العميد صموده يناقش مع مدير عام الأدلة الجنائية بوزارة الداخلية آليات سير العمل في إدارة الأدلة في محافظة المهرة    يوفنتوس مصمم على التعاقد مع ريكاردو كالافيوري    نادٍ إيطالي مغمور يحلم بالتعاقد مع مودريتش    وزارة الحج والعمرة السعودية توفر 15 دليلاً توعوياً ب 16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    العليمي يصل المنامة للمشاركة في القمة العربية    الاتحاد الأوربي يعلن تطور عسكري جديد في البحر الأحمر: العمليات تزداد قوة    كلوب يسخر من واقعة المشادة مع صلاح    ريال مدريد يحتفل بلقب الدوري الإسباني بخماسية في مرمى ديبورتيفو ألافيس    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    بمشاركة أهلي صنعاء.. تحديد موعد بطولة الأندية الخليجية    وزيرا المياه والصحة يبحثان مع البنك الدولي تمويل إضافي ب50 مليون دولار لمشروع رأس المال البشري مميز    نيمار يتصدر معدل صناعة الفرص في الدوري السعودي رغم غيابه! (فيديو)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    الخطر الحقيقي على الجنوب وقضيته يكمن في معاشيق    هيو جيو كيم تتوج بلقب الفردي وكانغ تظفر بكأس الفرق في سلسلة فرق أرامكو للجولف    ولي العهد السعودي يصدر أمرا بتعيين "الشيهانة بنت صالح العزاز" في هذا المنصب بعد إعفائها من أمانة مجلس الوزراء    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    «البلسم»تختتم حملتها الطبية في اليمن وتنجح في إجراء 251 عملية قلب مفتوح وقسطرة تداخلية للكبار والأطفال    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    دعوة مهمة للشرعية ستغري ''رأس المال الوطني'' لمغادرة صنعاء إلى عدن وتقلب الطاولة على الحوثيين    وصول شحنة وقود لكهرباء عدن.. وتقليص ساعات الانطفاء    11 مليون دولار تفجر الخلاف بين معين عبدالمك و مطيع دماج بالقاهرة    قطع الطريق المؤدي إلى ''يافع''.. ومناشدات بتدخل عاجل    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    عار على الجنوب وقيادته ما يمارسه الوغد رشاد كلفوت العليمي    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    ثنائية هالاند تُسحق ليفربول وتضع سيتي على عرش الدوري الإنجليزي!    شاهد:الحوثيون يرقصون على أنقاض دمت: جريمةٌ لا تُغتفر    ليست السعودية ولا الإمارات.. عيدروس الزبيدي يدعو هذه الدولة للتدخل وإنقاذ عدن    عدن تنتفض ضد انقطاع الكهرباء... وموتى الحر يزدادون    "امتحانات تحت سيف الحرمان": أهالي المخا يطالبون بتوفير الكهرباء لطلابهم    صراع على الحياة: النائب احمد حاشد يواجه الحوثيين في معركة من أجل الحرية    رئيس انتقالي لحج "الحالمي" يعزي في وفاة الشخصية الوطنية والقيادية محسن هائل السلامي    الذهب يرتفع قبل بيانات التضخم الأمريكية    في الذكرى ال 76 للنكبة.. اتحاد نضال العمال الفلسطيني يجدد دعوته للوحدة الوطنية وانهاء الانقسام مميز    وفاة امرأة وطفلها غرقًا في أحد البرك المائية في تعز    سنتكوم تعلن تدمير طائرتين مسيرتين وصاروخ مضاد للسفن فوق البحر الأحمر مميز    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الولايات المتحدة: هناك أدلة كثيرة على أن إيران توفر أسلحة متقدمة للمليشيات الحوثية    اليمن تسعى للاكتفاء الذاتي من الألبان    وصمة عار في جبين كل مسئول.. اخراج المرضى من أسرتهم إلى ساحات مستشفى الصداقة    بن عيدان يمنع تدمير أنبوب نفط شبوة وخصخصة قطاع s4 النفطي    أسرارٌ خفية وراء آية الكرسي قبل النوم تُذهلك!    إنجاز يمني تاريخي لطفلة يمنية    ما معنى الانفصال:    جريمة قتل تهز عدن: قوات الأمن تحاصر منزل المتهم    البوم    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    فريق مركز الملك سلمان للإغاثة يتفقد سير العمل في بناء 50 وحدة سكنية بمديرية المسيلة    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    هل تعاني من الهم والكرب؟ إليك مفتاح الفرج في صلاةٍ مُهملة بالليل!    دموع "صنعاء القديمة"    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    وزير المياه والبيئة يزور محمية خور عميرة بمحافظة لحج مميز    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بئر علي .. أسطورة على شاطئ البحر
فيها أقدم ميناء عرفه العرب
نشر في الجمهورية يوم 31 - 03 - 2007


مدير السياحة :
المنطقة تشهد توافداً لسياح من مختلف الجنسيات
مدير عام الآثار:
الحفريات كشفت مراسي السفن وأرصف ميناء قنا التاريخيسياح :
شواطئ بئر علي ليست لها نظير في العالم .. والمدينة ينقصها النظافة استطلاع / جلال المحيا تعتبر مدينة «بئر علي» التاريخية في محافظة شبوة القلب النابض لمديرية «رضوم» المجاورة للمكلا .. صغيرة هذه المدينة لكن ماضيها غائرة جذوره في أعماق التاريخ وعلى ساحلها يستلقي أقدم ميناء عرفه بحر العرب هو ميناء قنا كما يتكئ عليه مارد أشم كان له عيني طائر تنظر إلى خلف الأمواج وحنجرة ملك يهابه كل من في المدينة .. لا أدري بما أبدأ استطلاعي هذا هل بالمدينة التاريخية أم بالميناء أم بحصن الغراب أم بساحل بديع الذي تضاهي رماله نعومة مياهه .. أم بفوهة بركان قديم يجاوز البحر أضحى بحيرة عذبة مغلقة الجوانب.. إنني تائه في جسد أسطوري بالغ الفتنة ، ألقته السماء في مكان قصي من محافظة شبوة.
بيوت اللبن والصفيح والقش
المنازل القديمة فيها مبنية من «اللبن» ولا يزيد أعلى منزل فيها عن ثلاثة أدوار ، هذا ان سلمت من عوامل الزمن والتعرية والإهمال والفقر، أما بقية المنازل فمبنية بعضها من الطوب الاسمنتي والأخرى من الأحجار الصغيرة.. وملاكها بالطبع هم الطبقة الميسورون أما المعسرون كالصيادين مثلاً يتفنون بجدران وأسطح الصفيح والخشب المتآكل وشعف النخيل.. الصغار يمرحون أمام منازلهم وعدسة الكاميرا التي كانت بحوزتي ألقت عليهم التحية من بعيد، براءتهم الجميلة لا تمانع بانتقال أجسادهم «شبه العارية» إلى جسد الكاميرا.
شوارع منظمة التخطيط
سيارة الأخ علي المساح التي طافت بي مديريات ميفعة ورضوم وحبان طافت بنا اليوم وسط شوارع مدينة بئر علي.. وأثناء ذلك وبكل إعجاب قال الأخ علي المساح:
برغم قدم هذه المدينة إلا أن شوارعها منظمة بشكل عجيب وملفت، فلا تعترض سيارتي بنايات مخالفة أو أسوار البيوت.. تساءلت أنا والمساح عمن خطط هذه الشوارع القديمة على ذلك النحو؟
فتوصلنا إلى أن المدينة ربما نظمها الانجليز إبان الاستعمار البريطاني في الجنوب سابقاًَ.. وقد نكون مصيبين أو مخطئين في ذلك الاستنتاج قدرنا مساحة المدينة بأنها لا تزيد عن ستة كيلو مترات مربعة وسكانها ربما لا يزيدون عن عشرة آلاف نسمة.
نشاط سمكي
قد يستغرب الزآئر لمدينة بئر علي من نشاطها وحيويتها في البيع والشراء والمطاعم واللوكندات برغم ما يحيط بها من صحراء قاحلة وبحر كسول كان يوماً ما ميناءً استراتيجياً ثم مات.
لكننا عندما وصلنا سوق الصيادين أدركنا جانباً من سر نشاط المدينة.. سألت عاقل السوق عن كميات الأسماك التي يتم صيدها فأجاب بأنها تغطي مدينة عتق عاصمة محافظة شبوة وبقية مديريات محافظة شبوة.. وأضاف بأن أسماك المنطقة كاللخم والجحش والديرك والتونة تغذي حتى أسواق المكلا التي لا تبعد عن بئر علي سوى 130 كم، وقبل أن أترك سوق السمك شكا كبير الصيادين وغيره ممن كانوا حولنا شكوا أنطفاء التيار الكهربائي الذي يؤثر على سلامة تخزين الأسماك.
كهرباء من بلحاف
سألت الصيادين عن فترة الانطفاء فأجابوا بأنها تقارب نصف اليوم أي عشر ساعات حيث تنطفئ من العاشرة مساءً وحتى الصباح.. قلت: أهي حكومية؟ قالوا لا.. فالكهرباء الحكومية لم نعرفهابعد..
وأضاف مشرف محطة الكهرباء بالقول إن الشركة العاملة بالجوار (20 )كم في منطقة «بلحاف» قد منحتنا قبل عام ونصف مولداً كهربائياً كبيراً وبنت له غرفة واسعة والحمد لله أصبح الوضع أفضل بكثير.. فقد كان الأهالي سابقاً يعجزون معظمهم عن شراء أو الاشتراك في شبكة كهرباء المواطير الصغيرة التي يمتلكها بعضنا من ميسوري الحال، قاطع الحديث شاب من الصيادين اسمه عدنان بالقول: ما يزال كثير من الأهالي حتى مع هذا المولد الكبير عاجزين عن دفع متوسط مبلغ «3000» ريال عن المنزل خاصة في أيام الصيف الحار عندما يستحيل المبيت دون المراوح والمكيفات فالحرارة تزيد عن «40ي ْ» واختتم: نكره عيشتنا .. فعلق الرائد/معاذ العياشي مدير أمن منطقة «بئر علي» والذي ذلل مهمة هذا الاستطلاع بالقول: المنطقة موعودة بشبكة كهرباء عمومية قريباً مع احتفالات بلادنا ب22 مايو سوف تأتي من عتق وان شاء الله ستغطي ذلك العجز لساعات الليل، وأكد كلام العياشي المسؤول عن تشغيل تلك المحطة الممنوحة من «بالحاف».
دعوة للمعنيين
وحتى لا يملني القارئ وكذا المعنيون عن توفير المشاريع الخدمية لمنطقة بئر علي أكتفي بموضوع الكهرباء وأتجاهل عمداً «مأساة» الصرف الصحي ومياه الشرب.. ومزاعم المنشئات التعليمية والخدمات الصحية وانتقل للحديث عن الوجه الآخر في بئر علي المليء بالجمال الطبيعي والمنعش بعبق التاريخ والحضارات السالفة، وبحاصة أنني على ثقة بأن انظار محافظ محافظة شبوة وكذا المعنيون في مختلف الجهات ليست بغافلة عما تحتاجه «بئر علي» ومستقبلها السياحي الواعد.
مدينة بلا فندق
عندما أسدل النهار ستائره عند وصولي منطقة بئر علي ووسط المدينة طفت بها وبيدي حقيبة صغيرة لأمتعتي سألت شابين: ألا يوجد فندق هنا يا شباب؟
قالوا: لا.. بل لوكندات فقط..
بالطبع كل ذلك حصل لي بعد علمي بأن الأخ مدير عام مديرية رضوم المحتضنة لمنطقة بئر علي في إجازة طالت منذ شهور، أما أمين عام المجلس المحلي في المديرية فقد كان في «عتق» ولأن هاتف جوال هذا الأخير كان معي، أقسمت بأن لا أبيت في اللوكندات وفوراً اتصلت به وشرحت له طبيعة زيارتي الاستطلاعية ل«بئر علي» والمديرية فاستوعب الأخ هادي الخرما الأمر واعتذر عن سفره المفاجئ واتصل فوراً بمدير أمن منطقة بئر علي الذي أوصلني عند السابعة مساءً إلى المنتجع السياحي البكر في المنطقة وهو:
«منتجع حصن الغراب»
لا يبعد عن مدينة «بئر علي» بأكثر من كيلو متر تقريباً لكن تلك المساحة من الأرض والطريق التي قطعتها سيارة مدير المنطقة الأمنية كانت مظلمة وخالية من المنازل والمنشآت والخدمات والبشر أيضاً، وما أن وصلنا ذلك المنتجع «حصن الغراب» حتى تغيرت الموازين لدي، خرجت أناوالرائد العياشي من السيارة وعرفني بموظف في المنتجع غاية في الذوق اسمه «أبو بكر فدعق» وشباب لطفاء آخرين.. تركني العياشي معهم لأبيت وأستريح من السفر على أن نلتقي صباح اليوم التالي ليرشدني لبقية المواقع الجميلة في بئر علي.
دخلت سكن المنتجع واستضافونا أنا وصديق يرافقني غرفة «نفرين» وعشاء «نفرين» وبعد تناول العشاء ودقائق من الراحة بعد السفر، خيرني الشاب أبوبكر فدعق عما إذا كنت أرغب في النوم في غرفتي أم تحت سقف إحدى عشش المنتجع المطلة على البحر، كما أفراد الفوج السياحي الفرنسي الموزعين في تلك العشش الجميلة.. خرجت وصاحبي لأرى تلك العشش فوجدتها غاية في الروعة ومزودة بالحمامات وكان ساكنوها من السياح قد ناموا فمضينا أنا وصديقي معاذ الرباطي نمشي حفاة بين رمال ناعمة تضيء من ضوء تلك الليلة المقمرة.
وعلى أقدامنا ترتطم سرطانات البحر وأمواجه الفضية.. ولأن تلك الليلة كانت في نهاية شهر فبراير الماضي فالجو كان بارداً نوعاً ما وصوت الأمواج كان سيمفونية في آذان السياح النيام ومنبهاً بالنسبة لي، لذا ما كنت لأنام إلا في غرفتي، وفي السابعة من صباح اليوم التالي حسبتني مبكراً فإذا بالسياح في الخارج قد سبقوني بكثير، هرعت إليهم.
سياحة .. سباحة.. دلافين
كانوا سبعة فرنسيين جميعهم فوق سن السبعين .. سألت المترجم المرافق لهم «أبو بكر الحبشي» بعد أن تصافحنا وتعارفنا سألته: الساعة كم صحا السياح ونزلوا البحر؟ فأجاب : في الخامسة فجراً صحا الجميع ونزل بعضهم البحر قبل خيوط الضوء.. قلت: ما كلفهم الله؟ وهم بهذا السن.. ما يمرضوش.. مثلنا.. قال أبو بكر: هم والفين.. «متعودون» وزاد هذا الشاطئ مشهور بأسماك الدولفين وهم يعرفون أن «الدولفين» ينشط ويتنطط على الماء عند الفجر ويتلاشى ظهوره كلما ظهر الضوء لذا فالجماعة «يقصد السياح» لا يفوتهم ذلك المشهد الجميل.
أجمل شواطئ العالم
وفيما كنت أتحدث مع المترجم أبوبكر الحبشي كان السياح يرتدون ملابسهم ويتأهبون لصعود الجبل المتكئ على المنتجع «حصن الغراب».
ولنصف ساعة أجريت معهم حوارات وألقيت عدداً من الأسئلة وأجابوا عليها بلسان المترجم فقال «فرانسواه» وهو باحث جيولوجي: زرت معظم شواطئ العالم وقبل أن آتي إلى اليمن زرت شواطئ المغرب فلم أجد أنعم وألطف من هذه الرمال .. والتقط فرنسواه رمالاً وذرها بأصابع يده.. وأضاف:
أما مياه البحر في هذا المنتجع فهي الأخرى غاية في الروعة والنقاء وعما يميز السياحة في هذا المنتجع أشارت «نانسي» بيدها إلى امتداد الشاطئ وقالت: انظر .. فهذا الشاطئ الغائر إلى الداخل شبيه بالخليج كما ان الجبل - وأشارت بسبابتها نحو «حصن الغراب» يحتضن الطرف الأخير من الساحل وارتفاعه يخفف من الأمواج المعكرة للسباحة ومن الأعاصير المائية القاتلة..
محمية سياحية بكر
سألت فرنسواه : ما الجوانب والوسائل التي ستنعش هذا المكان فأجاب:
وسائل عدة كالقوارب والتشجير مثلاً، لكنها ليست مهمة كثيراً فمنها متوفر في سواحل ومنتجعات أخرى لكن الأمر الذي سيحافظ على روعة هذا الساحل هو حظر بناء المساكن حوله ليبقى هكذا كما خلقه الله محمية بحرية طبيعية.. واختتم وبلا شك سيهوي إليه معظم السائحين من أقطاب العالم إذا مابقي هكذا «بكرآً» نقلت كلام هذا السائح إلى الشيخ سالم ناصر الأهيف القشعوري مدير فرع السياحة في رضوم فأكد أن وزارة السياحة أجرت دراسات عدة لإنعاش السياحة في بئر علي.
أمن .. سلام .. كرم
سألت سائحة أخرى «تيريز» عن رأيها فيما إن كانت قد سمعت من بعض وسائل الإعلام الأجنبية عن مستوى الأمن السياحي في بلادنا فأجابت:
بصراحة أبنائي وبناتي وبعض أقاربي حذروني من السفر للسياحة في اليمن لماسمعوه من بعض وسائل الإعلام لكنني صممت وغامرت مع أصدقائي السياح وأشارت بيدها إلى من حولها لم أندم على مغامرتي هذه.. إنها بالفعل أجمل مغامرة وأمتع رحلة وجدنا فيها عكس ما قيل لنا تماماً.. الناس هنا في اليمن مسالمون وطيبون زرنا حراز وصنعاء القديمة وشبام كوكبان واليوم نحن في سواحل شبوة «بئر علي» والانطباع الذي خرجنا به عن اليمنيين بأن قدراً كبيراً من الكرم وحسن الوفادة يتحلى به كل من التقيناهم.
تنقصها النظافة
«جورج» قال من جانبه تنفسنا في مدينة «بئر علي» رائحة الطابع الشرقي الأصيل، في العمارة الطينية، في الوجوه والطقوس والقيم.. المدينة رائعة ونكهتها تستهوينا كسياح لكن ينقصها النظافة ، فالقمامة تملأ السوق ولم نشاهد خلال تجوالنا في الشوارع والسوق أي عامل نظافة وهذا شيء مؤسف.
الله يعين المحافظ
بعد أن بدأ السياح بالكلام الجميل عن السياحة في بلادنا على ذلك النحو انتفخت فخراً ورحت أنتقل بعين الكاميرا بين سائح وآخر وأسجل الكثير إلى أن تحدث آخرهم «جورج» عن قذارة المدينة تلك شعرت حينها بأنه أصابني في مقتل.. فسد نفسي وقطع شهية الكاميرا والمسجل معاً وأنهيت اللقاءات.. ولأنهم أي السياح كانوا قد تأهبوا لصعود جبل «حصن الغراب» التاريخي انطلقت بمعيتهم وفي الطريق هاتفت الأخ ناصر حسين العريفي مدير عام صندوق النظافة والتحسين في محافظة شبوة وحكيت له عما دار بيني وبين السياح وعن انطباعاتهم التي اختتمت ب«جيفة» فأجاب بأن ثلاثة عمال نظافة مع «آلية» نقل قمامة في طريقهم إلى بئر علي في القريب العاجل، ولأنني كنت قد شاهدت «11» شاحنة قمامة جديدة مرصوصة في حوش محافظ المحافظة في عتق أضن أن احداها ربما قصدها مدير عام النظافة والتحسين في عتق.. وانها من نصيب «بئر علي» لست على يقين لكني متأكد أن توزيع «11» شاحنة نظافة على «17» مديرية لاشك سيحدث فتنة سيما ونصيب الأسد من تلك ال«11» الشاحنة تترقبه مديرية عتق عاصمة المحافظة .
وهنا أدعو للمحافظ المقدشي بالعون، فالعين كما يقولون بصيرة واليد قصيرة!
حصن الغراب
كانوا سبعة سياح كما أشرت سلفاً وأعمارهم فوق السبعين قد تأهبوا لصعود حصن الغراب الذي يحتضن ذلك الشاطئ الجميل ومنتجعه الشبيه بمنتجع الفيل في عدن.. صعدت الحصن المعتلي الشاطئ والبحر بحوالي 150 متراً وبالطبع لم أتمكن من محاذاتهم في الصعود فقد سبقوني بشيخوختهم فشعرت أن شبابي «أكذوبة» وأنا في المؤخرة.
وفي منتصف الطريق الضيقة الوعرة صوب الحصن استوقفنا أحد السياح «فرنسوا» الفرنسي ذو العمامة الليبية، فإذا بصخرة عادية ملتصقة على جانب الطريق مقاسها حوالي «2» متر * 70 سم منقوش عليها سطور بالخط المسند ولكي يظهر «جورج» تفاصيل الكتابة بلل راحة يده اليسرى بمشروب غازي ومسح على سطح الكتابة الغائرة فظهرت، وتزاحمنا أنا والسياح بتصوير تلك الصخرة بفارق واحد، هو أن كاميرا الفقير لله وللصحيفة كاتب هذه السطور كانت تشعر بالخجل بين الكاميرات الفخمة حق الخبرة..! المهم مشي الحال ووصلنا سطح جبل «حصن الغراب».. التقطت صوراً لبقايا جدران الحصن لا تزيد عن المترين ارتفاعاً وكذا وجدنا «خزانين» أو «بركتين» كما نسميها لتخزين مياه الأمطار التي تتجمع إليها من سطح وتلال الحصن.
كانت إحدى البركتين مازالت مكسية أحجارها بالقضاض.. نقلت كامرتي كل تلك الأطلال لماضي حصن أشم يطل على البحر كان على مر السنين والحضارات بمثابة «فنار» يرمق الآتي من خلف الأمواج بعين الصقر ويحرس المدينة وميناء قنا بصولجان الملك.. من ياترى ذلك الملك.. لست أدري.. تمنيت لو أخبرني عنه مدير عام الآثار في شبوة الأخ خيران الزبيدي الذي اكتفى بالاشارة إلى أن ملوك الدولة الحضرمية سكنوا ذلك الحصن في القرن الرابع الميلادي وما زالت أطلالاً لأكثر من مائة وحدة سكنية وخزانات مياه الحصن بحسب نتائج الحفريات التي قام بها فريق يمني روسي مشترك للفترة من 1984 وحتى 1997م
ميناء قنا
وأضاف مدير عام الآثار في شبوة القول: اشتركت إلى جانب البعثة اليمنية الروسية بعثتان فرنسية وايطالية نقبتا تحت مياه ميناء قنا فوجدتا وحددتا أرصفة الميناء ومراسي السفن.
كما يشير بعض المؤرخين أن ميناء «قنا» من أقدم وأشهر وأهم الموانئ على سواحل الجزيرة العربية عامة وبحر العرب خاصة كما أن الميناء في القرن السادس عشر استفاد من إهمال العثمانيين لميناء عدن في حملتهم الأولى وظل ميناء قنا مزدهرآً وكذا «بلحاف» إلى أن دخل الاستعمار الانجليزي عدن وأعادوا الدماء لميناء عدن، لكن الأخ خيران الزبيدي قال بأن ميناء قنا قد تدهور وهجرته السفن منذ حوالي 600 قبل الميلاد وانصرفت السفن منه إلى «ميناء بالحاف».
جبل شرورة البركاني
قبل أن أغادر حصن الغراب وميناء قنا شاهدةُ لجزيرة تبعد عن المنتجع ، والحصن بحوالي (1 كيلو متر) ومساحتها لا تزيد أيضاً عن «1» كيلو متر مربع، كم ستكون رائعة لو فطن لها المستثمرون في مجال السياحة.. تصافحت أنا والسياح السبعة على قمة الحصن وتركتهم لأهبط من الحصن فما أن وصلت إلى الأسفل حتى وجدتهم قد سبقوني مرة أخرى ب«شيبتهم» فاحتسبت إلى الله ثم اتصلت بالعياشي ذلك الصديق الذي يحرس أمن المنطقة وسهل مهمتي فانطلقنا إلى آخر ركن في هذا الاستطلاع وهو «جبل شرورة».
يبعد عن حصن الغراب بحوالي 2 كيلو متر ويلتصق ظهره بالبحر ويرتفع عن سطحه بحوالي 100 متر.. ولا أدري لماذا أطلق عليه «شروم» أهو جبل أم سد عظيم.. أم بحيرة مغلقة وسط جبل بركاني وللأمانة انني لم أشاهد في حياتي ماهو أعجب من هذا المشهد الطبيعي.
ومن شاهد الصورة الفوتغرافية لجبل «شرورة» يخيل إليه أنه يشبه تماماً وجبة ال«عصيد» في تعز، في وسطه ماء عذب وسطحه مساو لسطح مياه البحر.
والمياه فيه تأخذ شكل استدارة فوهة البركان الكبيرة فقطر دائرة الماء فيه حوالي 150 متراً أما عمقها فلست أدري ولأني لم أحصل على تفاصيل من المعنيين في منطقة بئر علي عن جبل شروم فأنا مضطر لأن أنقل استنتاجاتي وحسب بأن مياه البحر قد توغلت في أسفل تربة الجبل المحاذية لسطح البحر فكان ظهر جبل شرورة المطل على البحر بمثابة كتلة طبيعية لترشيح وتحلية مياه البحر.
وكما يبدو من شكل الجبل المفتوح أنه ربما كان يوماً ما بركاناً فانفجر ورمى تلك الكتل الصخرية الشائكة من حوله.
لماذا التجاهل
وفي الأخير أتوقف عند هذا القدر وأتساءل:
إذا كان أسلافنا الحضارم قبل آلاف السنين ومن تعاقب بعدهم قد فطنوا للخصائص الطبيعية لميناء قنا المحتمي بحصن الغراب.. إذا كان أولئك العظام قدجعلوا منه أهم ميناء على ساحل بحر العرب والجزيرة وهم بإمكاناتهم التقليدية البدائية فلماذا نتجاهله «نحن»؟!
وقد أوتينا الكثير من الإمكانات والعلم والاستراتيجيات والخطط وو...
ولنأخذ العبرة من تلك الشركة العاملة في «بلحاف» لإنشاء أعظم ميناء لتصدير الغاز المسال في العالم لاشك أنهم قد فطنوا لأهمية ميناء بالحاف وماضيه التليد أما نحن فنكتفي بالتفاخر عما كان عليه مينائي قنا وبالحاف في عصور أجدادنا «حمران العيون» ونتباكى على ميناء المخا، ودماؤنا ما زالت مضرجة بدمائه بعد أن ذبحناه فقط منذ 15 عاماً كما أدعو في الأخير قيادة محافظة شبوة والمجلس المحلي بإعطاء منطقة بئر علي جل الرعاية وزرع الابتسامة في وجه فتاة رماها اليتم والهجران على شاطئ البحر العربي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.