قرأنا وعرفنا منذ نعومة أظافرنا،في المدرسة وفي الثقافة العامة أن عصوراً عدة قد مرت ، وكان لكل عصر ميزاته ومكوناته ومؤثراته وتأثيراته ، ولذلك وصلت أخباره إلى مسامعنا ورأى آباؤنا أن نتعلم من كل عصر إيجابياته ونصحح أنفسنا من خلال التمعن في سلبياته ، وخلال ذلك تعلمنا وسمعنا عن عصر النهضة العلمية وعصر الاختراعات، عصر الفتوحات الإسلامية ،عصور استعمارية مختلفة، وعصور بزغت فيها إمبراطوريات وأفلت أُخر، السؤال هنا ترى ما الاسم الذي يستحقه هذا العصر ؟ وفي هذا المقام فإن التسمية تأتي مختلفة باختلاف الأمم التي تعيش فيه أو قد ولى وتأثرت فيه وأثر فيها فكل أمة تطلق الاسم على عصرها من منظورها ومتسقاً مع عمق التفاعل الذي حدث بين هذه الأمة وذلك العصر. تُرى ماذا ستطلق أمة العرب من تسمية على هذا العصر بل أجد مشروعية في التساؤل ... بماذا سيُنعت هذا العصر؟؟ والنعت هنا للتمرد على النتائج المتوقعة لعصرنا هذا .... هل هو عصر الذل والخنوع؟ أم أنه عصر السيطرة الفردية على الكل ، بحيث أصبح يطلق عليها مجازاً ديمقراطية ، وعلينا التسليم بها؟ هل هو عصر الاستعمار الذاتي بحيث أصبح من غير الحاجة لمستعمر خارجي يأتي من وراء الحدود ليظلمنا فالظلم بيننا يكفي؟ هل هو عصر استيراد المستعمر بالأجر المقرر من قبله؟ فقد استدعت أمة العرب المستعمر بنفسها وتدفع له ما يريد من حاضرها بل و دفعت له صكوك المستقبل؟ هل هو العصر الذي باعت فيه الأمة ماضيها المشرق بدون مقابل وسفهت فيها كل قادتها وعظمائها؟ أهو عصر وصفة الإرهاب الأمريكي والذي به اشترينا التبعية بالحرية؟ أيمكن أن نطلق على هذا العصر عصر الأمة الضائعة عندما صدّقنا أن عقولنا متخلفة وأقل مقدرة من العقل الأمريكي؟ لا... لا... وجدتها،إنه عصر أبو رغال الثاني على أساس أن لهذه الأمة خبرة لا بأس بها من عصر أبو رغال الأول وبهذا ندخل في مقارنة لغوية مع العصر الجليدي الأول والعصر الجليدي الثاني بل ومقاربة في صِفة (البرودة). هل هو عصر الإيدز الأمريكي سريع الانتقال عبر الدعارة السياسية المغلفة بحقوق الإنسان؟ إذاً هو كذلك .... أو قد لا نجد له اسماً ، وبالتالي لا أباً له،فأي عصر هذا الذي فيه الضحية متهم والقاتل بريء،الحق إرهاب والإرهاب إعادة للأمل،المقاومة اعتداء والاحتلال تحرير، الخانع فيه شجاع ومسالم ومعتدل ، والشجاع فيه ساذج ومتحجر ومحرض على القتل، الديمقراطية هي المفصّلة أمريكياً وما عداها ديكتاتورية وقمع، هذا العصر دُمرت فيه بغداد للمرة الثالثة ، وأصبح اسمها بلاد الأنهر الثلاثة بعد إضافة نهر الدم العراقي إلى دجلة والفرات ، وهو العصر نفسه الذي نُحر فيه زعيم عربي في عاصمته ، ولكي لا يكون كلامي كله تشاؤمياً فيسرني تذكيركم أن العرب قد اعترضوا على (طريقة) الاغتيال (الشنق). كما أعلن لكم عجزي عن إيجاد اسم مستحق لهذا العصر ولعله لديكم.