الوحيد آنذاك إسماعيل، متسائلا هل ما رآه وحي من الله أم لا؟. وهناك تفسير آخر لهذه التسمية وهو أن الحجاج يتروون في هذا اليوم من الماء استعدادا ليوم عرفة. ومضت رحلة الحجاج راكبين أو مشاة بيسر إلى منى، وانتقلت أكثر من 70 ألف حافلة من الحجم الكبير لنقل الحجاج دون أي ازدحام، وقد تجمعت الحافلات عند مساكن الحجاج في مكةالمكرمة. ووضعت قوات أمن الحج خطة سير خاصة للتصعيد إلى منى، اعتمدت على نشر أفراد قواتها في الشوارع والميادين لتنظيم السير. وأضحت منى أكبر مدينة مخيمات في العالم، إذ تحولت إلى أكبر تجمع بشري بثياب الإحرام البيضاء، وسط استعدادات وترتيبات متكاملة من جانب الحكومة السعودية لتسهيل أداء المناسك لضيوف الرحمن القادمين من كل فج عميق. وانتشرت قوات الأمن بشكل مكثف في الساحات المحيطة بمشعر منى، تساندها دوريات أمنية لتأمين سلامة الحجاج ليتمكنوا من أداء مناسك الحج، وتيسير الحركة على جميع الطرق التي يسلكها حجاج بيت الله الحرام، إضافة إلى تنظيم حركة المشاة. ونقلت الجزيرة نت عن اللواء سعد الخليوي نائب قائد أمن الحج قوله إن مديرية الأمن العام دربت القادة والمساعدين والمشاركين في فرق سير المشاة على 23 خطة طوارئ في حال الاحتياج لها، لا سمح الله. وأعلن مسؤول هيئة الهلال الأحمر السعودي الدكتور خالد الحبشي في مؤتمر صحفي أمس بدء الجزء الثاني من خطة الهيئة لحج هذا العام اليوم بنشر 180 فرقة إسعافية راجلة مدعومة ب15 فرقة تدخل سريع، و30 فرقة إسعافية تعمل على الدراجات النارية. الى ذلك هطلت الأمطار بغزارة يومنا هذا الاربعاء على حجاج بيت الله الحرام الذين توجهوا منذ فجر هذا اليوم إلى مشعر مِنى لقضاء يوم التروية فيه. وقد استقبلت معظم المخيمات والحملات حجاجها من كل بقاع الأرض، وازدحمت الطرق بوسائل النقل الجماعية التي انسابت في سهولة بالغة وسط تنظيمات مشددة ومتابعة حازمة من الجهات الأمنية السعودية لم تسمح بأية فرص لإعاقة الحركة. وجاءت حركة الحجيج وسط أجواء ملبدة بالغيوم إلى أن هطلت الأمطار، في ظل ملاحظة حركة استباقية من قبل رجال الدفاع المدني لاتخاذ اللازم بعد سقوط الأمطار وتطبيق الإجراءات الوقائية. وشوهد أفراد الدفاع المدني يتفقدون المخيمات ويوجهون العديد من النصائح والإرشادات. وبحسب رأي العديد من الفلكيين، لا تدخل الأمطار التي هطلت اليوم ضمن "المربعانية" التي ستحل على المملكة في 15 ذي الحجة وهي مرحلة الشتاء الفعلي. ولن تدخل البرودة المستديمة إلا في أواخر شهر ذي الحجة ومطلع السنة الهجرية الجديدة، حيث ستأخذ الأجواء الصفة الشتوية وتكون هناك فرص كبيرة لهطول الأمطار.