استمراراً للمواسم الثقافية المتواترة التي ترعاها دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة كانت أيام الثقافة السودانية تعميقاً للرسالة، واستسباراً لبُعد ثقافي عروبي وإنساني حيث اشتملت تلك أيام الثقافة السودانية على أمسيات شعرية ومحاضرات وعروض فولكلورية وتشكيلية وليال فنية يتجول فيها الحضور في مرابع الفنون السودانية ذات الأنساق المتعددة، فيما تزدهي الشارقة الحاضنة بحلة قشيبة من التفاعل والتعارف والتواشجات الفكرية والفنية من خلال الحضورالمشارك وبيئة الإبداع المتواصل مع السودان الثقافي . هذا التقليد الذي يترسخ تباعاً في العطاء الثقافي المؤسسي للشارقة يثمر الكثير لأنه يعيدنا الى ذاكرة الاستجلاء المعرفي والجمالي للثقافات العربية والانسانية المختلفة. في عام 2005م تم اختيار الخرطوم عاصمة للثقافة العربية لما تُمثله السودان من عمق ثقافي عربي يجسد التواشج مع الأفريكانية الثقافية، ويحيل الوعاء العربي الحاضن لتلك الثقافة الجامعة إلى فضاءات للإبداع والتعبير الأكثر سعةً وشمولاً . السودان الثقافي العربي بهذا المعنى، تعبير آخر عن عبقرية الزمن الإبداعي الإنساني الذي لا يعتدّ بالقالب التعبيري اللغوي فحسب، بل أيضا بالدلالات والحوامل الإبداعية والانزياحات الفكرية والثقافية الشاملة. السمة الأفريكانية الأكثر وضوحاً في ثقافة أهل السودان ليست غائبة في بقية البلاد العربية كحقيقة تاريخية واقعية بقدر غيابها المفهومي عند بعض الدوائر القارئة لطبيعة الثقافة العربية، ولهذا السبب فإن استعادة الخرطوم الثقافي لهذه السمة تنبيه ضمني لحقيقة “ مُغيّبة “ في كل العالم العربي، الأمر الذي يعتلي بالقيمة المعنوية الدلالية للخرطوم كعاصمة للثقافة العربية حيث كانت الفعاليات والنشاطات الثقافية التي تواترت على مدى العام وشملت كامل البانوراما الثقافية السودانية تعبيراً مُكثّفاً عن هذه الحقيقة الموضوعية سودانياً وعربياً أيضاً . وفي أيام الثقافة السودانية بالشارقة تعود نفس الاعتبارات وتنفسح الآفاق على أنساق الثقافة والفنون بتنوعها وثرائها الحمّال لأوجه السودان المتعدد ثقافياً والموحد في التناص الإبداعي الإنساني .