مثَّلت مصر مركز العطاء في ثقافة الإحياء النهوضي، فيما تماهت المنطقة العربية من المحيط إلى الخليج في المساهمة الكبيرة على هذا الدرب، في مصر كان أحمد شوقي وحافظ إبراهيم والبارودي محطات شعرية مؤكدة في هذا الباب، وبالمقابل كان زكي نجيب محمود وعبدالرحمن بدوي رموزاً مهمة في التثاقف مع التاريخ والآخر الإنساني من خلال إسهاماتهم الفلسفية الناجزة، وعلى درب التاريخ حضر محمد حسين هيكل وحبيب جاماتي وعلي أحمد باكثير. وفي العالم العربي توازت الرموز الإحيائية مع رحابة الجغرافيا الثقافية العربية المتجددة، حيث سمعنا أصواتاً مهمة شعرياً، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر: أبو القاسم الشابي التونسي، وعبدالله البردوني، وعبدالعزيز المقالح اليمانيان، ومحمد مهدي الجواهري العراقي، والأخطل الصغير اللبناني. وهنالك أسماء كثيرة كان لها إسهامها البالغ في النصوص السردية والتراثية والفكرية مما لسنا بصد تعدادهم في هذه العجالة. لقد كان لثقافة الإحياء أهمية بالغة تتجاوز مجرد استدعاء النموذج التاريخي المجيد، والشاهد أن الاستدعاء للماضي الشعري والنثري انطوى على مراجعة ومُناجزة إبداعية لقامات الثقافة التاريخية العربية، فيما ارتقى إلى تفاعل مُؤكد مع الثقافات الإنسانية، ما يمكن استجلاؤه عند طه حسين والعقاد والمازني، وسلامة موسى، وعلى سبيل المثال لا الحصر. أقول هذا الكلام للتدليل على أن ثقافة الإحياء النهضوي ليست مجرد تقليد للماضي كما يزعم الاستيهاميون المنخطفون بكل غريب عابر، بل سبب للتملُّك المعرفي والجمالي لأفضل ما في الماضي، بالتوازي مع التواشج المؤكد مع الثقافات الإنسانية، والأوروبية منها على وجه التحديد. نحن بحاجة إلى استدعاء القيم المعرفية الجمالية التي توازت مع تلك المرحلة المهمة من تاريخ الثقافة العربية، لأن هذا الاستجلاء سيضع النقاط على الحروف حول أهمية مرحلة الإحياء النهضوي التي ترافقت مع الحلم الألفي للعرب، والذين مازالوا يحلمون بمجد طال انتظاره. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك