- أمين الوائلي .. - منذ الانهيار الصخري المأساوي في قرية الظفير بمحافظة صنعاء والصحف المحلية، على اختلافها، تواصل اكتشافاتها «المذهلة».. بحيث لايكاد يمر أسبوع إلا وتطلع علينا صحيفة بخبر عن قرية يمنية مهددة بانهيار صخري، أو أخرى تكاد تدهمها كتل صخرية آيلة للانهيار والسقوط من علٍ. - ومايميز هذه الحملة، أو الظاهرة الإعلامية الجديدة هو أنها لم تصبح حكراً على فريق أو إتجاه إعلامي بعينه كما في غالبية القضايا أو التناولات العامة والخاصة، بل إن موضوع «الإنهيارات الصخرية» وحد الصحف والصحافيين على اختلاف الاتجاهات والمسميات: رسمية، حزبية، سلطة ومعارضة، فالجميع لديهم قصص خبرية وأهلية وتقارير متشابهة عن انهيارات محتملة، «استغاثات» لا آخر لها من الأهالي في مناطق وقرى مترامية هنا وهناك بخصوص مخاطر انهيارات صخرية محتملة تهدد قراهم ومنازلهم. - وأسأل بصدق، وأتساءل باندهاش: هل لابد من كارثة كهذه توحد الخطاب الإعلامي لدى الفرقاء في الساحة؟ بمعنى أن أهل المهنة لاتوحدهم إلا الكوارث والمصائب!! وكل يستغلها بالطريقة التي ترضي توجهه. - ما أريد مناقشته هنا هو المفارقة الصاخبة في كون الصحف والصحافيين لايملكون سبيلاً إلى اكتشاف قضية واحدة تهم المجتمع عموماً والمجتمعات المحلية على وجه الخصوص إلا بعدما تحدث مصيبة أو مأساة.. فيكون عملهم بالتالي ردة فعل لا أكثر، واستمراراً لاستدعاء ذات العنوان والقضية وتعميمها على مناطق ومحافظات مختلفة، تماماً كما حدث، ولايزال يحدث مع عنوان وخطر الانهيارات الصخرية في تجمعات محلية متباعدة. - قبل ذلك.. لانعرف أن صحيفة حزبية أو رسمية أو أهلية أو خاصة قد حدث وتطرقت إلى موضوع أو خطر الكتل الصخرية والانهيارات المحتملة على سكان القرى الواقعة في المرتفعات الجبلية الشاهقة أو بمحاذاة الكتل الصخرية التي تتهدد السكان بالانهيار والتدحرج. لكن.. ما ان حدث انهيار قرية «الظفير» حتى سارع الجميع إلى الاشتغال بالموضوع وتوسيعه ومكاثرة حالاته ومظاهره لتعم الخارطة الجغرافية والسكانية في البلاد بطولها وعرضها. وما أود التأكيد عليه هو أن الصحافة، في هذه الحالة لم تعد صاحبة أفضلية أو سبق من أي نوع.. ولكنها تخلت عن تلك القيم والوظائف الحيوية، وأمست باحثة لاهثة وراء ردود الأفعال المترتبة على الفعل أو الحدث ذاته، وإلا فما معنى أن يخلو عملها على الدوام وطوال المراحل السابقة من أي إشارة أو موضوع يناقش قضية خطيرة كهذه؟ وفقط حضرت الإشارات والمواضيع لاحقاً وعقب انهيار «الظفير»؟! - وأكاد أتوجس خيفة من المبالغات الصحافية التي ربما ذهبت إلى اختراع أخطار محدقة وحالات انهيارات محتملة هنا وهناك! إذ لايخلو الأمر من «خبيط» مهني يجازف كثيراً في التعامل مع موضوع الانهيارات الصخرية.. بحيث يختلق اشكالات زائدة قد لاتكون موجودة بالفعل ولاوجود لها في أرض الواقع الجغرافي.. اللهم إلا حمى المزايدة ومكاثرة القلق والرعب في أوساط الأهالي، نكاية بالدولة ليس إلا!! - في جميع الأحوال.. لم يكن انهيار قرية الظفير «سبقاً» ولاهو أيضاً «خبطة» الموسم.. فالمسألة لاتحتمل المكايدات أو المتاجرة بالموضوع لحسابات قد لايبررها شيء من الإثارة أو الاجتهاد المجازف. والسؤال الأهم هو: هل، حقاً، اكتشف الصحافيون اليمنيون فجأة.. أن بلادهم متوزعة التضاريس وأن هناك تجمعات سكانية هائلة وكبيرة موزعة على خارطة شاسعة بين جبال وهضاب وأودية وسهول ومرتفعات جبلية؟! هل حقاً لم يكن أحد من الصحافيين يعلم أو يعرف أن الأرياف في بلادنا متناثرة القرى والتجمعات البشرية والسكانية.. وأن جزءاً كبيراً من القرى والمديريات هي في الحقيقة والواقع مصنوعة في قلب التضاريس الصعبة والقمم الشاهقة.. وتستظل بعضها بالصخور والجبال؟! - لا أقول إن القضية ليست مهمة أو لا تستحق المناقشة والخدمة الإعلامية، وما أقوله وأراه هو أن هناك ارتجالاً واضحاً في التعامل مع الملف، وربما انجرف البعض إلى «انهيارات» موضوعية في رسالته الصحافية والإعلامية.. بحيث يختلق خطراً مزعوماً أو كارثة محتملة لاوجود لشواهدها في الواقع. - هناك من يتسرع ويبالغ في إثارة قضايا وتحذيرات من هذا النوع.. وفي المحصلة هناك من يرعب ويخوف الأهالي والسكان دونما حاجة أو مصداقية.. ولابأس في تحري الشواهد والظواهر على الأرض، إنما هناك دائماً خط فاصل بين «الخبطة» وبين «الخبيط» شكراً لأنكم تبتسمون. Ameen101@ maktoob.com