ما إن يهل فصل الشتاء حتى تشتعل أسعار الكثير من الخضروات والفواكه والتي تتعرض للتلف جراء انخفاض درجة الحرارة وتتعرض الكثير من المزروعات للصقيع الذي يخلف خسائر مادية باهظة بالنسبة للمزارعين، إلا أن الخسائر التي يتكبدها هؤلاء المزارعون تقابل بأرباح خيالية يحصدها مزارعو القات الذين يمثل فصل الشتاء فرصة للثراء؛ نتيجة الارتفاع الجنوني لأسعار القات، والتي تدفع الكثير من مدمني القات إلى العزوف عن تناول القات لعدم قدرتهم على دفع المبالغ الباهظة التي يباع بها، واللجوء إلى ممارسة الرياضة، وغير ذلك من البدائل المتاحة. الجمهورية رصدت انطباعات عدد من متعاطي القات وبعض المزارعين حول هذه القضية وخرجنا بالحصيلة التالية: حاجة كمالية الأخ فؤاد الشيبة تحدث قائلاً: أولاً القات ليس قوتاً ضرورياً وإنما هو حاجة كمالية تعودنا عليها من خلال التطبع ومسايرتنا للحياة الاجتماعية فنحن نشأنا في بيئة، أفرادها يتعاطون القات، ودرجت العادة مع دخول فصل الشتاء أن يقلع غالبية الناس عن تناول القات؛ وذلك لارتفاع أسعاره، لأن البرد القارس يتسبب في إتلاف هذه الشجرة، وخصوصاً في المناطق الواقعة في القيعان التي تتأثر بموجة الصقيع ومن هذا المنطلق فإن من الطبيعي أن نترك القات حتى تعود الأسعار إلى طبيعتها وصدقني القات أضراره الاقتصادية هي التي تؤثر علينا؛ لأننا ننفق الكثير من المال على شرائه، ولا يعني ذلك أنه لا توجد للقات أضرار صحية أو اجتماعية فهناك أضرار عديدة، ولكننا حتى اللحظة لم نستطع إيجاد بدائل مناسبة للراغبين في الإقلاع عن تناول القات وأعتقد أن توفير هذه البدائل سيولد لدى الكثير من مدمني القات الرغبة في الإقلاع عن تناوله؛ لأنه ليس ضرورياً كما يصور ذلك البعض. ممارسة الرياضة رزق علي الجيشي: أسعار القات في الشتاء خيالية لا يقدر عليها إلا أصحاب الجاه والثروة أما نحن فإننا نجعل من هذه المرحلة فرصة لممارسة هواياتنا الرياضية والإبداعية، ونحن على استعداد للتخلي عن تعاطي هذه الشجرة بصورة نهائية، ولكننا بحاجة ماسة إلى إنشاء الصالات الرياضية، والتوسع في إقامة الحدائق، والمتنفسات، والمكتبات العامة، وأنا بصراحة أميل إلى تناول القات عندما تكون أسعاره في متناولي، ولكنني عندما أجد أن أسعار القات لم تعد في نطاق استطاعتي المادية فإنني ألزم نفسي بعدم شراء القات سواء كان ذلك في الشتاء، أو في غيره من فصول السنة، وكما تشاهد فإن غالبية هؤلاء الذين يمارسون اليوم رياضة كرة الطائرة هم من متعاطي القات، ولكنهم أمام ارتفاع أسعاره يجدون أنفسهم في حاجة ماسة لاستغلال الساعات الخاصة بمقيل القات في ممارسة الرياضة، ونجد أن العدد يزداد يوماً بعد آخر، والملاحظ أن هناك من الميسورين ينضمون إلى قائمة المقلعين عن تعاطي القات في فصل الشتاء؛ لأنهم افتقدوا لرفاقهم الذين هجروا مجالس القات، واتجهوا نحو ممارسة الألعاب الرياضية التي يهوونها. وعي متنامٍ فتحي يحيى الوصابي تحدث قائلاً: أسعار القات الجنونية هي السبب وراء ارتفاع عدد الأشخاص الذين يتركون تناول القات في فصل الشتاء. وهنا فإن هذه الفترة قد تكون مناسبة لكل شخص يرغب في التخلص من هذه العادة بصورة نهائية. وهنا أؤكد أنه على الرغم من اتساع مساحة الأراضي الزراعية المزروعة بالقات إلا أن هناك نسبة وعي متنامية في أوساط المواطنين حملت معها عزوفهم عن تعاطي القات باقتناع تام، وبالنسبة لعزوف البعض عن تناول القات في فصل الشتاء مع اشتداد البرد فإنه عزوف مؤقت فسرعان ما يعود هؤلاء بشراهة لتناول القات مع أول مؤشرات انقشاع الصقيع، واتجاه الأوضاع نحو الاعتدال في درجة الحرارة، وهنا أستغرب لماذا لا يتم رفع سقف ضريبة القات على بائعي القات خلال فصل الشتاء بما يتماشى مع أسعار البيع؛ لأن ذلك سيوفر للدولة إيرادات جيدة ومن غير المعقول أن يظل التعامل بالضريبة السابقة؛ لأنها شبه رمزية، والوضع في الشتاء يختلف تماماً وعلى مكاتب الضرائب وضع ذلك بعين الاعتبار. ظاهرة غير حضارية ناجي حمود النعامي: القات من الظواهر والسلوكيات غير الحضارية داخل مجتمعاتنا المحلية؛ لأنه لا يوجد أي فوائد من وراء هذه الشجرة فنحن نهدر الوقت والمال والصحة ومع ذلك فإنني ومعي الكثير من الزملاء نتناول القات من باب التقليد والأعراف الاجتماعية، وذلك مرهون برغباتنا الشخصية فنحن نتحكم في رغبتنا في تناول القات، ومن غير المعقول أن نصل إلى مرحلة الإدمان واللهث وراء إشباع هذه الرغبة. وفيما يتعلق بأسعار القات المرتفعة خلال فصل الشتاء فإنه من الطبيعي أن تجبر الكثير من متعاطي القات من ذوي الدخل المحدود على العزوف عن تناوله؛ لأن حالتهم المادية لا تساعدهم على ذلك، وهناك من يقلل أيام تعاطيه للقات في الأسبوع بحيث يقتصر على يوم واحد أو يومين، ولكن المهم لماذا يذهب هؤلاء إلى تناول القات؟ وللإجابة على هذا التساؤل فإن الحقيقة تشير إلى أن افتقارنا للمنشآت الرياضية الكافية والمتنفسات الترفيهية كبدائل لاحتواء المواطنين من الارتماء في رحاب مجالس القات، وسائل لإظهار واكتشاف المواهب الإبداعية وصقل هذه المواهب وتوجيهها. خسائر كثيرة محسن صالح العنسي مزارع تحدث قائلاً: نتكبد خسائر كبيرة بسبب برد الشتاء فالمحاصيل تتلف ومن ذلك القات الذي نضطر إلى استخدام الأقمشة لتغطيته لمواجهة الصقيع ونخسر من أجل ذلك مبالغ كبيرة، ونتيجة لذلك فإن أسعار القات ترتفع، لأن القات المعروض في الأسواق محدود جداً ولا يتناسب مع طلب المستهلكين وبالنسبة لنا فإننا علاوة على تكاليف تغطية القات ندفع أجور العمال وأجور سقاية القات وبالكاد بعد ذلك نحصل على الربح البسيط في الوقت الذي نبيع بخسارة على مدار العام وبالنسبة لي أنا على استعداد لاقتلاع أشجار القات إذا قدمت الدولة لي الدعم ووفرت لي الإمكانيات اللازمة لزراعة المحاصيل النقدية التي تعود على الجميع بالربح الوفير، لأننا بصراحة تعبنا، فالزراعة لم تعد تخدم المزارع إلا في حالات نادرة فعلى سبيل المثال نزرع البطاطس والطماطم ونخسر عليها خسائر باهظة ولكننا عند موسم الحصاد نفاجأ بكساد السوق بسبب كثرة الإنتاج وعدم وجود أسواق خارجية تستوعب هذه المنتجات، ومع تكرار هذه الخسائر أجد نفسي أتجه نحو زراعة القات بعد أن شاهدت جيراني نفضوا غبار الفقر من عائدات بيع القات المضمونة على مدار العام وهذا حق مشروع فالجميع يبحثون عن المنفعة. مهنة متعبة أحمد ناصر الكراعي بائع قات: أسعار القات مرتفعة في الشتاء؛ لأن إنتاج القات يتراجع متأثراً ببرودة الأجواء وهو ما يدفع المزارعين إلى رفع الأسعار فنضطر إلى الشراء ونبيعها بأسعار أرفع بنسبة محدودة جداً جداً وهي مهنة متعبة ومرهقة جداً، ولكننا من خلالها نتدبر متطلبات الأولاد والأسرة ومصروفاتنا الشخصية ونبتغي من وراء ذلك ستر الحال، ولا يوجد لدينا مصدر دخل بديل لترك مهنة بيع القات ومتى ما توفرت أي فرصة مناسبة فإنني لن أتردد في ترك هذه المهنة والتي بالمناسبة يتركها البعض خلال فصل الشتاء؛ نظراً لمبالغة أصحاب المزارع في أسعار القات، ولا يوجد لدى هؤلاء سيولة مالية تغطي ذلك وأعتقد أن تشجيع المزارعين على زراعة الحبوب والخضروات والفواكه سيجعلهم يتركون زراعة القات، وأعتقد أن إقامة المصانع العملاقة من قبل الدولة والقطاع الخاص التي تستوعب الشباب من شأنه هجر هؤلاء العمل في بيع وشراء القات. موسم سنوي عبدالكريم مسعد العيسي بائع قات: أسعار القات ترتفع في فصل الشتاء لأنه موسم سنوي؛ لأن البرد الشديد يفتك بأشجار القات التي تتحملها وهو ما يترتب عليه البيع بأسعار مرتفعة وهذا شيء طبيعي لا فائدة كبيرة لنا من وراء ذلك فالمستفيد الأكبر هم المزارعون، لأنهم يمتلكون القات.. أما نحن فلا نحصل إلا على الربح البسيط، وبالنسبة لهذا الموضوع فأنا واحد من الأشخاص الذين يتركون تناول القات بسبب ارتفاع الأسعار وهناك بدائل سواء في الرياضة أو غيرها من الوسائل التي بالإمكان عملها خلال هذه الفترة ولا يوجد أي تداعيات جراء ترك القات، والأمر عبارة عن حالة نفسية فقط، فنحن في رمضان لا نتناول القات ولا يحدث أي مضاعفات والمشكلة نفسية بحتة.