شاءت الأحوال ان أتنقل خلال هذا الصيف إلى عدة بلدان ومدن، وقبل هذا التنقل لاحظت أن صيف الإمارات العربية المتحدة كان مغايراً لمألوف الأيام الموازية للصيوف الماضية، فقد بدت لي درجة الحرارة أقل كثيراً، فيما شهدت الدولة أمطاراً وصلت إلى حد السيول في الإمارات الشمالية، وذلك استتباعاً لموجة العواصف والأمطار المدارية التي هطلت بغزارة في سلطنة عمان.. وقبل ان أغادر إلى عدن في الاسبوع الأخير من يونيو تناقلت وكالات الأنباء ان مدينة عدن شهدت موجة حر شديدة، وتجاوزت الحرارة الدرجات المألوفة في مثل هذا الوقت، الأمر الذي أودى بحياة عشرة من المسنين.. ولقد وطّنت نفسي لمعانقة أيام حر عدني قائظ، لكن المفاجأة كانت قبل وصول الطائرة إلى المطار حيث بدت السماء ملبدة بغيوم كثيفة وسحب، ومع وصولنا إلى مطار عدن تساقطت قطرات من الأمطار، فيما كانت أيام الصيف أقل حرارة. لقد تغير الجو فجأة بعد موجة الحرارة الشديدة، الأمر الذي أثار دهشة وعجب الناس، تالياً تحركت إلى لندن في نهاية شهر يونيو، وكنت أتوقع وكالعادة صيفاً أوروبياً خالياً من الأمطار والبرودة، ومنتعشاً بشموس لندن الصيفية الرائعة، لكن ظني خاب، فقد رأيت صيفاً أوروبياً لم أره من قبل. لندن وغيرها من المدن البريطانية تشهد أمطاراً متواصلة وبرودة ملحوظة، بل فيضانات مدمرة. أسجل هذه الشواهد الشخصية دون تعليق، فما سطرته هنا يتمدد جغرافياً في سلطنة عمان والإمارات العربية واليمن وبريطاينا، ويوضح درجة الاختلال القائم في المناخ، وهو أمر يفسر ضمناً ذلك الاختلال في العقل الجمعي للعالم المعاصر، فبقدر الانسياب مع أحوال ونواميس طبيعية لا علاقة لها بمألوف الأحوال والأوضاع نجد أنفسنا في ذات البيئة القاتلة سياسياً واجتماعياً.. نفسياً وسلوكياً، وكأننا نترجم المفارقات الأكولوجية بجنون عام يطال مختلف أوجه الحياة.