لن يجد المعلمون أنفسهم بعد اليوم واقفين نهاية كل شهر في ذلك الطابور المزدحم لاستلام الراتب، كما أن تلك الخصميات التي أصبحت هماً يرافق المعلم عند استلامه كل راتب، لن تستقطع بعد اليوم، وذلك بعد أن أصبحت رواتب المعلمين تصرف بالبطاقة الالكترونية، وعبر مكاتب برنامج "شباب" ابتداءً من شهر فبراير المنصرم، والذي تسلم خلاله أكثر من 17 ألف معلم ومعلمة بأمانة العاصمة رواتبهم من خلال بنك التسليف التعاوني الزراعي.خطوة جديدة جاءت نتاجاً لاتفاق أبرم مؤخراً بين وزارة التربية والتعليم وبنك التسليف، والذي يتولى بدوره صرف مرتبات المعلمين عبر البطاقة الالكترونية عن طريق مكاتب «شباب» التي يستوعب كل مكتب منها ثلاثة موظفين من الشباب الذين كانوا قبل فترة قصيرة عاطلين عن العمل.. عملية صرف المرتبات من هذه المكاتب تمثل نقلة نوعية في تلافي تلك الإجراءات الروتينية التي كانت تصاحب عملية صرف المرتبات في السابق وما كان يصاحبها من تأخير وخصميات.معلمو أمانة العاصمة عبروا بدورهم عن ارتياحهم لهذه الآلية الجديدة لصرف مرتباتهم كونها تسهل عملية الصرف بأسلوب مصرفي حديث مواكب لحركة التقدم والتطور الذي يشهده القطاع المصرفي اليمني سواءً من جانب الخدمات أم الجانب التقني. - حل مناسب وحول هذه التجربة الجديدة يقول الأخ/خالد الأشبط مدير منطقة معين التعليمية: إن عملية تسليم مرتبات المعلمين بواسطة البطاقة الالكترونية تعكس مدى الاهتمام الكبير الذي توليه الدولة بشريحة المعلمين الذين بدورهم سيعكسون فوائد هذه التجربة الحديثة على الطلاب في المدارس، إضافة إلى أن هذه الآلية تعتبر الحل المناسب لتحاشي ذلك التزاحم والوقوف طويلاً أمام طوابير أمناء الصناديق كما كان حاصلاً في السابق.فيما الأخت/سميرة الهندي مديرة مدرسة السلام لن تعاني ومثيلاتها من المعلمات بعد اليوم من مشاق الانتقال نهاية كل شهر إلى إحدى المدارس التي يتم فيها تسليم مرتبات معلمي ومعلمات مجموعة من المدارس، حيث جرت العادة أن يتم صرف مرتبات أربع مدارس في مدرسة واحدة وهو مايكبد المدرسات عناء الانتقال من المدرسة التي يدرسن فيها إلى المدرسة التي تسلم فيها الرواتب لاستلام رواتبهن. - وداعاً للخصميات الأخ/عبدالله النويرة مدير مدرسة الشهيد القردعي يؤكد بأن هذه الآلية الجديدة جيدة جداً، كونها ميسرة للمدرس خاصة إذا ما تم توفير مكاتب للصرف في أماكن متقاربة بحيث لا تتعدى أكثر من مدرستين للمكتب الواحد. ويضيف: إن هذه الخدمة أفضل بكثير وإن كان البعض من المدرسين لم يستوعبها، كونها تجربة جديدة بالنسبة لهم.. ويؤكد أنه مع الأيام سيجد المدرسون أنفسهم أكثر الناس تحمساً لتعميمها على جميع موظفي الدولة.ويؤكد أن هذه الخدمة ستخدم المدرس كثيراً، وأقل ما يمكن قوله إنها ستجنبهم ملاحقة أمين الصندوق نتيجة لتنقلهم بين أكثر من مدرسة لصرف مرتبات المعلمين كما كانت عليه الآلية السابقة.. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن هذه الخدمة ستجعل المدرس غير محتاج لأن يأخذ معه نقوداً نظراً لانتشار نقاط البيع في معظم الأماكن، والتي يستطيع المعلم من خلال البطاقة الالكترونية أن يستخدمها في تسديد ثمن أي سلعة يشتريها بسهولة ويسر.وأضاف: كما أن تحويل صرف المرتب عن طريق البنك الزراعي سيمكن المعلم من الحصول على قروض ميسرة كان من الصعب بالنسبة لنا كمعلمين الحصول عليها إبان نظام صرف المرتبات السابق نظراً لأن الحصول على قرض من أي بنك كان يحتاج من المعلم أو غيره الكثير من الضمانات والشروط التي في الغالب من الصعب الالتزام بها.الأخ/عبدالخالق البدوي مدير مدرسة الحسن أوضح أن هذه الخدمة تخدم المعلم كثيراً سواء من حيث السرعة في استلام راتبه أم من حيث تلافي الخصميات التي كان يمارسها المندوبون الماليون في السابق. - طريقة عصرية وعن مدى استيعاب المعلمين لهذه الخدمة يقول الأخ/عصام علي عوض مدير مكتب شباب بمنطقة مذبح: إنه خلال الشهر الماضي الذي شهد تنفيذ المرحلة الأولى لعملية صرف مرتبات المعلمين عن طريق البطاقة الالكترونية عبر مكاتب «شباب»، كان بعض المعلمين متوجسين من هذه الآلية الجديدة، أما هذا الشهر فقد أدرك الكثير منهم أنها تمثل طريقة عصرية، كما اتضح ذلك من خلال إبقاء الكثير من المعلمين لمرتباتهم في البنك، وسحب ما يحتاجونه فقط، وتأكد للمعلمين أن هذه الخدمة ستمكنهم من الحصول على مميزات البنك سواء من خلال القروض التي يقدمها دون فوائد أم غيرها.ويضيف: إنه خلال هذا الشهر بدأ الكثير من المعلمين بتسديد فواتير الماء والكهرباء والتلفون بواسطة البطاقة دون الحاجة إلى الذهاب إلى مراكز التحصيل كما كان حاصلاً في الماضي. ويؤكد أن الكثير من المعلمين أثناء استلامهم لمرتباتهم من مكاتب شباب، بدوا متفائلين من عدم خصم تلك المبالغ الكسرية التي كانت تخصم من قبل المندوبين الماليين وأمناء الصناديق في السابق دون وجه حق، وبأنها لن تخصم نهائياً، بل ستتراكم في حساب الشخص حتى وإن كانت ضئيلة. - تلاشي الغموض وبالرغم من أن الفكرة من وجهة نظر البعض يشوبها نوع من الغموض في بادئ الأمر، إلا أن هذا الغموض آخذ في التلاشي، فالمعلمون الذين كانوا يذهبون لصرف مرتبهم كاملاً أصبح البعض منهم حالياً لا يسحب من راتبه إلا ما يحتاجه فقط، وهو ما يعني أن أحد أهداف عملية الصرف الالكترونية قد تحقق من خلال الابتعاد تدريجياً عن التعامل النقدي التقليدي والبدء بالتعامل الالكتروني من خلال نقاط البيع المنتشرة في الكثير من المحال التجارية، ومن ناحية أخرى إسهام هذه الخدمة في الحفاظ على العملة المحلية من التلف نتيجة التداول التقليدي خلال عمليات البيع والشراء.خدمة صرف مرتبات المعلمين عن طريق مكاتب الشباب التابعة لبنك التسليف التعاوني الزراعي، وإن كانت تمثل خدمة سيستفيد منها المعلمون في أنحاء الجمهورية بعد أن يكتمل تعميمها، إلا أن هذه الخطوة تمثل نقلة نوعية في القضاء على البطالة وإيجاد فرص عمل للشباب الذين يعمل برنامج شباب التابع لمشروع الصالح للحد من البطالة على توفيرها لهم.وفي هذا الجانب يوضح الأخ/بشار المؤيد المدير التنفيذي للمشروع التابع لمؤسسة الصالح للتنمية الاجتماعية بأن هذا البرنامج سيوفر أكثر من 15 ألف فرصة عمل بحلول نهاية 2009م، كما أن مكاتب الشباب التي تتولى صرف مرتبات المعلمين ستصل إلى 180 مكتباً في أمانة العاصمة وحدها مع نهاية 2007م، كما ستبلغ قرابة ال 1000 مكتب بحسب الخطة عند تعميم الآلية في المرحلة الثانية على مختلف مديريات ومحافظات الجمهورية.المختصون في المجال المصرف الاقتصادي اعتبروا أن خطوة صرف مرتبات المعلمين بواسطة البطائق الالكترونية ستعمل على نشر الوعي بين الناس بأهمية التعامل المصرفي الالكتروني الأمر الذي سينعكس إيجاباً على زيادة الثقة بين البنوك المحلية والمواطنين، ومن ناحية ثانية فإن تولي مكاتب شباب صرف مرتبات المعلمين بيسر وسهولة سيؤدي إلى خلق المزيد من فرص العمل للشباب عن طريق هذا المشروع الكبير الذي يعد أكثر واقعية للتعاطي مع مشكلة البطالة التي تهدد مستقبل الاقتصاد الوطني.