تفاجأت سمية عندما رأت ان من جاءت لمقابلته بعد دردشة طويلة عبر الجوال هو خطيبها السابق الذي رفضته، وما كان منها إلاّ ان انسحبت باستحياء من أمامه وخرجت مهرولة من مركز عدن مول التجاري لتعود الى منزلها مسرعة وتعتكف في غرفتها أياماً بعد إلغائها خدمة الدردشة من جوالها. تقول سمية:" صحيح انه لم يرني في المركز ولم يعرف شيئا عني إلا ان تأنيب الضمير ظل يلاحقني خاصة وان هذا الشاب تقدم لخطبتي لعلمه بعفتي واحترامي لنفسي أولاً وأهلي ثانيا". وتشير الى ان خطيبها السابق كان من اكثر المنتقدين لمن يدردشون في الجوال على الرغم من انه اكثر المولعين بهذه الخدمة.. هذه قصة من عشرات القصص التي يتسبب بها الرقم (8888) رقم ارتبط بخدمة الدردشة التي ادخلتها شركات الهاتف الجوال في الجمهورية اليمنية وانتشرت مؤخرا بين أوساط الشباب من طلاب وخريجي الجامعات. ومثل ما لهذه الخدمة من ايجابيات تتمثل في خلق صداقات وعلاقات بين أوساط الشباب والبنات، فإن لها أثار سلبية واجتماعية جمة منها نزغ العلاقة الاجتماعية والأسرية و تحويلها الى سبيل لتحقيق أهداف غير مشروعة من خلال إرسال رسائل تحمل ألفاظاً بذيئة لا تتفق مع تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وقيمنا الاجتماعية والأخلاقية. تحفظ الشركات شركة ام تي ان (سبسيتل سابقا) وبعد اخذ الاذن من المركز الرئيسي في صنعاء أفادت ان شركتهم هي عبارة عن وسيط وان هذه الخدمة والرقم (8888) يتبعان شركة في امارة دبي بدولة الامارات العربية المتحدة وبالنسبة لأسماء وأرقام المشتركين لا تعلم عنهما شيئا سوى اسمائهم المستعارة التي يختارونها. وحول ما اذا كانت هناك شكاوي من رسائل بذيئة قال مصدر في الشركة "حتى وان تلقت الادارة شكاوى لا يمكنها الافادة بشيء سوى ان يكتبوا كلمة غائب ويرسلونها الى الرقم (8888) للخروج من الدردشة". وفي شركة سبأفون كان الوضع مختلفاً حيث اكد احد موظفي الشركة بعدن ان الدردشة هي اختصار للوقت بوحدات اقل، منوها الى انهم لم يتلقوا أي شكاوى حتى الآن سوى عند تعطل الشبكة المتخصصة بذلك عن العمل ونسارع في اصلاحها. المدردشون يؤيدون واتفق عدد من مستخدمي هذه الخدمة على انها وسيلة لتضييع الوقت والتسلية، خالد الشوافي يرى أن هذه الخدمة تعوضه عن الدردشة في مقاهي الانترنت والتي منع منها من قبل عائلته لإدمانه الشديد عليها، مشيراً الى انه لا يهمه ان تكون الرسائل الواصلة إليه بذيئة أم لا..! أما مها محمد فترى انها دخلت الدردشة بعد اتفاق مع صديقاتها بأسماء مستعارة للتواصل معهن خاصة وان التكلفة قليلة، وحول الرسائل المستفزة والبذيئة أجابت قائلة " ليس من الواجب ان نهتم بكل رسالة سخيفة تأتي إلينا". وترى سهى وعبير ان دخولهما الدردشة يأتي لغرض البحث عن أصدقاء وتضييع الوقت بغض النظر اذا ما كان هؤلاء الأصدقاء شباباً أم بناتاً ولكن من دون إعطائهم أرقامهم الحقيقية. من جانبه يرى صالح علي ان الدردشة هي للتسلية وتضييع الوقت، وقال: "اتراسل مع الشباب والبنات على انني بنت فهناك من البنات من يتجاوب معي وكذلك الشباب فأتسلى واضيع الوقت"..! دور تربوي أولياء أمور الشباب اجمعوا ودون استثناء على رفضهم لهذه الخدمة لما تسببه من انحراف أخلاقي وديني، حيث قالوا "ان تعارف الشباب والشابات عبر دردشة الجوال يحط من سمعة البنت التي تتجاوب مع مثل هذه الرسائل. المربية ياسمين حامد التي تعمل في إحدى مدارس الثانوية بالمحافظة ترى انه لا فائدة من مثل هذه الخدمات التي تعمل على تضييع الوقت وهو شيء غير محبب. وأشارت الى دورها ودور المعلمين في تقديم النصح للشباب بعدم التعامل مع مثل هذه الخدمات لأنها في النهاية تؤدي الى خراب القيم الأسرية والاجتماعية. وأكدت على أهمية ان تلعب المدرسة والأسرة دورهما في تربية النشء تربية جيدة وحثه على الابتعاد عن هذه الطريقة التي تسيء الى القيم والأخلاق الحميدة التي ربانا عليها ديننا الإسلامي الحنيف. فراغ عاطفي الدكتور معن عبدالباري قاسم استاذ مشارك في قسم العلوم السلوكية بكلية الطب جامعة عدن رئيس الجمعية اليمنية للصحة النفسية يقول ان تاثيرات الوسائط التكنولوجية مثل الدردشة بالجوال او الانترنت المشكلة ليست في الوسيط لأن الوسيط هو ناقل هذه الرسائل عبر أجهزة صنعها الإنسان والمشكلة الحقيقية هي في كيفية تربية الشباب ودرجة ثقافته وثقافة المجتمع الذي يعيش فيه، فالشاب الذي لم يحصل على التعليم الجيد والبيئة الأسرية المناسبة والاستقرار الآمن والإشباع العاطفي والمادي والمعرفي، اذا لم تتوفر هذه الأشياء يصبح الشاب يعيش في فراغ فيحاول ان يملأه بهذه البدائل بأشكاله المشوهة واستخدامه السيئ. واضاف ان فصل الصيف الذي يعد استراحة الشباب اذا لم توجد برامج لتفريغ طاقاتهم الجسدية والعضلية مثل المسابقات والمهرجانات الفكرية والثقافية لاطلاق ملكاتهم ومهاراتهم فإن الشباب لا بد لهم ان ينحرفوا ويسلكوا مثل هذا المسلك الذي يخالف قيمنا الدينية والاجتماعية والأخلاقية. وقال الدكتور معن "على اساتذة الجامعات والمؤسسات الأكاديمية والإعلامية وأولياء الأمور ان ينتبهوا الى هذه الأشياء والطفيليات التي تخترق دماغ الشباب دون ملاحظتها والعمل يداً بيد على منع مثل هذه التقنيات التي تفسد الشباب و محاربتها". وفيما يخص وجود الرقابة بين ان العالم يتجه حالياً نحو حرية المعلومات وانه ليس من اللائق ان يتم مراقبة أي شيء حتى لا تنعدم الثقة بين الجميع. مطلوب قانون ! الدكتور سليم النجار أستاذ وسائل الاتصالات بقسم الإعلام كلية الآداب جامعة عدن يرى ان لهذه الخدمة أعراض سلبية وايجابية، محدداً السلبية منها في ان كثرة استخدام الجوال يؤدي الى أمراض خبيثة بالاضافة الى الأرق عند الأطفال. أما الايجابية فيرى ان الدردشة أفضل طريقة للحصول على المعلومات بطريقة سريعة وسهلة، مضيفاً انه يمكن تسخير هذه الخدمة لتطوير ثقافة الإنسان ومعلوماته بشكل جيد وصحيح. وأكد على ضرورة وجود قانون يحدد أساليب استخدام هذه الخدمة ووجود رقابة لردع من يحاول الإساءة الى تعاليم ديننا الحنيف والقيم الاجتماعية والأخلاقية