عرفت الأستاذ العربي الجزائري «عياش يحياوي» كزميل مهنة في الصحافة الثقافية، فيما جمعتنا سلسلة من اللقاءات والمناقشات الضافية التي أومأت بجملتها الى أزمنة الإبداع والتاريخ والخصوصية العربسلامية، وخلال سنوات التناص الدلالي المعرفي قرأت له سلسلة من الكتابات الثقافية الشاملة، ووقفت على إصداراته المتنوعة، وخاصة تلك التي أصّلت مفاهيمياً الآداب الشعبية والتراثية في الإمارات العربية المتحدة في توكيد آخر على واحدية المعنى والمبنى في تاريخ العرب، وأذكر أنه أهداني قبل حين شريطاً غنائياً فولكلورياً من صحراء الجزائر، وخلال استماعي للشريط تبيّنت لي تلك الأواصر الكبيرة التي تجمع ثقافة الصحراء العربية، ومدى تواشجها مع أنساق ثقافية متنوعة، كما لو أن الصحراء كانت بمثابة جسر عبور كبير، بل بحر متلاطم الأمواج ركبه الأقوام بنوقهم وجمالهم، وتهادت فيها الأعراف والتنويعات التعبيرية عن الأنا الوجودية الرائية لما وراء الوجد. ولا أنسى في هذا التطواف العاجل عند تخوم الصديق «عيّاش يحياوي» الإشارة إلى مساهماته الثرية في العديد من الملتقيات والندوات، وكيف أنه يتقدّم على خُطى السفر الدؤوب في دروب الضنى والتعب. ما لفت نظري في ثقافة كوكبة من القامات والأسماء المغاربية أنها أصبحت تمثل بجملتها رافداً كبيراً من روافد الثقافة العربية المتواشجة مع الفرنكفونية.. لكن هذا التواشج يأتي لصالح العربية حتى إننا نفاجأ بسرديات ونصوص شعرية تنتمي إلى مغاربة العرب وترتقي ببيانها، وتتجشّم دروب التنويع الأسلوبي والبحثي بطريقة شيّقة. حقاً إن شفرات الثقافة لا تنمحي مهما طالت الأزمنة وتكاثرت المؤثرات ، بل العكس فالمؤثرات تقوي الانتماء وترويها بدماء جديدة وآفاق متجددة.