في جعبتي الكثير لأنثره، وميضاً في دروب البوح لأسبكه، في أقداح الفراغ المتسكع في فضاءات الكون في جعبتي أطنان من رغيف الكلام الأسير وأطنان أخرى من خبز براءتي ونكوصي في جعبتي آهات خانقة وحديث تالف يخنقني صبح مساء في جعبتي مليون قصيدة تتضور جوعاً، تسعون ألف شاعر يحنطون جثمان روائيٍ أعيته اللحظة. يشيعون تابوت صحافي منكسر حد الهشاشة في جعبتي صداعٌ ريفي أغبر وملايين الطعنات وخز غائر وسراديب للبؤس الهادر والأنات في جعبتي سوق ليلي للبؤساء ساحات عامة للفتيات النعساوات والبشر المغضوب عليهم فيها أيضاً، مكتبة للجوع كشك هرمي صحفٌ ومجلات في جعبتي أكاديمية لعلوم الرفس فقاسة وهم وكائنات هلوسة في جعبتي بعض حمير لاتفهم شيئاً مما يتقنه الآخر لاتدرك شيئاً لاتعرف شيئاً تجهل حتى معنى «شيئاً» تسافر دوماً مثقلة بالقرب في جعبتي مسامات للويل وثقوب نجاسه شرايين نازفه بأسيد الكلام تحرق حيناً تفكد حيناً، وحيناً آخر،تغرق في جعبتي أمبراطورية للبعساس والهرفته بعض ولايات ولهى وأقاليم تخثر في جعبتي صمتٌ واجم فوضى عابثة ومجون في جعبتي فنان أصلع راقصة ملساء، فرقة «جاز» رائعة ومجانين بالجملة في جعبتي مطر متساقط وهتون من هذيان دائم شاشات للأوغاد وأشباه المرد في جعبتي «عفريت» جائع يتلقف كل طعامي يسلبني ما آكل ولاتعجبه «الفحسة» في جعبتي ألف حكاية وحكاية نبوءة..حب..صاف ومئات العثرات في جعبتي مستودع للقول الفائض حانات للوسن ومشافٍ للسلخ القاهر في جعبتي معركة يومية مابين الصمت وبيني في جعبتي قاضٍ متعجرف بصفاقة وغباء يصدر أحكاماً هوجاء يسجنني قسراً ثم يصادر أحلامي في جعبتي مصلحة فضول ترغمني أن أحياه وأنا ميت منذ زمن إلحاحاً تدفعني نحو أذيال الطموح تهمس في أذني: «كن بشراً متفائل كن وغداً كن سيد نفسك صاحب نفسك نسخة طبق الأصل من روح حبيبتك الأغلى» في جعبتي فوضى دائخة، شعابٌ وعثاء قمرٌ لايغفو أبداً من شمس رفيقته يسترق الوثب يستشرف آفاق القادم يضيء دهاليز الروح السوداوية و كطفلٍ يلهو في جعبتي محلول أزرق شوق طافح أدخنة سارية بعض أغانٍ فيروزيةٍ وثكنات منون في جعبتي ثرثرة عطشى أنسامٌ مفقوءة شارات وأراجيز. حرب عالمية كاميرا«الجزيرة» طامعة فيها الصحافة عنها. لم تكتب بعد..! في جعبتي مجنون ثائر تخنقه اللحظة حيناً، ليل نهار يكتب للريح وللريح..