يُعد الأذان شعيرة من شعائر الصلوات الخمس ، وإعلاناً بدخول أوقاتها وهو عبادة ذات تعبير روحاني عظيم ، وصوت يتجلجل في السماء ، وتصدح به المآذن لتدعو عباد الله المسلمين إلى السعي نحو أداء الفرائض ، بوقار وسكينة واطمئنان .. في وقتٍ واحدٍ ، وشدوٍ موحد ، والفاظ وتركيبات وصيغةٍ عربية واحدة في كل الأصقاع التي بلغها الدين الإسلامي الحنيف.. الأذان.. أحد أسرار صلوات المسلمين يحمل معنى التوحيد للخالق العظيم ، ويرمز إلى وحدة الأمة المؤمنة الموحدة ، وعنوان من عناوين العبادات التي خصها الله «أمة المسلمين».. وتميزت به عن سائر الأمم .. ولذلك اهتم به الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأوكل إلى الصحابيين الجليلين بلال بن رباح وعبدالله بن أم مكتوم مهمة رفع الأذان لكل صلاة من الصلوات الخمس.. لما أعطاهما الله رب العالمين من ملكة الصوت الحسن ، وكذا جهوريته بحيث يسمعه الناس في بيوتهم وأماكن أعمالهم آنذاك. وباتساع رقعة الدولة المسلمة انشئت المساجد ، وتنافس فيها المصلون على نيل رتبة «المؤذن» لما فيها من الأجر العظيم في الآخرة بشر به المصطفى صلى الله عليه وسلم ، كما أثنى عليهم في وصف أحوالهم يوم القيامة حين قال «المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة».. وفي بلادنا بحمد الله تعالى المساجد يعمرها المصلون في الأوقات الخمسة.. وهي أي المساجد تنتشر في كل أرجاء اليمن ، مدنها قراها ، جبالها ، والسفوح .. والحكومة والخيرون يعملون على تشييد العديد منها كل عام.. لكن الذين يوكل إليهم مهمة رفع الأذان للصلوات لايتم اختيارهم بما يجعلهم ممن يمارسون هذه العبادة اليومية على الوجه الحسن التزاماً بالمواعيد للصلوات الخمس أذاناً وإقامةً ، كما أنهم أي المؤذنون قلما يمتازون بالصوت الحسن الجهوري ، فالكثير منهم يسيء أكثر مما يحسن.. ولايلتزم بتعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم المقننة لواجبات المؤذن وإمام المسجد الذي يرتضيه المصلون ليأتم بهم.. تنفيذاً لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم «المؤذن مؤتمن ، والإمام ضامن». ومن المخالفات التي يتم تسجيلها على المؤذنين في المساجد أنهم يرفعون الأذان للصلوات الخمس دون توحيد في التوقيت للمساجد التي تقع في المدينة الواحدة .. ففي صلاة الفجر تسمع المؤذن في مسجد بتعز يؤذن للفجر أو للعصر قبل الموعد بحسب التوقيت المحلي لتعز وضواحيها إما بعشر دقائق أو أكثر أو أقل.. ثم يتركون فاصلاً بين الأذان والإقامة أوقاتاً يحددها المؤذنون أنفسهم فتارةً يكون الفاصل الزمني عشرين دقيقة وتارة لايزيد عن عشر دقائق.. فتسمع مسجداً تقام فيه الصلاة وآخر قد انصرف المصلون فيه من الصلاة.. وهكذا مع أن وزارة الأوقاف ومكاتبها قد عممت على المساجد المواقيت الزمنية للأذان في كل جامع بعد ازدياد غياب آئمة المساجد عن الالتزام بواجبهم أمام الله في الائتمام بالمصلين في الصلوات الخمس يومياً ، واعتماد المؤذن بكل مايتعلق بالصلاة على اجتهاده الشخصي.. فيكثر خطاؤه ويبتدع ويخالف السنة وهو لايدري. ولعل الاستثناء الوحيد ، والحسنة الأوحد التي يمكن الاشارة إليها هنا ، فيما يتعلق بتوحيد الأذان ، والتزام المؤذنين ، يتمثل في اتباع معظم مساجد أمانة العاصمة ، بل وكثير من الجوامع في محافظة صنعاء ، للأذان الذي يصدح به المؤذن من «الجامع الكبير» بصنعاء القديمة وتبثه مباشرة إذاعة صنعاء ، وما إن تلتقطه اسماع المؤذنين لمساجد أمانة العاصمة والمحافظة حتى تصدح بالأذان تبعاً لذلك في توقيت واحد تتجلى فيه وحدانية التكبير وواحدية التوقيت ، وتدل على وحدة الإله الخالق ووحدة الأمة المسلمة المؤمنة. وهذه الخطوة ينبغي أن تكون قدوة.. وترسى في كل محافظة بحيث تلزم مكاتب الأوقاف في المحافظات أئمة المساجد ومؤذنيها باتباع الجامع الذي تحدده مسجداً قدوةً ، ويكون مؤذنه أول من يرفع الأذان ويحافظ على المواقيت الزمنية.. لتتوقف المآذن التي تعتمد على ساعات مؤذنيها ممن لايلتزمون بسنة ، ولايتبعون ما كان عليه صحابه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. كما أنه يستحب أن تعمل وزارة الأوقاف على نشر الوعي في صفوف المؤذنين وأئمة المساجد بضرورة الالتزام بالمسنين عن النبي صلى الله عليه وسلم خصوصاً في وجود مكبرات الصوت الخارجية التي يبدأ العمل بها من ساعات السحر الأولى بالتسبيح الذي وإن كان ظاهره عبادة ، إلا أنه يؤذي عباد الله النائمين ، فليس لزاماً على المؤذن أن يرفع التسبيح بالميكرفون الساعة الثالثة ليلاً والصلاة موعدها الرابعة والنصف فجراً.. فهذه الظاهرة الابتداعية اختفت في فترة سابقة لكنها بدأت تعود مما يستدعي استمرار وزارة الأوقاف ممثلة بالقاضي حمود عبدالمجيد الهتار وزير الأوقاف بتوضيح المهام الشرعية للمؤذن والمحاذير التي يجب عليه أن يكف عن ايتانها.. وأملنا في أن يدرك آباؤنا المؤذنون أنهم برفع الأذان يؤدون شعائر صلاة وعليهم إن يحسنوا أصواتهم ويوصلوا رسالة الأذان نقية طيبة لانها ايضاً دعوة لعبادة الله. وما ينبغي أن يعلمه من يقوم على خدمة المساجد ، ويرفعون الأذان للصلوات.. إن بعضهم يتسبب في نفور المصلين من مساجدهم لرداءة صوت المؤذن في رفع الأذان ، وإن لم يكن عامداً ومنهم من يقبل على الصلاة في مسجد محدد ولو كان بعيداً ، لأن المؤذن فيه ذو صوتٍ حسن ، يجيد الصدح بالأذان ، فلا يخرق الأذان ، بل تبلغ عبارات «الله أكبر.. وحي على الصلاة» إلى قلبه ، وتشحذ همته ليصلي في المسجد.. فهناك فرق بين مؤذنٍ يعلن دخول الصلاة بصوت خاشع يتعبد بذكر الله متبعاً لامبتدعاً .. وبين مؤذنٍ يؤذي الاسماع ولايلتزم بتعاليم وتوجيهات سيد الأنام محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة والسلام.