- د. عمر عبد العزيز هذا العنوان استقيته من كتاب قديم قرأته منذ عقود من الزمن . وكان للمؤرخ الكاتب حبيب جاماتي الذي ينتمي لجيل النهضة والتنوير الأول في العالم العربي . اقصد الفترة التي تلت انقشاع الحكم العثماني وبداية التواصل الكبير مع اوروبا وانبعاث الروح الإحيائية النهضوية في صفوف الأمة . في ذلك الكتاب الهام دلل جاماتي على القيمة الخارقة والاستثنائية لحضارة الإسلام التي أنجزت مالم تنجزه الإمبراطوريات والممالك السابقة عليها، وخاصة لجهة التوجه بقلب مفتوح وعقل مثابر تجاه كل الأنساق والقيم الثقافية باستيعابها وتمثلها وصهرها في إطار القيم الإسلامية دون مغالبة أو إلغاء للاخر . قال جاماتي ..إن ما حدث في بلدان الفتوحات الإسلامية امر لاسابق له فقد استعربت تلك البلدان وأسلمت فيما مازجت تراثها الخاص بالتعليم الإسلامي حتى أصبحنا أمام هوية واحدة تمتد من الماء إلى الماء . هذه المعجزة لم تحدث من ذي قبل لأن العرب الفاتحين لم يأتوا ليحلوا محل الشعوب الأصلية بل ليتمازجوا معها مع تقديم النموذج المثالي في السلوك والسماحة والتعايش . ذات القيم استمرت ما بعد الفتوحات بسنوات طويلة حيث انتشر الاسلام في العمقين الآسيوي والإفريقي ووصل إلى قلب اوروبا مما جعل المسلمين أول ديانة في العالم من حيث عدد معتنقيها .. كما ان الدين الحنيف استمر بقوة الدفع الصاعدة طوال فترات الانكسارات والاستعمارات والهيمنة وهو ما أدى الى ان يكون الاسلام ثاني اكبر الديانات في الولايات المتحدة واوروبا .. والعجيب ان متوالية الاعتناق للاسلام في تزايد بالرغم من الهجمة الكارثية الشاملة التي تلت احداث سبتمبر .. وهنالك الآن اهتمام كبير من قبل مراكز العلم والأبحاث والدراسات العالمية بإعادة التعرف على تعاليم الإسلام ودراسة فقه الشريعة وصولاً إلى استجلاء الميزات التي جعلت مليارات البشر يعتنقون الإسلام دون قسر أو ترغيب أو ترهيب . ما قاله المؤرخ حبيب جاماتي يتجلى الساعة واللحظة ويقدم الدليل الساطع على منعة الدين الاسلامي وقوته المعنوية التي تتواتر بالرغم من الخبو والتلاشي الملحوظ للديانات الاخرى .. فاليهودية بطبيعتها دين جماعة اختارت العزلة والعنصرية وكراهية الآخرين .. والمسيحية على مافيها من قيم إرشادية وتعاليم أخلاقية تتناقص تأثيراً حتى ان الكنائس تشكو من محدودية زائريها في أيام الآحاد من كل أسبوع . لقد رأيت ذلك في العديد من المدن الاوروبية التي هجرت الكنيسة ولم يعد الشباب يجد أي وقت للذهاب مرة واحدة في الاسبوع فيما نجد العكس تماما في ذات المدن الاوروبية التي تقيم بعض الصلوات لعدة مرات نظرا لازدحام المساجد . ألا يدل هذا على أهمية مراجعة الذات العربية الإسلامية باستجلاء كوامنها العبقرية الموصولة بالإسلام أيضا معرفة وجه الخلل الكبير الذي حاق بالديانات الاخرى حتى نتيقن بأننا نتوازن روحاً وجسداً فيما يتآكل الآخرون لأنهم استبعدوا المثال واسلموا قيادهم للدنيا وزينتها [email protected]