كل المجتمعات والدول تنشد التنمية الشاملة، وتعد الخطط وتضع البرامج الكفيلة للوصول إليها، لكن يظل الإنسان حجر الزاوية والوسيلة الأساسية فيها، ولذلك كان الاهتمام بالإنسان تنشئة ورعاية، وتربية وتعليماً، وتأهيلاً وتدريباً، من خلال مجموعة من البرامج والوسائل والانشطة،منها صوم رمضان. والمتأمل يدرك ويعي دلالات صوم هذا الشهر المبارك، فأيامه الثلاثون دورة مكثفة في التنمية البشرية هدفها الرئيس تخريج إنسان في قلبه وضميره تقوى الله، فتعمل على احياء معاني الخير والفضيلة، وتلفت انتباهه إلى مايزكي نفسه، ويصلح قلبه، ويهذب سلوكه، ويعمق الاخلاق الاجتماعية ليتعايش مع الآخرين، فلايعتدي على حقوقهم، وتبني فيه حرية وقوة الإرادة فيتحمل مسئولية أعماله، واختياراته وتبعاتها، ويواجه ابتلاءات الحياة ومشكلاتها بعزيمة لا تلين، وصبر وثبات وتنمي لديه فن اتخاذ القرار، فيثق بقدراته،ويعالج أمراض الضعف والتردد. كما تمنحه الهمة العالية، والايجابية في العمل، وتحفزه للانجاز والانتاج، فيترفع عن صغائر الأمور، ويضع له أهدافاً سامية ويخطط ويبذل الجهد لتحقيقها. ويهجر السلبية والتسويف والتواكل، ويزرع الأمل ويتجاوز اليأس، ويستشرف المستقبل، وتوجهه إلى التأمل والتفكير، وتدعوه إلى التجديد والتطوير فيبدع ويبتكر. وإضافة إلى ماسبق تتجدد مفاهيم التربية الذاتية لديه، فيشعر بمسئولياته، ويتذكر واجباته، وينظم وقته ويحرص على استغلاله، ويحاول اتقان عمله وتجويده، وتقويم أدائه. وفي هذه الدورة التنموية تتكامل الأنشطة التربوية، وتتنوع فعالياتها في تربية وتعليم الإنسان، ليصبح في ختامها فاعلاً وحيوياً؛ قادراً على المشاركة في البناء والتنمية، ولتظل طاقته متجددة طوال العام، فإذا أصيب بالخمول، والتكاسل، والقصور والتقصير والنسيان، جاءت هذه الفرصة لتنهض به من جديد.