لست أظن أن مظاهر الحب والتأكيد التي جسدتها الانتخابات الرئاسية يوم الأربعاء الموافق 20 / 9 / 2006م ، من مختلف الانتماءات الوطنية ، سوى انعكاس للاجماع الشعبي الواسع، والذي يرى في سجل عمل الرئيس / علي عبدالله صالح مايدفع الكل لانتخابه واستمراره في تحمل عبء المسؤولية ، واستكمال مسيرة البناء والتنمية التي قطعنا على دربه خطوات كثيرة ، ومازالت أمامنا خطوات أخرى تستلزم أن يكملها من أجل تثبيت أقدام الوطن على عصر الألفية الثالثة الذي يؤهله للوصول إلى عالم التقدم والرقي .. وليس هناك ما هو أصعب من أن يحاول أي باحث اختصار مسيرة بناء واستقرار وتنمية وطن بأسره ووضعه في سطور (بحث) ، يضطر حينه إلى اختزال أحداث واختصار مواقف والاكتفاء بمجموعة عناوين ، خصوصاً أنه من غير الممكن أن يتحدث أحد بأمانة عن فخامة الأخ الرئيس / علي عبدالله صالح بعيداً عن بصماته التي تغطي كل شبر من أرضنا .. وربما يكون من المفيد أن نشير لضيق الحيز في بداية السيرة الذاتية .. لرجل الوحدة إلى بعض الجوانب المهمة في شخصيته التي يجمع كل الذين عملوا معه أو تعاملوا معه على أنها ثوابت راسخة في منهج تعامله مع القضايا والأحداث في جميع مواقع المسئولية التي تولاها سواء في الحياة العسكرية أو الحياة المدنية ، لأن التدقيق في قراءة هذه الجوانب يساعد على فهم فلسفة الصبر والصمت والهدوء التي تحكم ركائز سياسة بلادنا في عهده ، ولعل أبرز سماته ، أنه يضع المصلحة العامة فوق أي اعتبار آخر .. فلا مجال للاستلطاف أو المتاحفة ولا مساحة للانفعال أو الغضب ، لأن الأمر في البداية والنهاية يتعلق بمصلحة يمننا الكبير ، ومصير أمتنا اليمنية(1). ثم أنه رغم صراحته المعهودة وقلبه السليم الذي يتسع لكل الآراء والاتجاهات ، إلا أن هذه الصراحة لديها نقطة ضوء أحمر في داخله عندما يتعلق الأمر بما تستوجب المصلحة كتمانه أو عدم إعلانه إلا في التوقيت المناسب وهو ذات المنهج الذي يحكم اعتبارات ومواصفات الاختيار للمناصب الكبيرة، حيث يحتفظ وحده بسره ، وليس بمقدور أحد مهما كان قريباً منه أن يعرف توقيت إقدامه على التغيير ، لأن ذلك يعتمد على حساباته الدقيقة التي يجريها وحده في ضوء ما لديه من معلومات ، وتحت مظلة من الصبر وهدوء الأعصاب .. وقد يتصور كثيرون أحياناً أنهم قد كشفوا ما ينوي أن يفعله اعتماداً على عبارة قالها في حديث أو مداعبة ألقى بها في اجتماع عام ، ثم سرعان ما يكتشفون أن منهج الحكم في عهده لا يسمح بظهور فئة العالمين ببواطن الأمور ، وأيضاً فإن كثيرين توهموا في البداية أنهم يستطيعون أن يتنبأوا برد فعله ، أو بما ينوي عمله مستقبلاً ، ثم يكتشفوا أن قراره يحكمه الاتجاه لكل حدث ، وكل حدث له عدة اعتبارات متغيرة أو ثابتة ، فما يصلح في موقف معين قد لا يصلح لمثيله قياساً على الظروف المحيطة ومقتضيات الصالح العام للوطن والمواطن. صفات قيادية فريدة : والحقيقة أن هذه الصفات الفريدة التي تحملها شخصية الرئيس / علي عبدالله صالح ، والتي جعلت منه زعيماً في وطنه ورجل دولة على مستوى العالم كله ليست وليدة اليوم ، ولاهي فقط من مقتضيات المنصب الرفيع الذي يشغله ، وإنما هي جزء أساسي من تكوينه الشخصي ، وبنائه النفسي على امتداد مسيرة عمله، وهذا يشهد به كل رفاق المسيرة، خصوصاً في مرحلة حياته العسكرية فهم يجمعون على أنه كان متميزاً وسط كل زملائه ، بالالتزام الدقيق بالمواعيد ، حتى أنهم قد اعتادوا أن يضبطوا عقارب ساعاتهم عند موعد حضوره ، الذي لم يتأخر عنه ولو ثانية واحدة في أي يوم ، وكان هناك اجماع بين كل الذين تعاملوا معه في السلك العسكري أنه يملك مقومات قيادية واضحة بين الحزم والجدية في مواقعها ، والمرونة والتسامح في مواقع أخرى ، ولديه حرص وإصرار على الوصول برجاله إلى أرفع مستويات الأداء العسكري ، دون اغفال للبعد الإنساني ، فهو في النهاية صديق للجميع ، يفتح قلبه لهم ، ويحاول أن يحل مشاكلهم أولاً بأول، وإذا قرأنا في أحد «التقارير السرية» التي كتبها عنه أحد قادته في بداية السبعينيات من القرن المنصرم ، هو خير شاهد على أن مقومات القيادة قد ولدت معه مبكراً ، فالتقرير يقول بالحرف الواحد «إن الضابط/ علي عبدالله صالح يقوم بواجبه على أكمل وجه كقائد ولديه دراية بالأعمال الإدارية وقدرات على الإشراف كبيرة جداً ويمتاز بالضبط والربط وهو ضابط ممتاز من جميع الوجوه وأتوقع له مستقبلاً باهراً» .. ولأن المسألة ليست مجرد مصادفة ، وإنما تنطلق من عطاء لا ينقطع ، فقد اتجه إليه نظر المرحوم الرئيس إبراهيم الحمدي في أصعب أوقات الشدة في مناطق مختلفة من بلادنا ، فلم يجد سواه لكي يسند إليه مهمة إعادة بناء القوات المدافعة آنذاك على تلك المناطق ، وفي تلك الأيام العصيبة. وكما كان معظم درجات الصعود السابقة على سلم المسئولية بغير طلب أو سعي من جانبه ، فوجئ باختيار الرئيس المرحوم أحمد الغشمي له ليكون قائداً في أهم محافظات بلادنا، وكانت أسباب هذا الاختيار الذي فاجأ به الجميع ممن عاشوا وعايشوا هذه الفترة الحرجة من تاريخ اليمنيين ، وأولهم علي عبدالله صالح ، واضحة وضوح الشمس في ذهن الرئيس أحمد الغشمي الذي حددها بنفسه قائلاً : «لقد اخترت القائد علي عبدالله صالح ليس لكونه قائداً لقواتنا في محاور عسكرية كثيرة فهذا لم يغب عن ذهني ولكني اخترته قبل هذه الاعتبارات لأنه يمثل جوهر الإنسان في وطننا وهو القائد بأصالته وقدراته وقدرته ففي كل حياته يحمي لنا الحياة وباختصار فإنه يمثل جيل سبتمبر الذي أريد له أن يتقدم نحو مواقع القيادة العليا للدولة. ومن هنا فإن كل تدرجاته في سلم المسؤولية قد جاءت انعكاساً لتقدير قادته ورؤسائه، وكانت دائماً تجيئه بشكل مفاجئ ليس وارداً على ذهنه في أن القدر كان يخفي له مفاجأة أكبر لكي يصعد إلى موقع رئيس الجمهورية بعد أن أجمع جميع اعضاء مجلس الشورى آنذاك على ترشيحه رئيساً ، وكان ذلك الإجماع بمثابة إعلان واضح من ممثلي الشعب على ضرورة الخروج بسرعة وأمان من تداعيات حادث «الشنطة» الملغومة الذي راح ضحيتها الرئيس المرحوم أحمد الغشمي في عام 1978م، وكان الإجماع يعكس بوضوح ثقة الجميع في القائد الجديد الذين تعرفوا عليه كواحد من أبرز نتائج ثورة 26 سبتمبر «أيلول» عام 1962م وشجعان حصار السبعين يوماً وأكثرهم تعبيراً عن القدرة على التعامل مع المصاعب ، وأشد الأزمات. ويقيناً فإن السنوات التي قضاها قائداً لمحاور ومواقع عسكرية عدة ، أعدته لذلك ، وزادت من تعرف الناس عليه ، خصوصاً وأن أداءه السلس والهادئ أعطى انطباعاً صادقاً بقدراته الهائلة على تحمل المسؤولية ، وربما لهذه الأسباب مجتمعة لم يشعر الناس بأية هزة أو قلق مع قدوم رئيس جديد .. كما هو متوقع دائماً ، وخصوصاً وأن حادث «الشنطة» كان من البشاعة التي يمكن أن تزلزل الجبال ، فقد نقل «الرئيس الجديد» مبادئه التي آمن بها طيلة حياته إلى ميدان السياسة، وأصبحت ملامح سياسية واضحة بغير لبس عنده ، والاستقامة ، تطابق القول مع الفعل ، العمل بروح الفريق الواحد ، الالتزام بالدستور والقانون ، عدم المحسوبية ، تواصل الأداء بلا انقطاع ، والاعتماد على التخطيط». ورغم صعوبة التركة التي ورثها الرجل فإن أحداً لم يشعر بأننا نواجه المستحيل ، وكذلك لم يشعر أحد بأن الرئيس الجديد يبيع الأوهام ويزرع الآمال الفارغة ، وإنما كان منهج تعامله مع التركة الموروثة باتزان وعقلانية بعيداً عن التهوين أو التهويل ، ومن غير ضجيج لعله يبعث من خلال اعماله ومواقفه ومشاوراته رسالة إلى عقول وضمائر اليمنيين بدءاً بتأسيس المؤتمر الشعبي العام في عام 1982م ودليله الفكري والسياسي (الميثاق الوطني) مفادها أن الغاية الكبرى عنده هي بناء اليمن الواحد «يمن الوحدة» لكي يكون دولة قوية ، وبالحساب الدقيق الذي درج عليه طوال حياته أخذ يوازن بين المتطلبات السياسية ، والاجتماعية ، والاقتصادية ، والثقافية ، التي تشكل ركائز النهضة الكبرى لبناء دولة المؤسسات المرجوة لبلادنا الكبيرة ولأمتنا العظيمة وتكون نواة تنظيمية لتوحيد الجهود السياسية والتنموية الرسمية والشعبية ، وكان لابد من البدء في توفير أجواء الاستقرار التي بدونها يستحيل الحديث عن ديمقراطية سياسية ، أو نهضة اقتصادية ، أو إصلاح اجتماعي أو ثقافي .. الخ. ومن أرضية الاستقرار والأمن أعطيت الأولوية للاستقرار الاجتماعي والسياسي والاقتصادي معاً من خلال معادلة صعبة توفق ما بين حق الشعب في حياة ديمقراطية سليمة ، وحتمية الإسراع بإصلاح اقتصادي حقيقي يرتفع فوق حساسية التمسك بالقوالب والأنماط التقليدية ، دون أن يمس «العقد الاجتماعي» ، الذي يحمي ويصون حقوق الغالبية العظمى من محدودي الدخل ، وبات واضحاً لكل ذي عينين في الداخل والخارج أن سياسته الداخلية والتي بدأها في منتصف الثمانينات بتجربة المجالس المحلية والتي أدت رسالة مزدوجة ذات شقين سياسي ديمقراطي وخدمي تنموي ، وهي مستمرة حتى لازمت الانتخابات الرئاسية في ال 20 من سبتمبر عام 2006م تستهدف إحداث توازن دقيق بين الحرية والسياسة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، دون أن يكون لأحدهما غلبة أو أولوية على الأخرى. وهكذا تجنبت بلادنا بسرعة فائقة مخاطر الانزلاق التي كان يراهن عليها بعض المتشائمين في الداخل، وبعض الكارهين أو المتآمرين في الخارج على حدوث تداعيات خطيرة لحادث «الشنطة» المشئومة ، وتحققت على يديه الميمونتين ومعه المخلصون من أبناء شطري الوطن الوحدة اليمنية المباركة في الثاني والعشرين من مايو عام 1990م ، وهو الهدف الخامس من أهداف الثورة اليمنية، ولتكون بداية لتحقيق الوحدة العربية الشاملة ، وبعدها خرجت بلادنا بتوفيق الله وعزيمة كل اليمنيين من «فتنة» صيف عام 1994م الانفصالية الخطيرة ، وعبرت بلادنا بعد هذا وذاك مأزق الإصلاح الاقتصادي وصعوبته بمهارة والذي بدأ مع بداية العام 1995م واستمر حتى اليوم .. وهكذا قدر لبلادنا تقدير وتشجيع المؤسسات المصرفية الدولية البنك والصندوق الدوليين التي كانت تشكك في قدرة أية دولة على تحقيق الإصلاح الاقتصادي بعيداً عن «استشارتها» والتي دفعت شعوب كثيرة ثمناً باهضاً من استقرارها الأمني والاجتماعي بسببها .. ومن العبور الصعب للإصلاح الاقتصادي ودونه بدأ الانطلاق الكبير إلى عصر المشروعات الوطنية الطموحة (المدن السكنية لمحدودي الدخل ، والسكة الحديدية ، ومصانع الاسمنت ، ومحطات كل من الغاز ، توليد الطاقة ، النووية) ، التي من المعول عليها أن تعيد رسم خريطة عمرانية ، وتنموية ، وسكانية جديدة ، ولعله من حسن الطالع أن خطوات بناء ورسم خريطة خمسية تنموية وعمرانية ثالثة يجيء مواكباً لانتهائه من رسم خريطة سياسية ودبلوماسية جديدة لعلاقة بلادنا مع الأشقاء أولاً والأصدقاء في العالم الخارجي .. ولم يكن هناك بالفعل أي فاصل أو فارق في منهج تعامل الرئيس مع الداخل أو الخارج ، فالسياسة الخارجية امتداد للسياسة الداخلية ، ومثلما تعامل مع كل القوى السياسية في الداخل على أساس أن الجميع «حزب حاكم أو معارضة» مواطنون يمنيون وشركاء في تحمل المسئولية أشار إلى هذا في أول خطاب له بعد أداء اليمين الدستورية وقد جاء تعامله في الساحة الخارجية بتأكيد الحرص على التعاون مع مختلف القضايا «العربية والإسلامية والأجنبية» ولم يعد هناك في العالم من يتردد في الاعتراف بأنه رجل «الوحدة» ، الذي آمن بالحوار وسيلة لتحقيقها ، والديمقراطية أداتها ، ويلتزم بالشرعية، ويحترم سيادة القانون ، ويتفادى المغامرات والاهتزازات الخطرة ، مهما تجاوزها البعض وقد جسد ذلك العفو العام الذي به تجاوزت بلادنا جراحها التي خلفتها تداعيات الدفاع عن الوحدة وعن الذات اليمنية ومهما كان حجم الشطط في الممارسة والأداء الديمقراطي ، وربما لهذا ليس مستغرباً أن يقول الشعب كله تقريباً «نعم لعلي» .. لأن من حق أي إنسان أن يقول «لا» دون أن يخشى على نفسه من الاتهام بالعمالة أو التضييق على رزقه أو تلفيق التهم التي تضعه خلف غياهب السجون .. وعلى الذين يؤمنون بالديمقراطية كما قال «أن يحترموا رأي الأغلبية». وهكذا جاء العشرون من سبتمبر (أيلول عام 2006م) ليكون يوماً تاريخياً جديداً في حياة اليمنيين ، حيث كان اجماعهم ب(4.496.730 صوتاً) بنسبة (77.17%) من عدد الذين أدلوا بأصواتهم على انتخاب علي عبدالله صالح رئيساً ، تستكمل بها بلادنا مسيرتها في ظل الإيمان الكامل بأن الاستقرار السياسي الذي تشهده بلادنا حالياً إنما هو ثمرة للجهد الخارق الذي بذله الرئيس/ علي عبدالله صالح، منذ أن تولى المسئولية وهو مستمر حتى اليوم ، نستطيع أن قرأه من خلال البرنامج الانتخابي الرئاسي ، بأن الاستقرار يعني نهجاً جديداً في «السيرة الذاتية .. لرجل الوحدة» والذي يقوم على ثلاثة أسس وهي بحسب الأهمية : 1) بناء هرم سياسي قريب من الواقع اليمني التعددي يمتاز بإرادة سياسية قوية. 2) تبني برنامج إداري ، اقتصادي ، سياسي ، إعلامي ، أمني ...الخ شامل يحقق لليمن الكبير هيبته الإقليمية والدولية ويعزز القة بالاقتصاد ، ويعيد للعملة الوطنية قوتها الشرائية. 3) تحقيق عدالة اجتماعية تُعنى بتحديد الاحتياجات المستقبلية على ضوء احتياجات اليوم ، وتنظر للماضي لأخذ العبرة منه للحاضر والمستقبل. ولا شك أن الشعب عندما انتخبه رئيساً ، إنما أراد استمراراً لتطوير حياته بأبعادها الحقيقية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية في ظل عهد رئاسته خلال السنوات الماضية (28) عاماً. ووجد فيه صمام الأمان لمسيرة الرخاء والنماء والتقدم والنهوض والبناء ، وثقة شعبه من أنها ستتحقق تحت قيادته عملية السير نحو غدٍ أفضل عامر بالوعد والبشارة ومعاني الأمن والازدهار ، حيث تتبوأ بلادنا مكانتها اللائقة بها ضمن بلدان العالم المتقدم ، بفضل ما لديه من مؤهلات قيادية ومزايا شخصية تجلت في أسلوب أدائه لعمله وظهرت بقوة في مواقف كثيرة خاصة في مراحل الازمات التي مرت بها بلادنا ، حيث وقف مثالاً راقياً لرجاحة العقل ونقاء الضمير ورباطة الجأش وحسن التدبير ، وخير شاهد على ذلك مواقفه المتعددة ، نذكر منها على سبيل المثال : تحله مسؤولية قيادة اليمن وصعوبة التركة التي ورثها ، مروراً بتحقيق الوحدة اليمنية، وأزمة حنيش ، وقبلهما «قتنة» صيف 1994م وترسيم الحدود مع الشقيقتين (عمان والسعودية» ، والعمل الحثيث ولضم اليمن في مؤسسات مجلس دول التعاون الخليجي ، وتحقيق الديمقراطية ، وعملية التنمية ، ومشاركة المرأة في معترك العمل والبناء. وفي هذا وذاك لا ينكر أحد سعيه تجنيب البلاد مآسي طاحنة إن جاز التعبير حيث رأى ببصيرته النافذة ورؤيته السياسية الواضحة لكل فعالية بحسب مقتضياتها نذر العاصفة ، فانبرى ينذر ويحذر ويشير إلى الخطر القادم من أي أزمة ، ويدفع بحكمة وحزم باتجاه الخروج من المأزق ، ويشير إلى طريق الخلاص، وإذا ما حدث أمر أخذ يحاصر نتائج الكارثة ، ويسعى لرأب الصدع ، وايقاف التدهور ، كان آخرها خطف السياح الأجانب ، ومحاولة زعزعة أمن واستقرار البلاد ، بالفتنة «الصعدوية». وهكذا يمكن لكل من يتابع الرئيس / علي عبدالله صالح، في جولاته وزياراته الميدانية أن يلحظ روح الألفة والمودة التي يعامل بها مع الناس ، بمن فيهم أناس يقابلونه عرضاً في تلك الجولات وأن يرى تلك اللمسات الجانبية العطوفة ، التي تعبر عن سماحة طبيعيه وأريحيته ، كما يرى علامات الفرح على وجهه عندما يلتقي بالمبدعين من أبناء الشعب في مجالات الفكر والأدب والفن والرياضة والتعليم وبث فيهم روح الإبداع والابتكار والانطلاق ومن هنا فهو حقاً لغد أفضل فالرجل الذي انتخبناه ، ورأيناه في موقع رئيس الجمهورية اليوم ، ورأيناه مثالاً للالتزام الوطني، صادقاً في وعوده وعهوده ، دقيقاً في مواعيده ، أميناً في التعامل مع شعبه ، وصريحاً في الحديث معه، وكان لابد لهذه الصفات وتلك الفعاليات أن تؤدي إلى قواعد في العمل الرئاسي والحكم ، قد أرساها لتكون سبيل وطنه وأمته إلى النهوض والرقي والتقدم وبمكننا في هذا الصدد رصد وتلخيص (ست) قواعد أرساها نستطيع أن نقرأها في (السيرة الذاتية .. لرجل الوحدة) فيما مضى وفيما سيأتي ومأمول من حكمه هي : الأولى : «المؤسساتية بدلاً من الطابع الفردي» ، فقد تحرر بمجيئه لقيادة بلاده ، أسلوب الحكم من الطابع الفردي والشخصي وانتقل إلى الحكم من خلال شعبه والمؤسسات الدستورية والسياسية. الثانية : «الموضوعية بدلاً من الذاتية» ، فقد تحرر أسلوب الحكم من الطابع الذاتي الشخصاني في تقويم الأمور والأفراد ، وانتهت مقولات أهل الثقة قبل أهل الخبرة ، وصار التقويم الموضوعي هو الأساس بعد أن كانت علاقات الناس هي التي تحدد الحكم عليهم بدلاً من الكفاءة ومستوى الأداء في العمل والإنتاج. الثالثة : «العقلانية بدلاً من الانفعالية» ، انتهى الطابع الانفعالي الذي كان يحكم الكثير من القرارات والسياسات وصار المنهج العقلاني واضحاً في أداء الدولة بدلاً من أداء قديم كان يقوم على ردود الأفعال. الرابعة : «الحوار بدلاً من الصوت الواحد» ، تحررت البلاد من الصوت الواحد والاتجاه الواحد ، ورأي الرجل الواحد وانتقلت البلاد إلى سيادة مبدأ الحوار وتعدد الأصوات لتتسع بالتالي دائرة العمل اليمقراطي ، ويتأكد مبدأ المشاركة في اتخاذ القرار وتعميق حرية القول والتعبير. الخامسة : «التخطيط بدلاً من العشوائية» ، رغم وجود أجهزة ووزارات تخطيط إلا أن طابع الحياة السياسية كان يتسم بقدر كبير من العشوائية والارتجالية إلى أن جاء فوضع حداً للارتجال والعشوائية في اتخاذ القرارات ويعيد الاعتبار لأهل الخبرة والمؤسسات المتخصصة. السادسة : «الثقة بدلاً من الخوف» ، حيث فتحت بلادنا في عصره أبوابها للتواصل مع حضارة العصر دون خوف ، ووضعت ثقتها في المواطن يقرأ ما يشاء ، ويستخدم الوسائل الحديثة في الاتصال وشبكات المعلومات «الانترنت» وبمثل ما فتحت بلادنا سماءها للثقافات القادمة عبر موجات الضوء والهواء والسماوات المفتوحة حرصت على أن يكون لها حضور فاعل في سماء الاتصالات ، وتتطلع قريباً بإذن الله أن يكون لها أقمار تدور في الفضاء لتنقل المعارف والمعلومات. ولقد حققت القواعد «الست» مناخاً صالحاً للعمل والانتاج ، وأزاحت السدود والقيود التي تعوق حركة المواطنين وتمنعهم من الانطلاق والإبداع ، وفتحت أمام أعيننا أفقاً جديداً زاخراً بأحمل الوعود فاستحق الشعب أن يرفع شعار : علي ....لغد أفضل. واستمراراً في القراءة والبحث في السيرة الذاتية .. لرجل الوحدة يتضح للقارئ المتتبع أن فخامته حفظه الله قد حرص على إشراك مختلف فئات الشعب في مناقشة هذه السياسات حتى تخرج معبرة عن الآمال في استشراف مستقبل أفضل ، حيث الأحزاب السياسية ، والصحف القومية ، والصحف الحزبية ، تناقش كل صغيرة وكل كبيرة ، وبالتالي أصبحت القضايا مطروحة للمناقشة بما في ذلك العلاقات الدولية والاقليمية والسياسات الداخلية ، ولأن اليمنيين على اقتناع تام بأهمية وضرورة استمرار هذه السياسات حتى يتمكنوا من المنافسة العالمية ، في عصر لم يعد يعترف بالحدود المغلقة انتخب علياً رئيساً وهنا نستطيع أن نؤكد إدراك الشعب بحاجته «لعلي» رئيساً لمواصلته لمسيرة العطاء التي بدأها منذ توليه مقاليد الرئاسة ، ناهيك عن حاجته له ضماناً للاستقرار ، وللحرية ، وللعقلانية ، وللشفافية، وللمصداقية، وللحب، وللإخلاص ... التي جسدتها سياساته الداخلية أو الخارجية .. أيضاً انتخب الشعب علياً رئيساً لتحقيق التغيير المنشود ، والدفع بالدماء الجديدة في شريان بلادنا ، التي هي بحاجة لهذا التوجه والاستفادة من الخبرات الوطنية والتخلص من ممثلي الفساد ، لمواجهة تحديات عالم جديد بسياسات واقعية وللدور الرائد في تعميق الممارسات الدستورية، وضمان سائر حقوق الإنسان، والحريات الخاصة والعامة مع احترام الدستور، وسيادة القانون ، والحرص على حماية (الوحدة اليمنية) والانجازات الرائعة في الإصلاح الاقتصادي ببعديه : السياسي والاجتماعي وتوفير البيئة الملائمة لانطلاق قوى الانتاج ، والجهود لتوفير فرص العمل للشباب ، وتحسين معيشة المواطن ، والمحافظة على الأصالة الثقافية وواحدية التعليم ورفع مستوى البحث العلمي والتعليم العالي والمواقف المشرفة في مختلف المحافل الدولية في تأييد القضايا العربية والإسلامية والعمل من أجل التضامن والتعاون العربيين. لهذا حقاً انتخب الشعب علياً رئيساً ، ليس فقط لما فات ولكن لما هو آت ، لمواجهة مشاكلنا ، حيث جاء والبلاد لا تملك سوى رؤية قصيرة الأجل، تمثلت في شكل خطة اقتصادية سنوية وكان لا يمكن ان ننظر إلى أبعد من ذلك ، وبرؤيته الشاملة، وبالرأي والرأي الآخر، وبمتابعة الحكومة حول المشكلة الاقتصادية والتي كانت أهم وأول عمل قام به عند توليه الرئاسة ، هو عقد مؤتمر اقتصادي في مطلع عام 1982م اجتمعت فيه كل الرؤى الاقتصادية وخرجت بخطة طويلة الأجل تفوق العشرين عاما قسمت إلى خطط سنوية ، ثم تابع بشكل عملي وعيني الانجازات .. يدلى برأيه يحفز العمل يجد الحلول السهلة بأسلوبه البسيط الواضح، فكان الانجاز الاقتصادي الذي نعيشه اليوم و بشهادات المؤسسات الدولية .. أيضاً كانت ميزانيتنا بضعة ملايين ، والآن فاقت المليارات ، وكان معدل التضخم يفوق ال 27% انحسر بعهده ، وعمله ومعه المخلصون من القادرين والأكفاء إلى نحو 4% (وهو معدل اقتصادي مسموح به) وأضف إلى ذلك أنه جاء وعجز الميزانية كان يأكل الناتج القومي الاجمالي والآن يصل إلى نسبة 1% (هو كذلك معدل اقتصادي مسموح به) ، كما جاء وحافظتنا من النقد الأجنبي شبه خاوية ، ومع نهاية الربع الثالث لعام 2006م وهي تمتلئ بمليارات الدولارات (4.200 بليون دولار تقريباً ) وبثقله السياسي ، وشخصيته التي قدرها رؤساء العالم وعرفوها حق المعرفة أسقطت معظم ديون بلادنا التي كان سيتحملها بفوائدها المواطن اليمني «والآن وقريباً سيكون لنا سوق للأوراق المالية «بورصة» يصل حجم التداول فيها (بحسب توقعات خبراء الاقتصاد) إلى ما يزيد عن 60 مليار ريال يمني. مجمل القول : إن قراءة في السيرة «العطرة» .. لرجل الوحدة يحتاج إلى كتب ، فبرنامج الإصلاح مثل واضح على حسن إدارة البلاد ، والمشروعات العملاقة شاهد على التدفق الاستثماري على بلادنا ودخول يمننا الكبير عصر التحولات الكبرى ، وإنهاء النظام المركزي، واتساع صلاحيات المحليات ، وانتخاب مسئولي المحافظات ومديري المديريات ، وتدوير الوظائف القيادية بأربع سنوات ، وتشكيل هيئة مستقلة لمكافحة الفساد ، وأخرى للمناقصات ، كل هذه الفعاليات وغيرها أكدت للشعب اليميني أن انتخاب فخامة الاخ / علي عبدالله صالح حفظه الله رئيساً للجمهورية اليمنية واجب إن جاز التعبير وفرض عين على كل يمني ويمنية . وهذا كله للمستقبل فما فاق رغم كثرته لا يكفي ، فأمامنا مشوار طويل صعب وشاق لنقف في مصاف الدول المتقدمة .. ونثبت وضع يمننا الكبير في عيون العالم وهذه رحلة جديدة يبدؤها معك الشعب كله اقتناع منه بأنك القائد والزعيم ، وربان السفينة القادر على تحقيق الوصول بها إلى غاياتها وأمانيها. وأخيراً وليس آخراً : إننا أمام رجل في أمة ، وأمة في رجل ، حمل على كاهله كل هذه المسؤوليات ، وحقق في أكثر من ربع قرن ما لم يتحقق في قرون ، وما نزال جميعاً بحاجة إلى أن نغرف من عزيمته ما يبني يمننا الكبير وينفع شعبنا وأمتنا .. وبحب القائد الرمز تجدد الأمة اليمنية له الولاء ، وتختاره بشفافية ومصداقية وحرية وديمقراطية «أبهرت وشهد بها العالم» وبنسبة (77.17%) زعيماً وطنياً يقودها إلى شط الأمان وجودة النماء بثقة واقتدار.