بريق..!! كانت جدتي في القرية تقول لي عند خروجنا إلى المرعى: "إنتبه يا بني كما (أأبريق)". جدتي لم تكن تعرف في حينها إلا معنى واحداً وحيداً لهذه الكلمة، وهو التساقط المفاجئ للأحجار من أعلى الجبل وبكثرة بحيث تعرّض الناس والمزارع والمواشي للخطر. لو عاشت جدتي إلى هذه الأيام لعرفت أن لهذه الكلمة معاني عدة. كنت ألتقيه بين الحين والآخر، وكان يبدو عليه التواضع (يعني بلا بريق) وما أن تسنم منصباً أعلى حتى صار له (بريق) وأصبح محل اهتمام الجميع ، وما لبث أن لمع بريقه أكثر فأكثر.... إلى هنا لم يكن الحديث عن صديقي هذا بين الناس إلا حديثاً طيباً، ولما حال عليه الحول برق بريقه إلى شكل آخر من أشكال البريق وكأنه يقترب من المعنى الذي تعرفه جدتي، فبدأ يبرق ويتداعى على كل من له حاجة لقضائها عنده... وهكذا يظهر أن للفساد أيضاً "بريقاً". كل شيء له بريق ، حتى الكذب.... فالكذب يحاول جاهداً صنع بريق خاص لكذبه. الكل يبحث عن بريق حتى من قد صار له بريق فإنه يحث الخطى لكي يصبح أكثر لمعاناً وإشراقاً أو المحافظة على مستوى بريقه. والبريق شيء جميل ومحطة ممتعة من محطات الحياة، لكن أحياناً قد يعمي صاحبه فيسير في اتجاه أشعة بريقه حتى في دهاليز الهلال، لكن يظل في حسبان الآخرين بريقاً لأنهم يرون تنامي الصعود إلى الهاوية ثم السقوط إلى قمتها.... وفي النهاية يحسب له بريق حتى وإن كانت أشعة بريقه تسير في اتجاه غير سوي. للتذكير فقط..... البريق قابل للتوريث في أيامنا هذه..!!؟.