قالت الشاعرة العراقية الكبيرة نازك الملائكة إن التعبير الشائع الشعر العمودي ليس تعبيراً دقيقاً لأن عمود الشعر عند العرب كما حدده المرزوقي يمثل أشياء كثيرة إلى جانب الوزن وأحياناً كانوا يقولون عمود الشعر ويقصدون الشكل الجاهلي للقصيدة من الوقوف على الديار والبكاء والاستبكاء ووصف الأسفار والمطر ونحو ذلك. وأضافت في حديث صحفي مع الزهور ملحق الهلال المصرية قبل وفاق: لقد أيقنت مند زمن بعيد أن أقول شعر الشطرين قاصدة بذلك شعرنا الخليلي الدارج كما شاع اصطلاح الشعر الحر، في الوطن العربي شيوعاً واسعاً ومصلحة النقد الأدبي أن نحدد الاصطلاحات فلا يكون لكل ناقد اصطلاحه الخاص ، لأننا بذلك نحدث البلبلة في الفكر العربي. وفي سؤال عن الفرق بين شعر الشطرين والحديث قالت نازك الملائكة هذا الموضوع طال الجدال واللجاج فيه ، بينما يعد أنصار الشعر الحر على أن هذا الشعر الحديث هو الأقدر على التعبير والأكثر ليونة ومطاوعة وقد ألفت أن اتحاشى الميلان مع الأهواء فإن هذه الأهواء تجعلني أميل مع الشعر الحر وأطلق لها العنان لأنني منذ ثلاث سنوات مغرقة في استعمالي للشعر الحر فإنني أقرب إلى نفسي من شكل الشطرين ولكن هل يعني هذا أن الشكل الحديث أفضل من شكل الشطرين ، ولكن هل يعني هذا أن شكل الشكلين كليهما معبر وصالح وقادر على النماء والتجدد. وفيما يتعلق بتنبيه الشاعرة الملائكة التناقض بين الشكلين وسبب إيثارها لشعر التفعيلة في ظل أن الشعر القديم مساوٍ له في الجمال وقالت : هذا السؤال دقيق وهو يمنعنا في مواجهة الجذور الاجتماعية والنفسية لحركة الشعر الحر فكأنك تسألني ماضرورة الشعر الحر ولماذا سئلنا عليه في هذا العصر وهل هناك حتمية نفسية تجعلنا نؤثره ونختاره أو تراه مجرد غواية وقع فيها الشبان الهوائيون منذ عام 1947م أما المتزمتون من أنصار الشطرين ومنهم أحياناً أناس مخلصون لاقدرة لهم على تقبل أي شيء فيظنون أننا نختار الشعر الحر لمجرد الفساد أو الشذوذ أو لأنها نزوة صبيانية في نفوسنا تجعلنا نؤثره ونختاره .. أو لأننا نريد تحطيم التراث أو لأسباب أخرى يزعمونها والواقع أو للقضية أبعاد أعمق مما يبدو. وفي ردها على سؤال المجلة فيما إذا كان لا يحتمل شعر الخليل وهل سيموت هذا الشعر أكدت نازك الملائكة أنه لايموت أبداً لأنّ اتجاهاتنا النفسية الحالية ليست خالدة فالعصور تغير الأنماط الحضارية منددة بالحملات التي يشنها أنصار الشعر الحر على شكل الشطرين فان الاعتقاد أن الشكل الخليلي قد مات الى الأبد ودعت إلى ضرورة الاهتمام بأنواع القراءة في الاتجاه الاجتماعي وتأخذ الدراسات الإسلامية وكتب التصوف جانباً هاماً فيما أحب القارئ والقضية الفلسطينية تعني الى حد ما إضافة إلى الروايات والقصص فقد قرأت قصص الشهيد غسان كنفاني فضلاً عن قراءتي في الفلسفة وعلم النفس. الجدير بالذكر أن للشاعرة العراقية نازك الملائكة دواوين أو مجمعات شعرية منها زنابق روحية قرارة الموجة ، شظايا ورماد، وقصيدتها الموسومة الكوليرا وعاشقة الليل ، ولها العديد من الدراسات الشعرية العامة منها مقنعي الشعر المعاصر بينما بدأت حياتها الشعرية بقصيدة طويلة اسمها الموت والإنسان وتجيد الراحلة من اللغات الانجليزية والفرنسية والالمانية واللاتينية إضافة الى اللعة العربية .. وتوفيت رحمها الله وطيب الله ثراها يوم الخميس السادس والعشرين يونيو 2007م عن عمرٍ ناهز خمسة وثمانين عاماً.