هل هناك من يبكي لأمور ليس لها وجود؟ أم أننا نبكي بسبب صور تجتاح مخيلاتنا؟ هناك عصافير اللقاء، وحمام السلام، وورود المحبة، ونظرة من فتاة ذات عينين زرقاوين وشعر منسدل كالحرير، وجسم معتدل القامة. لقد رأيت في عينيها عالماً آخر، دخلت عالم الحب والحنين وقطرات المطر "عالم الخيال"، عالماً رأيت نفسي فيه ملكاً على عرش سليمان، وامبراطوراً لاحدى الامبراطوريات التي لا تغيب عنها الشمس، وملكاً للصحاري والقفار. سوف أكتب مذكرات يومي هنا على أرصفة الشوارع، وفي الوديان السحيقة.. أكتب عن طفل يبكي من أجل الحصول على القليل من الحليب الدافىء من صدر أمه كي يسكت به جوعه.. ونحن هنا نبكي من أجل أيام مقبلة لا نعرفها، أيام سوف نرى فيها بكاء غير بكائنا، ودموعاً ليست دموعنا، وأحزاناً ليس لها مكان في قلوبنا.. دموع العاشقين تمرح وترقص وتغني، وقلوب البؤساء مليئة بالأحزان والجراح والعذاب والتمرد المستمر.. أما القلوب النادرة في زماننا فهي لا تعرف البكاء ولا الأحزان ولا التكهن بالأكاذيب الزائفة، أو أي خطأ متعمد مدون في السجل الداخلي لقلوبنا. هنا على هذه الصفحة سوف أخط بريشة قلمي على صفحات القمر المتبدلة دائماً، وسوف أكتب على وجوه الناس كي تعلم أن هناك شخصاً تائهاً يستطيع أن يرسم ويكتب بريشة الحبر الأحمر، آلاف الكلمات.