هذا النوع من النقد يتفرع من نقد الفنون على وجه الإجمال باعتبار أن التشكيل جزء أصيل من الفنون البصرية التي من ضمنها المسرح والسينما.. والفرق الأساسي بين التشكيل وبقية الفنون البصرية أنه لا يعتمد على ضروب الكتابة وأنواع الأدب بصورة مباشرة بحيث يمكننا القول : إن الثقافة الشفاهية للفنان التشكيلي تؤثر على رؤيته الفنية ولكن بصورة مضمرة. وإذا كان النقد يعاني إجمالاً من النزعة التقليدية التي تقرأ النوع الأدبي والفني من خلال إعادة تفكيكه تم تركيبه ذهنياً، فإن النقد التشكيلي يعاني من ذات المشكلة مضافاً إليها زيادة النزعة الشفاهية في الثقافة العربية وبمعناها الواسع. وأقصد بالنزعة الشفاهية محدودية حضور الصورة في الفنون الكتابية العربية، فيما يمكن أن نراه على سبيل المثال في الوصفية الأوروبية في القرن التاسع عشر أو في الرواية الأمريكية اللاتينية ذات الطابع الواقعي السحري. والمشكلة الأخرى تكمن في أن الناقد التشكيلي العربي مازال مبتعداً عن علمي جمال الشكل والمضمون، وهذه العلوم تأخذ أبعاداً ضرورية جداً يوماً عن آخر باعتبار أن الفوارق والحواجز بين الأنواع الفنية تذوب تباعاً. لذلك فإن قراءة العمل الفني لابد وأن تضع في الاعتبار تمازج الأنواع الفنية وكذلك حضور الرؤية الفكرية والثقافية والفلسفية. ولا أظن أن للفن الحديث مشروعية حقيقية إن افتقد هذه الرؤية.. كما أعتقد بحزم أن الناقد الباحث عن نموذج ذهني أو مدرسي، إنما يصب في مجرى توقيف الحراك الإيجابي للتطور الفني.. هل لنا أن نقول إذاً بأن فن النقد الشامل للوحة، إنما يرتبط بالقدرة على الإمساك بكيمياء الممازجة الإبداعية للأعمال الفنية وتقديم إبداع على الإبداع؟ [email protected]