الإيمان بالله والتمسك بالعقيدة والوفاء للدين والوطن والمحافظة على شعائر ديننا الإسلامي هو خير ما يحفظ للإنسانية نقاء جوهرها وصفاء معدنها ويحقق لها نبل مقاصدها وسمو أهدافها ويعصمها من الارتكاس في المهالك ويقيها الوقوع في الكوارث ويرتفع بها فوق ألاعيب الفاسدين والمخربين وتفاهة التافهين. لأن الهدف السامي من صيام شهر رمضان هو المساواة فيه بين جميع أفراد الأمة الإسلامية حاكمها ومحكومها غنيها وفقيرها وبث روح النظام فيها لجميع المسلمين.. يفطرون في وقت واحد لايتقدم فيه أحد ولا يتأخر، والإبقاء على نفس الصائم على الشعور بالألم الذي يقاسيه الفقراء المحرومون في المجتمع فترق لهم القلوب وتهفو النفوس لمساعدتهم وسد حاجاتهم. إن الصيام بهذا المعنى ليس تعذيباً للصائم وحرماناً من شهواته وملذاته لكنه تربية لنفسه وتقوية لروحه والتقرب من خالق الكون وتفهم سر ما أبدع في هذا الوجود من حياة ومن أهم معاني هذا الشهر العظيم أن القرآن المبين نزل على النبي صلى الله عليه وسلم الصادق الأمين في شهر رمضان الفضيل وبذلك فرض الله علينا صيام هذا الشهر تذكيراً بهذه النعمة واحتفاء بهذه المناسبة وشكراً لله على ما أسدى بهذا القرآن من خير عظيم وبر عميم والقرآن وحده هو مصدر الهداية الدينية لكل البشر ففيه صلاح معاشهم ومعادهم وفيه سعادة افرادهم وجماعاتهم وفيه الطريقة المثلى لسلوكهم وبناء حياتهم لقوله تعالى في كتابه الكريم «إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم». والصيام سر بين المسلم وربه ولا رقيب عليه فيه إلا الله فلولا علمه باطلاع الله عليه ومراقبته لما صبر عن تناول لذائذه ومتطلبات غرائزه فهو يتركها امتثالاً للأمر فقط واحتساباً للأجر وبتكرار هذه الملاحظة تقوى عند الصائم ملكة المراقبة لله والحياء منه سبحانه أن يراه حيث نهاه وهذا هو الهدف الروحي الذي يجعل من الصيام أعظم مختبر للإرادة وضبط النفس وكبح جماح الأهواء والنزعات الشريرة في الإنسان فالصائم حين يمتنع عن عاداته ومألوفاته بمحض إرادته يقوم بعملية تدريب نفسي تفضي به إلى تثبيت ملكة الإرادة في نفسه وتقوية معنى الحرية فيها فيكون دائماً حراً مسيطراً على كل تصرفاته لاعبداً ذليلاً لشهواته وهذا هو الهدف التربوي. أما الهدف الاجتماعي من الصيام هو روح التسامح والرحمة والمغفرة والعطف وتقديم المساعدة لذوي الفاقة والمحتاجين من الفقراء والمتسولين والمعاقين والمحافظة على أداء الأسرة والأبناء لهذا الغرض الأساسي الذي فرضه ديننا الإسلامي ومراقبة الأبناء حيث يكونون في معاملاتهم مع الآخرين وإلى ذلك يشير الرسول عليه الصلاة والسلام بقوله:«من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» وقوله أيضاً «ليس الصيام من الأكل والشرب وإنما الصيام من اللغو والرفث» والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه العزيز «إنما يتقبل الله من المتقين». فهذا هو الدين الإسلامي وهذه هي تعاليمه عمل إيجابي لا يؤمن بالسلبية ولايعترف بالمظاهر والقشور وقوة روحية لاتحب الضعف ولاتعترف إلا بكل ما يؤدي إلى القوة والرفعة والكمال. نتمنى من العلي القدير أن يجعل هذا الشهر المبارك بركة ورحمة على بني البشر من العرب والمسلمين ونصرة للشعب الفلسطيني من الهيمنة الصهيونية وتخفيف معاناة الشعب العراقي الشقيق وانسحاب القوات المحتلة وتوحيد كلمة العرب والمسلمين على الحق والصدق والتصدي للهيمنة والسيطرة الأجنبية وتجنيب بلادنا وحكومتنا مخاطر التحديات والمصاعب والأزمات والمحن والمخططات الهادفة إلى عرقلة مسيرة التنمية وكشف المؤامرات التي تحيكها القوى المعادية لشعبنا اليمني الموحد.