عرفت الأستاذ عياش يحياوي كزميل مهنة في الصحافة الثقافية، فيما جمعتنا سلسلة من اللقاءات والمناقشات الضافية التي أومأت بجملتها الى أزمنة الإبداع والتاريخ والخصوصية العربسلامية، وخلال سنوات التناص الدلالي المعرفي قرأت له سلسلة من الكتابات الثقافية الشاملة، ووقفت على اصداراته المتنوعة، وخاصة تلك التي أصّلت مفاهيمياً الآداب الشعبية والتراثية في الامارات العربية المتحدة في توكيد آخر على واحدية المعنى والمبنى في تاريخ العرب، وأذكر أنه أهداني قبل حين شريطاً غنائياً فولكلورياً من صحراء الجزائر، وخلال استماعي للشريط تبيّنت لي تلك الأواصر الكبيرة التي تجمع ثقافة الصحراء العربية، ومدى تواشجها مع أنساق ثقافية متنوعة، كما لو أن الصحراء كانت بمثابة جسر عبور كبير، بل بحر متلاطم الأمواج ركبه الأقوام بنوقهم وجمالهم، وتهادت فيها الأعراف والتنويعات التعبيرية عن الأنا الوجودية الرائية لما وراء الوجد. ولا أنسى في هذا التطواف العاجل عند تخوم الصديق «عيّاش يحياوي» الاشارة إلى مساهماته الثرية في العديد من الملتقيات والندوات، وكيف أنه يتقدّم على خُطى السفر الدؤوب في دروب الضنى والمعاني. تذكرني هواجس عياش الصحراوية بذات الحالة عند الروائي العربي الكبير ابراهيم الكوني، فالصحراء هنا ليست دلالة ثبات بل تحول، ومعارج الصحراء تتسع لتجليات الوجود، وتتقاسم هذه المعارج سلالمها الموسيقية مع الأنا الرائية والمتوجّدة مما ينشر ألواناً زاهية، وظلالاً ممتدة، وآفاقاً بسعة الرمال وتقلباتها.