- د. عمر عبد العزيز .. لعبة الفن الأولى التي تبلورت ملامحها الاساسية في القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلادي في ايطاليا اتّسمت بنوع من المصالحة التاريخية مع المرجعيتين الدينية والدنيوية ، المرجعية الدينية التي تمثلت في الكنيسة ، والدنيوية التي تمثلت في الاقطاع القروسطي العتيد ، ولقد كانت تلك المصالحة بمثابة تنازل عن الدلالات والمضامين المتجددة التي كان يمكن لفن التصوير الزيتي ان يطالها لولا قوة المرجعيتين والمكانة المركزية التي مثلتها الكنيسة في الحياة الروحية والعقلية للشعب . غير ان هذه الحقيقة لا تخفي بعض ملامح التمرد ، او التواري الابداعي الذي سلكه بعض الفنانين الكبار وخاصة الفنان الفلورنسي ليوناردو دافنشي ومجايله مايكل انجلو بافاروتي ، وقبلهم رافائيل . لقد وضع الثلاثة الكبار ملامح فن التصوير النهضوي ( الرينيسانس ) وبسطوا اذرعاً ممتدة على مدى تاريخ الفن التشكيلي الانساني المعروف ، مما لايتسع المقال للوقف على تفاصيل تفاصيله . واستمرت الحالة النهضوية الإحيائية حتى تخوم القرن الثامن عشر عندما بدأت تباشير مدرسة واقعية تتحرك قدماً باتجاه البحث عن مفردات أكثر تماساً بالحياة ، بدلا من مفردات المثال الاول الذي ناء بظلاله الوافرة على فنون عصر الاحياء ( الرينيسانس ) ، تاليا تقدمت قوافل الفنانين المتمازجين مع الاختراعات العلمية وثورة المواصلات البحرية والاستكشافات الجغرافية الكبيرة ، كيما يقدموا لنا تسجيلا هائلا وواقعيا لملامح الحياة وتفاصيلها في تلك الايام الغابرة من القرن الثامن عشر الميلادي ، ولقد حازت المنطقة العربية على نصيبها الوافر من التوثيق التصويري الفني سواء بالالوان الزيتية العتيدة أم بالألوان المائية والأحبار السوداء مما نجد له شواهد كبيرة في اطالس الفن العالمي . ومن محاسن الاقدار وحسن الفطنة ان قام الشيخ الدكتور/ سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الاعلى للاتحاد .. حاكم الشارقة باقتناء كم وافر من أعمال المستشرقين التي امتدت من القرن الثامن عشر و حتى تخوم القرن العشرين وسجلت احوال الزمان والمكان في العالم العربي ، حيث قام الفنانون المستشرقون بتصوير المدن والحارات والمساجد والشواهد اليومية والازياء والوجوه وغيرها من عناصر اجتماعية وحياتية تعيد الينا انتاج الماضي بتفاصيله الحية . حتى تلك الايام الخوالي كان الفنان يستفيد من هوامش اساسية لحرية التعبير بالرغم من المقاصد الدراسية والبحثية التي كمنت وراء حركة الاستشراق والتوثيق الفني ، فما حصل من طرف الفنانين الراكزين كان اشبه بالانخطاف و العشق العارم للمشرق ، مما باعد تعبيراتهم عن الاهداف المتوخاة من قبل المراكز والمؤسسات التي أرادت توظيف الفن لصالح الرسالة السياسية المحددة [email protected]