خسائر في صفوف قوات العمالقة عقب هجوم حوثي مباغت في مارب.. واندلاع اشتباكات شرسة    من هو اليمني؟    الكشف عن حجم المبالغ التي نهبها الحوثيين من ارصدة مسئولين وتجار مناهضين للانقلاب    نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    هاري كاين يحقق الحذاء الذهبي    نافاس .. إشبيلية يرفض تجديد عقدي    صحيفة إماراتية تكشف عن "مؤامرة خبيثة" لضرب قبائل طوق صنعاء    نهائي نارى: الترجي والأهلي يتعادلان سلباً في مباراة الذهاب - من سيُتوج بطلاً؟    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    صحفي: صفقة من خلف الظهر لتمكين الحوثي في اليمن خطيئة كبرى وما حدث اليوم كارثة!    الكشف عن أكثر من 200 مليون دولار يجنيها "الانتقالي الجنوبي" سنويًا من مثلث الجبايات بطرق "غير قانونية"    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    لحوثي يجبر أبناء الحديدة على القتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    تقرير برلماني يكشف تنصل وزارة المالية بصنعاء عن توفير الاعتمادات المالية لطباعة الكتاب المدرسي    القبائل تُرسل رسالة قوية للحوثيين: مقتل قيادي بارز في عملية نوعية بالجوف    "لا ميراث تحت حكم الحوثيين": قصة ناشطة تُجسد معاناة اليمنيين تحت سيطرة المليشيا.    التفاؤل رغم كآبة الواقع    اسعار الفضة تصل الى أعلى مستوياتها منذ 2013    حملة رقابية على المطاعم بمدينة مأرب تضبط 156 مخالفة غذائية وصحية    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب إلى 35 ألفا و386 منذ 7 أكتوبر    وزارة الحج والعمرة السعودية تطلق حملة دولية لتوعية الحجاج    وفد اليمن يبحث مع الوكالة اليابانية تعزيز الشراكة التنموية والاقتصادية مميز    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    بمشاركة 110 دول.. أبو ظبي تحتضن غداً النسخة 37 لبطولة العالم للجودو    طائرة مدنية تحلق في اجواء عدن وتثير رعب السكان    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    الهلال يُحافظ على سجله خالياً من الهزائم بتعادل مثير أمام النصر!    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السينما اليمنية .. هل تجاوزت عنق الزجاجة
بعد النجاح العالمي لفلم ( يوم جديد في صنعاء )
نشر في الجمهورية يوم 17 - 02 - 2007

المخرج بدر بن الحرسي يعد لفيلم جديد ويؤكد: لهذه الأسباب كان نجاح الفيلم عالمياً! بعد خطفه جائزة «أفضل فيلم عربي» في الدورة «29» لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي 2005م..واصل فيلم «يوم جديد في صنعاء القديمة» عروضه في أكثر من ثلاثين مهرجاناً حصد فيها خلال العامين الماضيين ست جوائز عالمية توجت بفوزه في الآونة الأخيرة بجائزة «المشاهد العربي» كأحسن فيلم عربي بتصويت الجمهور في مهرجان الفيلم الدولي في العاصمة الأمريكية «واشنطن» في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الفائت..مازاد من دهشة متابعي رحلة نجاح هذا الفيلم الذي يعد باكورة إنتاج السينما اليمنية. لكن بقدر ماكانت الدهشة إزاء هذا النجاح كان التساؤل: ماذا بعد الباكورة؟.. من سيعمل على تكرار التجربة؟ وهل نجاح التجربة الأولى كافٍ لإقناع قطاع الأعمال والحكومة في اليمن ليسهموا في تمويل تجارب سينمائية جديدة تؤسس للسينما في اليمن؟ أم أن الأمر مازال بحاجة إلى إصرار من يملكون مشروعاتهم السينمائية، أمثال مخرج فيلم «يوم جديد في صنعاء القديمة» المخرج البريطاني اليمني الأصل بدر بن الحرسي، الذين عليهم أن يتحملوا عناء المواجهة في سبيل الخروج بمشروعاتهم إلى النور متجاوزين كل المعوقات معتمدين على سعيهم الدؤوب لتوفير كلفة الإنتاج، ملتزمين كل التفصيلات الإنتاجية بالمواصفات الاحترافية العالمية للخروج بفيلم قادر على المنافسة العالمية.. وإذا كان الأمر كذلك، فهل نجاح التجربة الأولى كافٍ لإقناع أصحاب هذه المشروعات بتحمل تبعات المواجهة والخروج بمشروعاتهم من دوائر الإحباط؟.. لقراءة هذه النقطة كان لابد من تقديم صورة جانبية لرحلة إنتاج هذا الفيلم وهي رحلة مر فيها بمخاض عسير بدءاً من محطة تشكله كجزء لايتجزأ من مشروع الفنان..وهي النقطة المفصلية التي سنأتي لتناولها لاحقاً بعد استعراض رحلة المشكلات وفلسفة النجاح التي صاغها مخرج الفيلم.. مر الفيلم بمشكلات عديدة، أولها كانت مشكلة تمويل إنتاجه، فصناعة فيلم فكرة جديدة على الحكومة وقطاع الأعمال في اليمن، وهو بلد لاتاريخ له في صناعة السينما، وبالتالي فقد كانت مهمة المخرج في الحصول على تغطية لتكاليف الإنتاج مهمة صعبة للغاية، حيث أمضى المخرج قرابة عامين لإقناع قطاع الأعمال وبعض مؤسسات الحكومة بقيمة هذا العمل، إلى أن تمكن في النهاية من الحصول على التمويل المطلوب البالغة كلفته حسب المخرج 4.1 مليون دولار. انتهى تصوير الفيلم في مارس/آذار من العام 2004 بعد أكثر من 60 يوماً قضاها المخرج مع نحو 20 فنياً ومختصاً سينمائياً من دول عربية وأوروبية، ومايزيد على 70 ممثلاً أجنبياً ويمنياً داخل منازل وأزقة مدينة صنعاء القديمة.. لكن المصاعب لم تكن قد انتهت..فثقافة المجتمع اليمني التي ماتزال تنظر إلى رواد دور السينما باعتبارهم منحلين أخلاقياً، عكست نفسها بشكل أكثر قسوة بمجرد معايشة تصوير فيلم سينمائي.. فما إن بدأ التصوير حتى بدأ اللغط يثار من هنا وهناك، وماتسبب في تعرض الفيلم لانتقادات واسعة بما فيها اتهام الفيلم بالإساءة إلى عادات وتقاليد المجتمع وتصوير مشاهد جنسية إلى حد اتهام مخرج الفيلم بالعمل لحساب الموساد والمخابرات الأمريكية..وهو اللغط الذي شاركت فيه الصحف المحلية وخطباء المساجد حتى أدخل الفيلم إلى مجلس النواب الذي شكل لجنة برلمانية لمراجعة مشاهده..وعلى الرغم من حجم المصاعب والمعوقات التي كادت تقضي على مشروع هذا الفيلم في كل مرحلة من مراحل إنتاجه، فقد استطاع المخرج وطاقمه تجاوز كل تلك الصعوبات والمعوقات والخروج بالفيلم إلى العالم ليسجل حضوراً سينمائياً يمنياً رائداً في العديد من المهرجانات العالمية، منافساً فيها أفلاماً أنتجتها أسماء ومؤسسات كبيرة، فائزاً بعدد من الجوائز التي جعلته محط دهشة سينمائية عالمية خلال العامين الماضيين، حقق فيهما الفيلم ماكان قد تحدث به مخرجه في أثناء تصويره، وهو ماكان يستغربه بعضهم حينها ويرى فيه مبالغة كبيرة من المخرج. وهنا يتذكر كاتب السطور ماقال له المخرج قبل الانتهاء من تصوير الفيلم في نهاية عام 2003م: «الكثير قبل عرض الفيلم يستغرب حديثي عن مشاركة فيلم سينمائي يمني في مهرجانات دولية، وحتى بعض هذه المهرجانات عندما اتفقت معها على المشاركة وأبدت موافقتها ورغبتها بمعرفة المزيد عن اليمن، كنت أعرف أنها تنظر بإقلال لما سوف يكون عليه مستوى الفيلم المقبل من هذا البلد..لكن الجميع بعد المشاهدة سيصابون بالدهشة لأنهم سيجدون أنفسهم أمام فيلم من الدرجة الأولى». بعد أن حقق الفيلم سلسلة المشاركات والنجاحات العالمية كان لابد من سؤال مخرجه بدر بن الحرسي: هل كانت هذه المشاركات والنجاحات هي التي كنت تتصورها عند الإنتاج؟..وهو السؤال الذي طرحه كاتب السطور على المخرج حيث هو موجود حالياً في أبوظبي لإخراج برنامج «شاعر المليون» لمصلحة تلفزيون أبوظبي..فأجاب بثقة:«نعم كنت أتوقع هذا النجاح، فالفيلم الروائي السينمائي «يوم جديد في صنعاء القديمة» تم إنجازه بشكل جيد وفق مواصفات وآليات عمل سينمائية عالمية.. وقد شاركت به في نحو 30 مهرجاناً سينمائياً في كل أنحاء العالم خلال العام الماضي وكانت الآراء عنه في الصحف العالمية مدهشة» لكن المخرج بدر بن الحرسي لم يتوقع ردة الفعل المدهشة التي أحدثها الفيلم بشكل عام..وأوضح في سياق حديثه إلى مجلة «دبي الثقافية»: «نحن حصدنا نحو ست جوائز، لكني لم أكن أتوقع ردة الفعل المدهشة التي أحدثها الفيلم، والتي لمستها لدى الجمهور ولدى النقاد والسنيمائيين ولدى الجميع..وكان المدهش أكثر أن صنفتني صحيفة نيويورك تايمز في مرتبة الخمسة نجوم.. يبدو أن العالم قد أحب الفيلم كثيراً..ونتيجة لهذا فقد بدأنا بعرضه في دور العرض في الولايات المتحدة وسننزله إلى الأسواق في مطلع 2007 على أقراص دي في دي». ü وماالأسباب التي حقق بها الفيلم هذا النجاح وحسم كثيراً من المنافسات لمصلحته؟ باختصار هو الالتزام في إنتاجه وإخراجه بالمقاييس الاحترافية السينمائية العالمية، ومن أجل ذلك استقدمنا طاقماً تقنياً من بلدان شتى يتمتع بمهارات عالية، فيما تم إحضار معدات ومستلزمات صنع الفيلم من بيروت، وجميعها كانت تحت إشراف أياد وخبرات تدريبية عالمية.. بمن فيهم الممثلون الذين وصل عددهم إلى سبعين ممثلاً معظمهم من اليمن، باستثناء الممثل الايطالي «ماتيوس» الذي لعب دور المصور النمساوي إضافة إلى الممثلة اللبنانية دانيا حمود التي اخترناها لتشابه ملامحها مع ملامح إحدى فتيات قصة الفيلم، التي لم نجد من الممثلات اليمنيات من تشبهها لتقوم بدورها. يعد فيلم «يوم جديد في صنعاء القديمة» أول تجربة للمخرج في السينما الروائية، فهو منذ تخرج في جامعة لندن بالماجستير في الإخراج الدرامي منذ أكثر من عشر سنوات وهو يمارس عمله في إخراج الأفلام الوثائقية لدى العديد من القنوات، أبرزها : القناة البريطانية الرابعة وال (b.b.c) وقناة (m.b.c)، وحققت أفلامه نجاحاً كبيراً بما فيها فيلم «الشيخ الإنكليزي والجنتلمان اليمني» الذي فاز بجائزة أفضل مخرج بمهرجان قناة الجزيرة للشاشة العربية.. والمتتبع لتجربته في السينما الوثائقية سيلاحظ أن جميع أفلامه تصب في التعريف بالعرب والمسلمين لدى الغرب..وحسب «الحرسي» فإن اتجاهه من إخراج الأفلام الوثائقية إلى إخراج الأفلام الروائية كان استشعاراً منه بدوره كيمني وعربي ومسلم في توظيف مهاراته في تصحيح الصورة التي ارتسمت لدى الغرب عن العرب والمسلمين بمن فيهم اليمنيون، وهي صورة رسمتها وسائل الإعلام الغربية وخاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وعايشها المخرج بحكم إقامته منذ طفولته في أوروبا..ولذا اختار السينما الوثائقية، ومن ثم اتجه من السينما الوثائقية إلى السينما الروائية باعتبار جمهورها أكبر وأوسع..يقول المخرج: حاول الفيلم تقديم صورة عصرية وواقعية لحياة الناس في اليمن من خلال مجتمع صنعاء القديمة بثقافة إنسانها وجمال طبيعتها وروعة معمارها وثراء موروثها الحضاري والتاريخي العالميين..على تلك الخلفية انطلقت أحداث الفيلم عبر دراما رومانسية تبين التناقض بين القيم القديمة والحديثة، وتتعامل مع الممارسات التقليدية في مواضيع مثل: الحب، الطبقية، عادات الأعراس اليمنية، وارتداء الحجاب..كل ذلك في ثنايا قصة تتم داخل مدينة صنعاء القديمة خلال يوم واحد يشهد أحداثاً بالغة التعقيد تروى بعيون مصور نمساوي دون بعضها في صور للمشاركة بها في معرض بلندن، وبينما هو يقوم بشرح تلك الصور في أثناء العرض، تبدأ بالكاميرا بالدخول إلى الصور فتتحول إلى مشاهد متحركة تسرد مضامين الفيلم خلال ساعة ونصف الساعة. فنان المشروع نفهم مما سبق أن الفنان بدر بن الحرسي «مخرج الفيلم» لم يأت إلى هذا الفيلم من فراغ، فهو «صاحب مشروع» ولأنه كذلك فقد تحمل في سبيله مواجهة كثير من الصعوبات ولم ينل منه اليأس والاحباط، بل بسلاح مشروعه انتصر على كل المعوقات ونال ماأراد من نتائج..والمتتبع لحكايا التأسيس للبدايات الناجحة للسينما في كثير من دول العالم، بما فيها السينما في الولايات المتحدة، يجدها تجلت عن مشروعات أفراد قادوها إلى ماصارت إليه من صناعة يعي دورها كل فرد في المجتمع، فنجد الفرد في هذه المجتمعات صار مستعداً لدفع مبالغ باهظة يقتطعها من دخله الشهري لمشاهدة فيلم جديد..بمعنى أن التأسيس الحقيقي للسينما في اليمن لن يتم من خلال نجاح هذه التجربة..مالم تدفع هذه التجربة بتجارب أخرى تكرس النجاح وتعزز نهج التغيير.. وماالذي يمنع التجارب الأخرى من أن تبرز إلى النور مادامت التجربة الأولى قد أكدت لمن يملكون مشروعات مماثلة أن بإمكانهم أن يحققوا ويترجموا مشروعاتهم، وبإمكان مشروعاتهم متى ماالتزمت مواصفات احترافية أن تنافس عالمياً..وبخصوص تكاليف التمويل باعتبارها المشكلة الأولى فبإمكان الفنان «صاحب المشروع» أن يحصل على تمويل إنتاج مشروعه متى ماتجاوز قوقعة الإحباط وتسلح بإصرار مستمد من قناعاته بفرادة تجربته وسلامة أهدافها وإمكانات نجاحها..فهذه القناعات كفيلة بأن تدفع الفنان «صاحب المشروع» للخروج إلى النور مواجهاً ومتجاوزاً كافة المعوقات، ومساهماً فاعلاً في التأسيس للإنتاج السينمائي في بلد لاعهد له بالسينما. لكن هناك من يسأل: كيف نؤسس لصناعة سينما في بلد لم تقم فيه حتى اليوم صناعة لأي فن من الفنون، وفي مقدمتها المسرح الذي لايزال يتأرجح بين الحضور المريض للمسرح باعتباره تجربة، والغياب المؤسسي للمسرح باعتباره حركة؟ يؤكد باحثون أن المسرح اليمني، على الرغم مما يعانيه،قد أفرز العناصر التي يمكن أن يعتمد عليها في الإنتاج المسرحي والدرامي والسينمائي.. مشيرين في هذا العدد الكبير من الممثلين والفنيين المهرة الذين يتعطشون للنهوض بفعل فني مؤسسي .. وشهد بهذا مخرج فيلم «يوم جديد في صنعاء القديمة» الذي أكد أن الممثلين اليمنيين على مستويات عالية من التفاعل والقابلية للتطوير والتكيف السريع لإنجاز فعل فني يضاهي مايقدمه غيرهم من الفنانين الكبار.. ولعل تجربتهم في الفيلم الأول كافية للتدليل على هذه النقطة. نخلص إلى أن نجاح التجربة الأولى في السينما الروائية اليمنية في التأسيس لحضور سينمائي يمني قابل للحياة، يستدعي نجاح تجارب أخرى تسرع في استغلال أرضية النجاح الأول وترجمة مشروعاتها، وكلمة مشروعاتها أضع تحتها عشرة خطوط ، باعتبار «فنان المشروع» هو الذي يعول عليه في صناعة النجاح الحقيقي والولادة الحقيقية والحضور الحقيقي.. ولأن فنان المشروع هو«فنان المبادرة» فهو الأجدر برعاية المولود وكفالته حتى يصير شاباً. لكن في ظل بقاء الفنان مستسلماً منتظراً محبطاً فإن لا شيء مما ذكرناه آنفاً سيتحقق .. فالوعي المجتمعي تجاه السينما لايزال قاصراً، وفي مثل هذا الوضع فإن خطوات التأسيس لإنتاج سينمائي يمني ستكون صعبة.. وهكذا وضع يتطلب لمواجهته إصرار اًو قناعات،وهما شرطان لايحملهما إلا المشروع السينمائي..ما يجعل البحث مفتوحاً عن فنان لهذا المشروع.. بمعنى أن «فنان المشروع» هو ما تتطلبه كل الفنون في اليمن،بما فيها السينما، لتواصل مشوارها متجاوزة كل المعوقات التي اعترضت طريق مشروع المخرج بدر بن الحرسي في كل مراحل إنتاج فيلمه «يوم جديد في صنعاء القديمة» وإن كادت تلك المعوقات تصيب الحرسي بالتشاؤم والاحباط والاحجام عن تكرار التجربة،
وهو ما صرح به على هامش أحد المهرجانات، حيث قال لوسائل الإعلام :إن فيلم «يوم جديد في صنعاء» ربما يكون آخر فيلم يمني .. «فقد نوقش فيلمي داخل البرلمان اليمني وتدخلوا في النص وقطعوا مشاهد كثيرة منه، وأظن أن أي مخرج آخر لن يستمر مثلما استمررنا نحن، فقد لايكون لديه الصبر الكافي» .. لكن حلاوة النجاح الذي حققه الفيلم كانت كفيلة بالقضاء على تشاؤمه الذي تحول كما قال في حديثه إلى«دبي الثقافية» إلى تفاؤل .. مؤكداً هذه المرة أن أول فيلم روائي يمني لن يكون آخر فيلم يمني، بل سيتواصل من خلال مشروعه ومن خلال مشروعات غيره من الفنانين الينميين:« أشعر بفخر كبير لأني قادر على مساعدة بلادي / اليمن، ولأن بلادي صارت محط أنظار الكثير من الناس في العالم بعد مشاهدة أول فيلم روائي» .. وأضاف:«في العام الماضي التقيت الكثير من اليمنيين وعرباً آخرين، وأيضاً من جنسيات أخرى من الذين أحبوا فيلم «يوم جديد في صنعاء القديمة» ماجعلني فخوراً جداً باعجابهم ورغبتهم بأن أستمر.. وعما يجب أن يقدمه للسينما اليمنية في سبيل تعزيز حضورها قال :«أحب أن أعمل الكثير عن اليمن، لكن كما تعلم فإن التصوير في اليمن ليس سهلاً.. دائماً مايكون هناك أناس يجعلون من العمل صعباً جداً،وعلى الرغم من ذلك فأنا أحاول أن أساعد بلادي، ولذا سأواصل» كاشفاً عن بعض تفصيلات فيلمه الجديد: «أنا الآن أعمل على فكرة فيلم جديد وهي فكرة مدهشة ورائعة.. لكن لا أستطيع أن أقول الكثير عنه، إلا أنه فيلم ضخم وقصته تاريخية وميزانيته كبيرة» وقال إنه سيبدأ تصويره في خريف 2007م في كل من:حضرموت «اليمن» وصوري وظفار «عمان» وأبوظبي في الإمارات العربية المتحدة، إضافة إلى لندن.. وقال أيضاً إنه يستكمل دراسة فكرة هذا الفيلم الذي سيكون أكبر وأضخم إنتاجاً من الفيلم الأول، مع استكمال كافة الترتيبات خلال إقامته الحالية في أبو ظبي، وأعرب المخرج ابن الحرسي عن أمله في أن يمثل فيلم «يوم جديد في صنعاء» بداية حقيقية ودفعة قوية لايجاد سينما يمنية تسهم في التعريف بثقافة اليمن وحضارة العرب والمسلمين ..لكن مثل هذا كما يقول يتطلب تكاتف جهود الجميع، والفنانين في المرتبة الأولى، في سبيل الارتقاء بوعي المجتمع تجاه أهمية السينما ودور الفنون في تطور الشعوب.. مؤكداً أن صناعة السينما في مجتمعات العالم الثالث تتطلب أن يدرك الفنانون أن عليهم تقع المسؤولية الأولى في التأسيس لهذا الفن وإزالة كافة المعوقات التي تحول دون حضوره من خلال مشروعاتهم الفردية أو الجماعية، والسعي إلى ترجمتها على الأرض بإصرار تهون في سبيله التضحيات..!

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.