- د. عمر عبد العزيز .. الأصل في ظواهر الوجود أنها موصولة بالموسيقى الكونية .. أي بالتوازن الذي جعله الله طابعاً أساسياً لكل تلك الظواهر منذ أن خلق الكون ومن عليه. نأخذ العبرة من قول الحق عز وجل : ( كانتا رتقاً ففتقناهما) فالكون الذي نعرف ليس إلا جزءاً يسيراً منه ، منذ ان كان سديماً حتى جاءت كلمة الحق (كن) فدار السديم دورة استمرت منذ ذلك الحين إلى يومنا هذا والى ما شاء الله . لقد جاءت الحركة الميكانيكية النابعة من أمره عز وجل (كن) بمثابة إشارة حاسمة للتوازن حيث ان السديم أو " العماء الأول " كان يتشكّل من طاقة كهربائية موجبة واخرى سالبة، وعندما جاءت الحركة بالأمر الإلهي نشأ ما يُعرف في الفيزياء بقوتي الجذب والطرد .. تلك القوتين اللتين شكلتا الأكوان المعروفة وخاصة ما نعرفه مباشرة في إطار المنظومة الشمسية التي نحن جزء منها. هذه الحقيقة الاستنتاجية الذوقية تؤكد أن منظومة القوانين التي تحكم الوجود مستمدة من ذات النظام العام الذي جاء بأمر من الحق وحمل في دواخله ما يمكن تسميته بموسيقى الوجود حيث تراتب الأدوار، واختلاف الليل والنهار، وتبادل المواقع، والفتق والرتق، وتوالي الساعات والايام ضمن ناموس محدد. هذه الاستنتاجات ليست محكومة بقراءات عقلية أو اجتهادات فكرية فحسب، بل إنها أيضاً نوع تأمل واسترشاد بالمنظومة العامة التي تجلي لنا قوانين السماء وحكمة الخالق. فالنشوء الأول على أساس انتقال من الرتق إلى الفتق يعني أن الإشارة الإلهية " كن " أدّت إلى نشوء الحركة الدائرية التي سمحت بالانتقال من حالة السديم العائم إلى التماسك المحكوم بقوتي الجذب والطرد وما استتبعها من تشكّلات مثالها الأرض حيث تكوّنت البحار والجبال والأخاديد وأصبحت دورة الأرض اليومية والسنوية بمثابة المؤشر لتلك الحركة المموسقة التي تجلي لنا ما نراه من شواهد سواء في الأشهر والفصول أو اليوم الواحد بايقاعاته المختلفة .. وعلى هذا يمكن قياس بقية الكواكب والأقمار حيث يكون لكل كوكب يومه الخاص ولكل قمر طبيعته الخاصة . قال تعالى :«وان يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون " ، فاليوم ليس مفهوماً محصوراً بتواريخنا وساعاتنا الأرضية بل انه مفتوح على آماد الكون الواسع الذي ينتظمه ناموس اكبر جاء بأمر من الحق ويسير وفق مشيئته إلى يوم معلوم[email protected]