- حركة واسعة في البيع والشراءوتطلعات لإجازة عيدية سعيدة - شبوة/عبدالواحد سيف أيام وليال مضيئة ومتلألئة تتراقص على سماء وفوق أديم وبين أزقة وحواري وقرى ومضارب بدو شبوة وضحكات تتناثر هنا وهناك توزعها فرحة مقدم عيد الأضحى المبارك وخيام «سوداء تتجول بين الملبوسات والمصوغات الذهبية تتفحص البضائع التي تناسبها وأسواق تستند على صدرها أقدام المتسوقين وزقات عسل تتناثر على ضفتي الرصيف عارضة نفسها للأسر الشبوانية وغير الشبوانية كوجبة رئيسية لايمكن الاستغناء عنها سواءً مع المعصوبة أو غيرها، البهجة تتوالد وتتناسل متقاطرة من الوجوه البريئة المغمورة بالسعادة واستريوهات الطرب تصدح بأنغامها في كل أذن فتذوب المدينة في رقصات لا إرادية ساحرة والليل لم يغمض له عين تداعبه طيور الحبور المرفرفة في أفيائه لكن ذلك لم يفت على عيون صحيفة الجمهورية..وألتقت ببائعين ومشترين، ومتجولين وألقت عليهم بعض الأسئلة كلها تدور حول العيد وطقوسه المختلفة. ارتجال أبيات شعرية الأخ/علي أحمد الجنيدي أجاب قائلاً بعد أن أشرقت ابتسامته العيدية من خلال ملامحه: منذ بداية شهر ذي الحجة، والزوامل والأشعار ترتجل في مديرية نصاب خصوصاً مع اجتماعنا بالأهل والأقارب الذين أتوا من بلاد الاغتراب المختلفة لقضاء عيد الأضحى في مساقط رؤوسهم ومع إشراقة كل يوم من أيام العشر يتجمع الرجال على برحاء عبدان في حلقة دائرية وكل واحد يرتجل أبياتاً شعرية بدوية يكمل البقية على قافيتها حتى إذا كان يوم العيد وبعد الفراغ من ذبح الأضاحي يتجه الجميع زرافات ووحدانا إلى هذه البرحاء للتعبير عن كل مايختلج في صدورهم من مشاعر وتستمر هذه الطقوس لبضعة أيام تالية..وأضاف قائلاً: لقد أتيت إلى مدينة عتق لغرض شراء تيوس العيد واقتناء الملبوسات المتوفرة بشكل ملفت للنظر في السوق وإن كان سعرها يشتعل ناراً لكن لابد أن نتجاوز هذا حتى تكتمل للعيد فرحته خصوصاً على وجوه الأطفال الأبرياء الذين لاتنعكس الفرحة إلا على وجوههم حتى تتسرب إلى قلوبنا نحن الكبار وأختتم حديثه قائلاً: أمنية أتمنى من الله العلى القدير أن يعيد إلينا حُجاجنا بالسلامة والثواب حتى تكون الفرحة فرحتين وترتفع الأهازيج الرنانة التي ترافق مقدمهم مثل تلك التي رافقتهم أثناء سفرهم إلى الحج بل وأشد، مع العلم أن طقوس استقبال الحجيج ووداعهم لايمكن أن ترقى إلى مستواها أي طقوس لما تحمل في طياتها من «لوعة الفراق، وضحكات اللقاء. الأعياد..المتنفس الوحيد للحرية أما الأخت/نجلاء سالم أحمد فقد كان لها تعبيرها الخاص بهذه المناسبة الدينية حيث ابتدأت حديثها بالقول: طبعاً الأعياد هي المتنفس الوحيد لحرياتنا التي تتقوقع مسجونة طول العام بين جدران صماء معزولة لذا فإنني أنتظر مثل هذه المناسبة بفارغ الصبر حتى أتماهى بلذة في هذا السوق العتيق مستغلة الزمن بذرات ثوانيه وشظايا دقائقه محاولة اختلاق الأعذار لأهلي بأنني لم أجد الملبس الأنيق الذي يناسبني حتى أتسنم أكبر قدر من الحياة المتواثبة وأضافت متمنية: الا ليت أيام الزمان كلها أعياد لأنها الوسيلة الوحيدة التي تحطم قيود المراقبة الجلفة إذ ماقيمة الحياة التي لاتتجاوز عتبة المنزل ثم اختتمت حديثها بالقول: ان الأمل المتدفق من وراء الأفق يبشر بالخير للمرأة اليمنية بشكل عام والشبوانية بشكل خاص خصوصاً بعد أن تبوأت المرأة مناصب مرموقة اثبتت من خلالها جدارتها وحطمت تلك النظرة الخاطئة في تخلفها. حذاقة الزبائن الأخ/ناجي الجماعي صاحب محل أقمشة لم يبخل علينا بمعلوماته التجارية رغم ازدحام المشترين حيث قال: الحمد لله الاقبال لابأس به وان كان أقل منه في السابق قبل بضعة سنوات، وكل مايحتاجه المواطن متوفر في السوق وتعد الأعياد للتاجر أي تاجر بمثابة موسم إن مايسبب لنا الحرج معظم الأحيان هو أن بعض الزبائن يأتي متحلفاً يفحص السلعة ويظنك البائع الصابر ثم يخرجون معتقدين أننا نحن لانريد البيع، وكأنهم يدخلون السوق لأول مرة لكننا مع تقادم السنين تعلمنا اختزال كافة الطبائع المختلفة . ثم اختتم حديثه: قائلاً: لقد اضحى اقبال النساء لاقتناء الأقمشة المناسبة لأذواقهن يكاد أن يتساوى مع الرجال برغم أنه في السابق وقبل بضعة سنوات لم يكن عدد المتسوقات يتجاوز عدد الأصابع وهذا بحد ذاته دليل على تحضر المرأة الشبوانية وفهمها لموضة العصر. اسقني عسل جردان قبالة عمارة ذيبان التأريخية المزروعة في قلب عتق بعملقتها وابداعها وزخرفتها وتزاحم السياح حولها تنشر متاجر العسل الجرداني الممتاز الذي تغنى به شاعر الحب حسين أبوبكر المحضار وترنم به فناننا الكبير أبوبكر بلفقيه.. التقينا بالأخ/محمد أبوبكر محمد ذيبان فحدثنا قائلاً: العسل الجرداني لايمكن أن يستغني عنه فرد كونه الدواء الفتاك لكثير من الأمراض والاقبال عليه ملفت للنظر بل ان الكثير من العرب يأتون إلى هنا لاقتنائه وهو ليس متعلقاً بموسم عيد أو غيره لكنه مرتبط بكل المواسم وكل الشهور فهو الهدية اللائقة التي يقدمها صديق لصديقه وقريب لقريبه بل ومحب لمحبه وهو المفتاح الوحيد للصحة والوقاية من الأمراض وله منافع كثيرة تحدث عنها القرآن ولايمكن أن يستغني عنها أحد من الناس وأضاف مفسراً: كثيرة هي الوجبات التي يعد العسل عمودها الفقري، وتعتمد عليه كثير من الوجبات بشكل اساسي كالعشاء مع العلم أنه يرافق الغداء والصبوح. الثروة الحيوانية تدعم الاقتصاد الوطني ووسط زحمة السوق وصخبه وضوضائه حدثنا الأخ علي صالح سالم بائع أغنام بفرح غامر يتجاوز حدود الفرح العادي قائلاً: «وأما بنعمة ربك فحدث..» البيع عال العال والاقبال يكاد أن يصل إلى أعلى قمة هرمه ونحن نترزق الله صباح مساء وليل نهار والأضاحي متوفرة في السوق لكل غني وفقير وبلادنا والحمد لله غنية بالثروة الحيوانية التي أعتقد أنها تدفع الاقتصاد إلى الحد الكبير والموضع اللائق، وهذا بحد ذاته ساعدنا كثيراً على الاستفادة منها.. وأضاف مختتماً حديثه: السوق في حركة دائبة وهذه العشرة الأيام المباركة هي المحرك الوحيد له وكل ماأتمناه أن يزداد الاهتمام بالثروة الحيوانية حتى نستطيع الاكتفاء ذاتياً دون الحاجة إلى استيراد اللحوم من البلاد الخارجية. ذهبيات وفضيات لم يكتف العيد أن يرسم بفرشاته على الملامح والشوارع والأزقة والسماء بل تجاوزها إلى المتاجر والدكاكين المختلفة ومنها على سبيل المثال الذهب والفضة التي أزهرت بمسحته التي أضفاها عليها وحدثنا عنها سعيد عوض أحمد قائلاً: العيد ذهب والذهب عيد والأخير يتجاوز الأول وجمهور النساء بإقبالهن يضفين على العيد عيداً آخر وعلى الذهب ذهباً آخر وبهذه التمازجات تنتج سعادة وفرحة خصوصاً وأن المرأة الشبوانية تشكل لها الحلي نوعاً من الوقاية ضد الشياطين بالاضافة إلى اكتمال الأنوثة والشعور بها ورغم ارتفاع أسعار الذهب وانخفاضها فإن هذا لايشكل عائقاً أمام الزبائن بل على العكس فالبعض اتخذ من هذه السلعة زينة ومدخرات يستغلها عند الحاجة واختتم حديثه بالقول: لقد أضفى العيد ذهباً على ذهب وحباً على حب حتى الفضيات عليها اقبال يكاد أن يقترب من الاقبال على الذهب. العيد من خاف يوم الوعيد وقبل مغادرتي نبض السوق لفت انتباهي سيارة على متنها ملابس عيد ولعب أطفال، وتيس يملأ ثغاؤه الآذان، فتقدمت من صاحبها الأخ/عبدالله حسن عقيل السيد، وألقيت عليه بعض الأسئلة التي أجاب عليها: العيد ليس من لبس الجديد ولكن من خاف يوم الوعيد، وماهذه الأشياء إلا مجرد تفاهات تملأ فراغ الإنسان وتسعد أطفالاً جاء العيد من أجلهم ومن أجل أولئك الحجيج الذين قصدوا الله سبحانه وتعالى للتكفير عن سيئاتهم إن شاء أن يعودا بخير وأضاف مختتماً حديثه: وشبوة باتساع مساحاتها المترامية الأطراف تشهد تنوعاً في الاحتفالات التي تولد مع كل مناسبة ومناسبة العيد واستقبال الحجيج لها نمطها الخاص وأهازيجها ومواويلها الرنانة ولكل مناسبة شعارات يحتفى بها. ولنا كلمة أثناء مغادرتي شوارع مدينة عتق المبتسمة كان كل شيء يناديني للتحدث معه..بائعو الساعات والمفترشون ثنايا الرصيف الذين يزاحمون السيارات والمارة، وبائعو دبات العسل،ومخرزو الأحذي،وصوالين الحلاقة والمقاهي المكتظة بالزحام وعالم المعاوز الرائعة.. كل شيء..كل شيء كان ديناديني ووراء لسانه سيل من الأحاديث والقصص والعبارات وكل واحد يريد أن يسرد كل مافي جعبته عن هذه الفرحة العيدية..ملامح صحراوية آتية من بعيد، وعباءات بدوية تخفي وراءها عيون أكثر فصاحة من الألسنة لكن لسان حالي كان يردد سوف القاكم في مناسبة قادمة.