صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    العرادة والعليمي يلتقيان قيادة التكتل الوطني ويؤكدان على توحيد الصف لمواجهة الإرهاب الحوثي    حكومة صنعاء تمنع تدريس اللغة الانجليزية من الاول في المدارس الاهلية    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السينما اليمنية .. هل تجاوزت عنق الزجاجة
بعد النجاح العالمي لفلم ( يوم جديد في صنعاء )
نشر في الجمهورية يوم 17 - 02 - 2007

المخرج بدر بن الحرسي يعد لفيلم جديد ويؤكد: لهذه الأسباب كان نجاح الفيلم عالمياً! بعد خطفه جائزة «أفضل فيلم عربي» في الدورة «29» لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي 2005م..واصل فيلم «يوم جديد في صنعاء القديمة» عروضه في أكثر من ثلاثين مهرجاناً حصد فيها خلال العامين الماضيين ست جوائز عالمية توجت بفوزه في الآونة الأخيرة بجائزة «المشاهد العربي» كأحسن فيلم عربي بتصويت الجمهور في مهرجان الفيلم الدولي في العاصمة الأمريكية «واشنطن» في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الفائت..مازاد من دهشة متابعي رحلة نجاح هذا الفيلم الذي يعد باكورة إنتاج السينما اليمنية. لكن بقدر ماكانت الدهشة إزاء هذا النجاح كان التساؤل: ماذا بعد الباكورة؟.. من سيعمل على تكرار التجربة؟ وهل نجاح التجربة الأولى كافٍ لإقناع قطاع الأعمال والحكومة في اليمن ليسهموا في تمويل تجارب سينمائية جديدة تؤسس للسينما في اليمن؟ أم أن الأمر مازال بحاجة إلى إصرار من يملكون مشروعاتهم السينمائية، أمثال مخرج فيلم «يوم جديد في صنعاء القديمة» المخرج البريطاني اليمني الأصل بدر بن الحرسي، الذين عليهم أن يتحملوا عناء المواجهة في سبيل الخروج بمشروعاتهم إلى النور متجاوزين كل المعوقات معتمدين على سعيهم الدؤوب لتوفير كلفة الإنتاج، ملتزمين كل التفصيلات الإنتاجية بالمواصفات الاحترافية العالمية للخروج بفيلم قادر على المنافسة العالمية.. وإذا كان الأمر كذلك، فهل نجاح التجربة الأولى كافٍ لإقناع أصحاب هذه المشروعات بتحمل تبعات المواجهة والخروج بمشروعاتهم من دوائر الإحباط؟.. لقراءة هذه النقطة كان لابد من تقديم صورة جانبية لرحلة إنتاج هذا الفيلم وهي رحلة مر فيها بمخاض عسير بدءاً من محطة تشكله كجزء لايتجزأ من مشروع الفنان..وهي النقطة المفصلية التي سنأتي لتناولها لاحقاً بعد استعراض رحلة المشكلات وفلسفة النجاح التي صاغها مخرج الفيلم.. مر الفيلم بمشكلات عديدة، أولها كانت مشكلة تمويل إنتاجه، فصناعة فيلم فكرة جديدة على الحكومة وقطاع الأعمال في اليمن، وهو بلد لاتاريخ له في صناعة السينما، وبالتالي فقد كانت مهمة المخرج في الحصول على تغطية لتكاليف الإنتاج مهمة صعبة للغاية، حيث أمضى المخرج قرابة عامين لإقناع قطاع الأعمال وبعض مؤسسات الحكومة بقيمة هذا العمل، إلى أن تمكن في النهاية من الحصول على التمويل المطلوب البالغة كلفته حسب المخرج 4.1 مليون دولار. انتهى تصوير الفيلم في مارس/آذار من العام 2004 بعد أكثر من 60 يوماً قضاها المخرج مع نحو 20 فنياً ومختصاً سينمائياً من دول عربية وأوروبية، ومايزيد على 70 ممثلاً أجنبياً ويمنياً داخل منازل وأزقة مدينة صنعاء القديمة.. لكن المصاعب لم تكن قد انتهت..فثقافة المجتمع اليمني التي ماتزال تنظر إلى رواد دور السينما باعتبارهم منحلين أخلاقياً، عكست نفسها بشكل أكثر قسوة بمجرد معايشة تصوير فيلم سينمائي.. فما إن بدأ التصوير حتى بدأ اللغط يثار من هنا وهناك، وماتسبب في تعرض الفيلم لانتقادات واسعة بما فيها اتهام الفيلم بالإساءة إلى عادات وتقاليد المجتمع وتصوير مشاهد جنسية إلى حد اتهام مخرج الفيلم بالعمل لحساب الموساد والمخابرات الأمريكية..وهو اللغط الذي شاركت فيه الصحف المحلية وخطباء المساجد حتى أدخل الفيلم إلى مجلس النواب الذي شكل لجنة برلمانية لمراجعة مشاهده..وعلى الرغم من حجم المصاعب والمعوقات التي كادت تقضي على مشروع هذا الفيلم في كل مرحلة من مراحل إنتاجه، فقد استطاع المخرج وطاقمه تجاوز كل تلك الصعوبات والمعوقات والخروج بالفيلم إلى العالم ليسجل حضوراً سينمائياً يمنياً رائداً في العديد من المهرجانات العالمية، منافساً فيها أفلاماً أنتجتها أسماء ومؤسسات كبيرة، فائزاً بعدد من الجوائز التي جعلته محط دهشة سينمائية عالمية خلال العامين الماضيين، حقق فيهما الفيلم ماكان قد تحدث به مخرجه في أثناء تصويره، وهو ماكان يستغربه بعضهم حينها ويرى فيه مبالغة كبيرة من المخرج. وهنا يتذكر كاتب السطور ماقال له المخرج قبل الانتهاء من تصوير الفيلم في نهاية عام 2003م: «الكثير قبل عرض الفيلم يستغرب حديثي عن مشاركة فيلم سينمائي يمني في مهرجانات دولية، وحتى بعض هذه المهرجانات عندما اتفقت معها على المشاركة وأبدت موافقتها ورغبتها بمعرفة المزيد عن اليمن، كنت أعرف أنها تنظر بإقلال لما سوف يكون عليه مستوى الفيلم المقبل من هذا البلد..لكن الجميع بعد المشاهدة سيصابون بالدهشة لأنهم سيجدون أنفسهم أمام فيلم من الدرجة الأولى». بعد أن حقق الفيلم سلسلة المشاركات والنجاحات العالمية كان لابد من سؤال مخرجه بدر بن الحرسي: هل كانت هذه المشاركات والنجاحات هي التي كنت تتصورها عند الإنتاج؟..وهو السؤال الذي طرحه كاتب السطور على المخرج حيث هو موجود حالياً في أبوظبي لإخراج برنامج «شاعر المليون» لمصلحة تلفزيون أبوظبي..فأجاب بثقة:«نعم كنت أتوقع هذا النجاح، فالفيلم الروائي السينمائي «يوم جديد في صنعاء القديمة» تم إنجازه بشكل جيد وفق مواصفات وآليات عمل سينمائية عالمية.. وقد شاركت به في نحو 30 مهرجاناً سينمائياً في كل أنحاء العالم خلال العام الماضي وكانت الآراء عنه في الصحف العالمية مدهشة» لكن المخرج بدر بن الحرسي لم يتوقع ردة الفعل المدهشة التي أحدثها الفيلم بشكل عام..وأوضح في سياق حديثه إلى مجلة «دبي الثقافية»: «نحن حصدنا نحو ست جوائز، لكني لم أكن أتوقع ردة الفعل المدهشة التي أحدثها الفيلم، والتي لمستها لدى الجمهور ولدى النقاد والسنيمائيين ولدى الجميع..وكان المدهش أكثر أن صنفتني صحيفة نيويورك تايمز في مرتبة الخمسة نجوم.. يبدو أن العالم قد أحب الفيلم كثيراً..ونتيجة لهذا فقد بدأنا بعرضه في دور العرض في الولايات المتحدة وسننزله إلى الأسواق في مطلع 2007 على أقراص دي في دي». ü وماالأسباب التي حقق بها الفيلم هذا النجاح وحسم كثيراً من المنافسات لمصلحته؟ باختصار هو الالتزام في إنتاجه وإخراجه بالمقاييس الاحترافية السينمائية العالمية، ومن أجل ذلك استقدمنا طاقماً تقنياً من بلدان شتى يتمتع بمهارات عالية، فيما تم إحضار معدات ومستلزمات صنع الفيلم من بيروت، وجميعها كانت تحت إشراف أياد وخبرات تدريبية عالمية.. بمن فيهم الممثلون الذين وصل عددهم إلى سبعين ممثلاً معظمهم من اليمن، باستثناء الممثل الايطالي «ماتيوس» الذي لعب دور المصور النمساوي إضافة إلى الممثلة اللبنانية دانيا حمود التي اخترناها لتشابه ملامحها مع ملامح إحدى فتيات قصة الفيلم، التي لم نجد من الممثلات اليمنيات من تشبهها لتقوم بدورها. يعد فيلم «يوم جديد في صنعاء القديمة» أول تجربة للمخرج في السينما الروائية، فهو منذ تخرج في جامعة لندن بالماجستير في الإخراج الدرامي منذ أكثر من عشر سنوات وهو يمارس عمله في إخراج الأفلام الوثائقية لدى العديد من القنوات، أبرزها : القناة البريطانية الرابعة وال (b.b.c) وقناة (m.b.c)، وحققت أفلامه نجاحاً كبيراً بما فيها فيلم «الشيخ الإنكليزي والجنتلمان اليمني» الذي فاز بجائزة أفضل مخرج بمهرجان قناة الجزيرة للشاشة العربية.. والمتتبع لتجربته في السينما الوثائقية سيلاحظ أن جميع أفلامه تصب في التعريف بالعرب والمسلمين لدى الغرب..وحسب «الحرسي» فإن اتجاهه من إخراج الأفلام الوثائقية إلى إخراج الأفلام الروائية كان استشعاراً منه بدوره كيمني وعربي ومسلم في توظيف مهاراته في تصحيح الصورة التي ارتسمت لدى الغرب عن العرب والمسلمين بمن فيهم اليمنيون، وهي صورة رسمتها وسائل الإعلام الغربية وخاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وعايشها المخرج بحكم إقامته منذ طفولته في أوروبا..ولذا اختار السينما الوثائقية، ومن ثم اتجه من السينما الوثائقية إلى السينما الروائية باعتبار جمهورها أكبر وأوسع..يقول المخرج: حاول الفيلم تقديم صورة عصرية وواقعية لحياة الناس في اليمن من خلال مجتمع صنعاء القديمة بثقافة إنسانها وجمال طبيعتها وروعة معمارها وثراء موروثها الحضاري والتاريخي العالميين..على تلك الخلفية انطلقت أحداث الفيلم عبر دراما رومانسية تبين التناقض بين القيم القديمة والحديثة، وتتعامل مع الممارسات التقليدية في مواضيع مثل: الحب، الطبقية، عادات الأعراس اليمنية، وارتداء الحجاب..كل ذلك في ثنايا قصة تتم داخل مدينة صنعاء القديمة خلال يوم واحد يشهد أحداثاً بالغة التعقيد تروى بعيون مصور نمساوي دون بعضها في صور للمشاركة بها في معرض بلندن، وبينما هو يقوم بشرح تلك الصور في أثناء العرض، تبدأ بالكاميرا بالدخول إلى الصور فتتحول إلى مشاهد متحركة تسرد مضامين الفيلم خلال ساعة ونصف الساعة. فنان المشروع نفهم مما سبق أن الفنان بدر بن الحرسي «مخرج الفيلم» لم يأت إلى هذا الفيلم من فراغ، فهو «صاحب مشروع» ولأنه كذلك فقد تحمل في سبيله مواجهة كثير من الصعوبات ولم ينل منه اليأس والاحباط، بل بسلاح مشروعه انتصر على كل المعوقات ونال ماأراد من نتائج..والمتتبع لحكايا التأسيس للبدايات الناجحة للسينما في كثير من دول العالم، بما فيها السينما في الولايات المتحدة، يجدها تجلت عن مشروعات أفراد قادوها إلى ماصارت إليه من صناعة يعي دورها كل فرد في المجتمع، فنجد الفرد في هذه المجتمعات صار مستعداً لدفع مبالغ باهظة يقتطعها من دخله الشهري لمشاهدة فيلم جديد..بمعنى أن التأسيس الحقيقي للسينما في اليمن لن يتم من خلال نجاح هذه التجربة..مالم تدفع هذه التجربة بتجارب أخرى تكرس النجاح وتعزز نهج التغيير.. وماالذي يمنع التجارب الأخرى من أن تبرز إلى النور مادامت التجربة الأولى قد أكدت لمن يملكون مشروعات مماثلة أن بإمكانهم أن يحققوا ويترجموا مشروعاتهم، وبإمكان مشروعاتهم متى ماالتزمت مواصفات احترافية أن تنافس عالمياً..وبخصوص تكاليف التمويل باعتبارها المشكلة الأولى فبإمكان الفنان «صاحب المشروع» أن يحصل على تمويل إنتاج مشروعه متى ماتجاوز قوقعة الإحباط وتسلح بإصرار مستمد من قناعاته بفرادة تجربته وسلامة أهدافها وإمكانات نجاحها..فهذه القناعات كفيلة بأن تدفع الفنان «صاحب المشروع» للخروج إلى النور مواجهاً ومتجاوزاً كافة المعوقات، ومساهماً فاعلاً في التأسيس للإنتاج السينمائي في بلد لاعهد له بالسينما. لكن هناك من يسأل: كيف نؤسس لصناعة سينما في بلد لم تقم فيه حتى اليوم صناعة لأي فن من الفنون، وفي مقدمتها المسرح الذي لايزال يتأرجح بين الحضور المريض للمسرح باعتباره تجربة، والغياب المؤسسي للمسرح باعتباره حركة؟ يؤكد باحثون أن المسرح اليمني، على الرغم مما يعانيه،قد أفرز العناصر التي يمكن أن يعتمد عليها في الإنتاج المسرحي والدرامي والسينمائي.. مشيرين في هذا العدد الكبير من الممثلين والفنيين المهرة الذين يتعطشون للنهوض بفعل فني مؤسسي .. وشهد بهذا مخرج فيلم «يوم جديد في صنعاء القديمة» الذي أكد أن الممثلين اليمنيين على مستويات عالية من التفاعل والقابلية للتطوير والتكيف السريع لإنجاز فعل فني يضاهي مايقدمه غيرهم من الفنانين الكبار.. ولعل تجربتهم في الفيلم الأول كافية للتدليل على هذه النقطة. نخلص إلى أن نجاح التجربة الأولى في السينما الروائية اليمنية في التأسيس لحضور سينمائي يمني قابل للحياة، يستدعي نجاح تجارب أخرى تسرع في استغلال أرضية النجاح الأول وترجمة مشروعاتها، وكلمة مشروعاتها أضع تحتها عشرة خطوط ، باعتبار «فنان المشروع» هو الذي يعول عليه في صناعة النجاح الحقيقي والولادة الحقيقية والحضور الحقيقي.. ولأن فنان المشروع هو«فنان المبادرة» فهو الأجدر برعاية المولود وكفالته حتى يصير شاباً. لكن في ظل بقاء الفنان مستسلماً منتظراً محبطاً فإن لا شيء مما ذكرناه آنفاً سيتحقق .. فالوعي المجتمعي تجاه السينما لايزال قاصراً، وفي مثل هذا الوضع فإن خطوات التأسيس لإنتاج سينمائي يمني ستكون صعبة.. وهكذا وضع يتطلب لمواجهته إصرار اًو قناعات،وهما شرطان لايحملهما إلا المشروع السينمائي..ما يجعل البحث مفتوحاً عن فنان لهذا المشروع.. بمعنى أن «فنان المشروع» هو ما تتطلبه كل الفنون في اليمن،بما فيها السينما، لتواصل مشوارها متجاوزة كل المعوقات التي اعترضت طريق مشروع المخرج بدر بن الحرسي في كل مراحل إنتاج فيلمه «يوم جديد في صنعاء القديمة» وإن كادت تلك المعوقات تصيب الحرسي بالتشاؤم والاحباط والاحجام عن تكرار التجربة،
وهو ما صرح به على هامش أحد المهرجانات، حيث قال لوسائل الإعلام :إن فيلم «يوم جديد في صنعاء» ربما يكون آخر فيلم يمني .. «فقد نوقش فيلمي داخل البرلمان اليمني وتدخلوا في النص وقطعوا مشاهد كثيرة منه، وأظن أن أي مخرج آخر لن يستمر مثلما استمررنا نحن، فقد لايكون لديه الصبر الكافي» .. لكن حلاوة النجاح الذي حققه الفيلم كانت كفيلة بالقضاء على تشاؤمه الذي تحول كما قال في حديثه إلى«دبي الثقافية» إلى تفاؤل .. مؤكداً هذه المرة أن أول فيلم روائي يمني لن يكون آخر فيلم يمني، بل سيتواصل من خلال مشروعه ومن خلال مشروعات غيره من الفنانين الينميين:« أشعر بفخر كبير لأني قادر على مساعدة بلادي / اليمن، ولأن بلادي صارت محط أنظار الكثير من الناس في العالم بعد مشاهدة أول فيلم روائي» .. وأضاف:«في العام الماضي التقيت الكثير من اليمنيين وعرباً آخرين، وأيضاً من جنسيات أخرى من الذين أحبوا فيلم «يوم جديد في صنعاء القديمة» ماجعلني فخوراً جداً باعجابهم ورغبتهم بأن أستمر.. وعما يجب أن يقدمه للسينما اليمنية في سبيل تعزيز حضورها قال :«أحب أن أعمل الكثير عن اليمن، لكن كما تعلم فإن التصوير في اليمن ليس سهلاً.. دائماً مايكون هناك أناس يجعلون من العمل صعباً جداً،وعلى الرغم من ذلك فأنا أحاول أن أساعد بلادي، ولذا سأواصل» كاشفاً عن بعض تفصيلات فيلمه الجديد: «أنا الآن أعمل على فكرة فيلم جديد وهي فكرة مدهشة ورائعة.. لكن لا أستطيع أن أقول الكثير عنه، إلا أنه فيلم ضخم وقصته تاريخية وميزانيته كبيرة» وقال إنه سيبدأ تصويره في خريف 2007م في كل من:حضرموت «اليمن» وصوري وظفار «عمان» وأبوظبي في الإمارات العربية المتحدة، إضافة إلى لندن.. وقال أيضاً إنه يستكمل دراسة فكرة هذا الفيلم الذي سيكون أكبر وأضخم إنتاجاً من الفيلم الأول، مع استكمال كافة الترتيبات خلال إقامته الحالية في أبو ظبي، وأعرب المخرج ابن الحرسي عن أمله في أن يمثل فيلم «يوم جديد في صنعاء» بداية حقيقية ودفعة قوية لايجاد سينما يمنية تسهم في التعريف بثقافة اليمن وحضارة العرب والمسلمين ..لكن مثل هذا كما يقول يتطلب تكاتف جهود الجميع، والفنانين في المرتبة الأولى، في سبيل الارتقاء بوعي المجتمع تجاه أهمية السينما ودور الفنون في تطور الشعوب.. مؤكداً أن صناعة السينما في مجتمعات العالم الثالث تتطلب أن يدرك الفنانون أن عليهم تقع المسؤولية الأولى في التأسيس لهذا الفن وإزالة كافة المعوقات التي تحول دون حضوره من خلال مشروعاتهم الفردية أو الجماعية، والسعي إلى ترجمتها على الأرض بإصرار تهون في سبيله التضحيات..!

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.