- استطلاع / خالد حسان .. للصيف .. كما للشتاء .. منطقه وخصوصيته وعاداته وتقاليده وهو في كل الأحوال جنة عند البعض وجحيم عند البعض الآخر ومع ذلك فإنه لا يأخذ إذنا من أحد حينما يأتي ولا يستأذن أحداً حين يقرر الرحيل وما دمنا نعيش هذه الأيام في قلب الصيف ونستحم يومياً في مشاعره وبحبات عرقه المتساقطة فمن الطبيعي ان نتساءل عن نوع العلاقة التي تربطنا بالصيف كواقع وثقافة وعن جديده لهذه العام وما إذا كنا قد أعددنا له عدته أم لا. ضيف ثقيل الحاجة فاطمة .. امرأة في الستينيات من العمر مات زوجها مع ولدها الوحيد في حادث سيارة وترك لها خمس بنات وثلاثة أولاد ولأن ظروف العائلة لا تسر عدواً ولا صديقاً.. قررت الحاجة فاطمة تحمل المسؤولية والخروج لطلب الرزق وسط القيظ وتحت أشعة الشمس الحارقة ولأنها حريصة على جمع أكبر قدر من المال لمواجهة النفقات المتزايدة لأفراد العائلة والارتفاع المتواصل للأسعار فإن الصيف هو ضيف ثقيل الظل بالنسبة لها وهي تراه قاطع أرزاق، ذلك أنها تعتمد على تحصيل الرزق من بيع البطاط الساخن الذي يكثر الطلب عليه خلال فصل الشتاء على عكس الصيف نتيجة الشعور بالبرودة والحاجة إلى تسخين الجسم والرغبة في تناول مثل هذا النوع من الأطعمة وهو أمر يقل في الصيف. الموظفون أوفر حظاً الموظفون أوفر حظاً من العمال حتى في المناطق الحارة فأغلب المرافق والمصالح العامة مزودة بالمراوح والمكيفات وبعض المرافق يكون التكييف فيها مركزياً مما يوفر حالة من التوازن وعدم الانفعال والتوتر الذي قد يؤثر على سير العمل أو الالتزام بالدوام الوظيفي.. ويؤكد الأخ عبدالولي نعمان »موظف« انه شخصياً يستيقظ مبكراً خلال فصل الصيف على عكس فصل الشتاء حيث يدفعه الاحساس بالبرودة إلى النوم العميق مما يجعله يصل متأخراً إلى موقع عمله ويتعرض للجزاءات في أغلب الأحيان.. أما في فصل الصيف فإن هذا الإحساس يتبدل بإحساس آخر بالضيق والتوتر وبخاصة عند منتصف النهار.. حين يشتد منسوب الحرارة ويكون الموظف قد وصل إلى حالة من التعب والانهاك عندها فقط قد يبدو الموظف العام أكثر توتراً من ذي قبل وهو ما قد ينعكس على علاقات العمل ومستوى انجاز المهمات والمعاملات لذلك من المهم جداً أن يعي القائمون على إدارة المصالح والمرافق الحكومية خصوصية هذا الوضع وإمكانية الاستعداد له بشكل جيد بحيث تتكاتف جهود الجميع في توفير بيئة مناسبة للعمل وبخاصة في المدن الساحلية والمناطق الصحراوية . وعثاء السفر عبدالرحيم المفلحي.. صاحب دراجة نارية .. يفضل العمل في ساعات معينة خلال أيام الصيف وهو يؤكد أن الكثير من أصحاب الدراجات النارية وسائقي الحافلات والمركبات وحتى الركاب أنفسهم يجدون صعوبة كبيرة في التواصل لحظة اشتداد القيظ والركاب يتضايقون كثيرآً من انتظار الحافلات والمركبات في الجولات وفي الشوارع العامة وهم عادة يفضلون ركوب الحافلات غير المزدحمة بالركاب وكثيرآً ما تتسبب الاختناقات المرورية ومحاولات التجاوز من قبل البعض في نشوب الكثير من الخلافات الجانبية أو في وقوع العديد من الحوادث المرورية. البحر غدار في المدن الساحلية كلما اشتدت وطأة الحرارة كلما زاد حنين الأشخاص إلى البحر لكن حتى البحر كما يراه علي بن علي يغسل جسدك لكنه لا يحميك من عودة سريان الحرارة في جسدك بمجرد أن تغادر قدماك الشاطئ انه حمام بارد لكنه ليس حلاً نهائياً وقد يغدر بك في أية لحظة. عادات وبضائع رائجة محلات بيع الملابس وأصحاب الأسواق والبسطات يعتبرون الصيف فرصة من ذهب فيحرصون على بيع الملابس الصيفية التي يشتد الإقبال عليها خلال موسم الصيف كما يحرصون على جذب الزبائن بما يعرضونه من بضائع متنوعة ويعلنون عنه من تخفيضات كبيرة وهائلة ونفس الحال كما يرى ذلك الأخ محمد ثابت ينطبق على أصحاب السوبر ماركات والبوفيات وبائعي الايسكريم والمشروبات والمثلجات حيث يكثر الاقبال على هذه الأشياء من قبل الجميع صغاراً وكبارآً ولذلك لاغرابة أن نجد بائعي الايسكريم والمثلجات ينتشرون في كل مكان والاقبال عليهم يكون على أشده في الصيف له بضائعه وله قانونه الخاص به والناس تعودوا أن يكون لهم في الصيف عادات معينة وتقاليد معينة، واحتياجات معينة يحرصون على توفيرها بصورة مستمرة ودائمة وفقاً للإمكانيات والقدرات التي قد تتفاوت من شخص إلى آخر ومن أسرة إلى أخرى. حدائق تبحث عن الظل الصيف كذلك قد يشكل فرصة مناسبة للسفر وتنظيم الرحلات من المدينة إلى القرية أو من المناطق الحارة إلى المناطق الأقل حرارة غير أن عدم توفر المتنفسات والمتنزهات بالشكل المطلوب وكذا عدم توفر الخادمات قد يشكل عائقاً في هذا الجانب لاسيما في بعض المدن الرئيسة التي تشهد خروجاً واسعآً للناس والعائلات بغرض التنزه وقضاء أوقات ممتعة بعيدآً عن جو المنزل الخانق وهو ما قد يؤدي إلى عدم حدوث الأثر المطلوب كما يؤكد الأخ محمود عبدالوهاب »رب أسرة« حيث يروي انه خرج أكثر من مرة مع أفراد عائلته الى الحديقة العامة بغية الحصول على لحظات من المتعة والمرح غير أنه كان يفاجأ دائماً بعدم وجود أماكن كافية مخصصة للعائلات ومزودة بوسائل الحماية والراحة والأمان عى سبيل المثال المساحات الخضراء والأشجار التي توفر الظل وتحمي الأطفال وكبار السن من التعرض لضربة شمس وكذلك عدم توفر العدد الكافي من المظلات والاستراحات العائلية ولأن فصل الصيف مرتبط عندنا بهطول كميات كبيرة من الأمطار وبشكل شبه يومي فإن عدم توفر العدد الكافي من هذه المظلات والاستراحات العائلية يوقع الكثير من الأسر في مواقف لا تحمد عقباها بل ان هناك من الأسر من تربط ذهابها إلى الحدائق والمتنزهات بحالة الطقس فإذا كانت هناك مؤشرات على أن السماء يمكن أن تكون محملة بالغيوم فإن هذه الأسر ترفض الخروج ومغادرة المنزل خشية حدوث تساقط للأمطار كما ان العديد من الأسر حتى وإن كانت قد وصلت إلى الحديقة فإنها تغادرها بشكل فوري بمجرد رؤيتها لبعض السحب التي تأخذ في التشكل عبر الأفق فتختار الانسحاب والعودة إلى المنازل حتى وان كان الجو غير ممطر تماماً. خدمات أقل مما يجب نفس الأمر يؤكده الأخ محسن »عامل تشجير في أحد الحدائق العامة« ويزيد على ذلك بأنه يشعر بأسى شديد وهو يشاهد طوابير من العائلات تفتش عن زاوية آمنة أو تهم بالرحيل كلما تلبدت السماء بالغيوم أو بدأ المطر بالتساقط على عكس فصل الشتاء حيث يكون البرد هو مصدر الخوف الوحيد.. ومع ذلك فإن الأسر تستطيع التكيف مع مثل هذا الوضع إمابالمجيء مبكراً إلى الحديقة أو مغادرتها مبكرآً قبل حلول الظلام واشتداد وطأة البرد بجانب الحرص على ارتداء الملابس الشتوية المناسبة أما في الصيف فإن الأمر يحتاج إلى جهد وحرص أكبر من ذلك فارتداء الملابس الخفيفة يتناسب مع طبيعة فصل الصيف لكنه لا يقي أجساد الأشخاص وبخاصة الأطفال من التعرض لأشعة الشمس الحارقة اذا ما استمروا في العراء لفترات طويلة وبخاصة ان الأطفال ينسون أنفسهم عند انغماسهم في اللعب مع أقرانهم أو مع أفراد عائلتهم. قات رخيص جداً موالعة القات والشيشة يجدون في الصيف ما لا يجدونه في غيره من فصول العام فالقات يكون رخيصاً جداً حسب مايذهب إلى ذلك الأخ شرف الحمادي »كهربائي سيارات« الذي يؤكد أنه يجد خلال فصل الصيف متعة كبيرة في شراء وتعاطي أجود أنواع القات وبأسعار معقولة و يتمنى أن تكون السنة كلها صيف . انقطاعات في الكهرباء انقطاع الكهرباء ظاهرة مألوفة ومرتبطة بالصيف حيث يزداد الطلب على الطاقة وبخاصة خلال ساعات النهار وفي المناطق الأكثر حرارة مما يخلق حالة من الانزعاج وعدم الرضا في أوساط المواطنين وعلى الرغم من أن صيف هذا العام شهد استعدادات مكثفة ومعالجات عديدة تم وضعها وتنفيذها من قبل المؤسسة العامة للكهرباء وفروعها في المحافظات الا ان شبح الانطفاءات لا يزال يلوح في الأفق ويقلق راحة الكثيرين منهم.. الأخ نائف عبدالرحمن مهندس أجهزة الكترونية.. يؤكد أن الانطفاءات المتكررة للتيار الكهربائي تؤدي إلى تعطيل الكثير من الأجهزة الالكترونية والمنزلية وهو أمر يثير حفيظة الكثير من أرباب الأسر والعائلات الذين يزعجهم حدوث هذه الأشياء هذا من ناحية ومن ناحية أخرى يصاب الكثير بحالة توتر جراء انقطاع التيار الكهربائي لفترة طويلة حيث تحرم الأسر من مشاهدة القنوات الفضائية وهناك من النساء من يشغلها حدوث مثل هذا الأمر عن الاهتمام بواجباتها المنزلية كإعداد الوجبات أو ماشابهه وهناك أيضاً محلات ومراكز تجارية عديدة تتضرر كثيراً بسبب انقطاع التيار الكهربائي حيث تقل حركة البيع والشراء أو تتعرض بعض الأطعمة والمثلجات للتلف أو يعيش بعض أصحاب هذه المحلات حالة خوف من احتمال تعرضهم للسطو أو سرقة بعض المحتويات. زيادة الطلب على المياه هناك مدن يمنية كما هو حال مدينة تعز تعيش حالة من التناقض خلال فصل الصيف فمن جهة هناك أمطار غزيرة وسيول جارفة ومن جهة أخرى هناك أزمة خانقة في امدادات المياه الصالحة للشرب حيث ينقطع الماء في بعض المناطق لأكثر من شهر.. ويؤكد الحاج علوان عبدالوارث 70عاماً انه يضطر إلى شراء عدد من الوايتات لتغطية احتياجات عائلته من المياه وبخاصة ان عدد أفراد أسرته هو عدد كبير وما يتم تخزينه من المياه عند مجيء المشروع لا يكاد يكفي العائلة لأسبوع واحد وهو مايضطر الحاج علوان إلى شراء المياه مالم فإن العاقبة ستكون وخيمة ولا مجال آخر لسد هذا الاحتياج الذي يشكل عبئاً ثقيلآً على كاهل الحاج علوان وعلى كاهل الكثير والكثير من أرباب الأسر وأصحاب العائلات على الرغم من الإجراءات التثقيفية الحازمة التي يفرضها الحاج علوان وغيره على مسألة استهلاك المياه وضرورة ترشيد استخدامها إلى أقصى حد ممكن ومع ذلك تظل قضية شحة المياه أحد القضايا المزعجة إبان موسم الصيف وربما غيره من فصول السنة لأن توفر امدادات المياه وضمان وجودها اليومي في المنازل والمرافق العامة هو موضوع حيوي وهام ويشكل الأساس المنطقي والموضوعي لاستمرار بقاء الناس وارتباطهم بالمدن والتجمعات السكانية المعاصرة. اهتمامات وفعاليات فؤاد محمد قاسم »طالب ثانوي« يؤكد أنه بمجرد انتهاء السنة الدراسية فإن نظرته للحياة وبرنامجه اليومي ينقلبان رأساً على عقب بحيث تتغير مواعيد نومه واستيقاظه ومواعيد عودته إلى منزله فقد يمضي معظم النهار مع أصدقائه ويمضي معظم أوقات الليل في السهر ومشاهدة التلفاز وأحياناً يسافر إلى قرية والده لزيارة الأهل والأقارب والاستمتاع بجمال وروعة الريف.. ويشير فؤاد ان من بين أصدقائه من يجد نفسه مجبراً خلال الإجازة الصيفية على البحث عن عمل نظراً لما يعيشه من ظروف مادية قاهرة.. كما ان هناك من ينتهزون فرصة الإجازة المدرسية للالتحاق بمعاهد اللغات أو معاهد تعليم الكمبيوتر والانترنت وآخرون يفضلون استغلال أيام الإجازة في حفظ القرآن الكريم وتعلم أصول الفقه والتجويد غير أن أبرز الأنشطة العامة خلال موسم الصيف هي المراكز الصيفية وما تتضمنه من أنشطة وفعاليات وبرامج ومسابقات تعود بالخير والفائدة على الطالب والأسرة والمجتمع. الصيف كثقافة إذاً ما دام الصيف جزءاً من حياتنا وجزءآً من واقعنا المعاش فمن الضروري تعزيز ثقافة الصيف في أوساط المجتمع عموماً وفي أوساط جيل الشباب على وجه الخصوص كما يوضح ذلك الأخ مرشد نعمان »باحث اجتماعي« حيث يعزو ما قد يطرأ على البعض خلال الصيف من انفعالات وتصرفات ونحو ذلك من أمور والتزامات وتبعات إلى جهل الكثيرين بطبيعة هذا الفصل من فصول السنة وطبيعة الاستعدادات والاحتياجات والبرامج التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار عند بداية دخولنا في هذا الموسم الحار والمتقلب لكي نضمن حياة هادئة ومستقرة ونضمن الحصول على أوقات من المتعة والراحة التي لا تعوض.