مجلة «كل شيء والدنيا» رصدت موائد بعض نجوم الفن في رمضان على صدر صفحاتها في 8 رمضان 1354 الموافق 4 ديسمبر 1935 ،، وماذا يأكلون وكيف تأتي تصرفاتهم وأعمالهم ، ومن بينهم زينب صدقي والمطربة نجاة علي ومحمد عبدالقدوس وأمينة رزق وسليمان نجيب .. زينب صدقي قالت: إنها تتحول من فتاة مرحة إلى سيدة آخرى. فهي تمتنع في شهر رمضان عن كل ما يقلل من شأن العبادة ، وتنصت إلى القرآن ، وتستوعب ما فيه من حكمة وجمال المعنى .. ولا تهتم زينب بمائدتها في رمضان ، وتترك لوصيفتها «الست أم محمد» أمر تنظيمها واختيار ما يحلو لها ، وليس على زينب إلا أن تأكل دون اعتراض. أما المطربة نجاة فقد اعتادت الصوم وهي في السابعة من عمرها ، فهي تصوم بحكم العادة أولاً وقبل كل شيء ،. كما أنها اعتادت أن تؤدي فروض الصلاة في رمضان وحده ، ونجاة في رمضان كريمة إلى أقصى حد ، فمائدتها عامرة بالأكل و«الآكلين».. وتتناول نجاة طعام الإفطار في رضمان مع أهل منزلها، ذلك لأنها تقسم أصدقاءها إلى طوائف معينة ، وتخصص لكل طائفة يوماً ، وهي لا تنسى مشايخ الطرق وإن لم يكونوا من الأصدقاء ،وهؤلاء يعرفون موعدهم من غير توجيه الدعوة ، وفي ليلة الجمعة اليتيمة يزدحم بيت نجاة بألوان العمائم الخضراء والحمراء ، وبعد الأكل يبدأ الفقهاء في قراءة «الخاتمة»، أما الست أم نجاة فهي تختار يومًا معلوماً من أيام رمضان ، ثم تعد قدراً وافراً من «الفول النابت» وتضعه في ساندويتشات ثم ترغم ابنتها على أن ترافقها في سيارة تمر بها على جميع اضرحة أولياء الله في القاهرة ، وهناك توزع ما حملت إلى الفقراء والمساكين مشترطة عليهم أن يرفعوا أكفهم بالضراعة إلى الله أن يطيل في عمر نجاة. وإلى الآنسة أمينة رزق فهي تبلغ مبلغاً كبيراً من التقى والورع ، وأصدقاء أمينة محدودون جداً لذلك لا تعمر مائدة أمينة في شهر الصوم ، اللهم إلا إذا دعت خالتها أمينة محمد ولا تخلو مائدتها في رمضان من طبقات المفضل . وهو (الخبيزة) التي تعتبرها أمينة شيئًا أساسياً لطعامها. أما محمد عبدالقدوس فتتوفر فيه نواحي الخير كلها ، فهو طيب القلب ، رقيق الحس يبعد دائماً عن الشر ويغني له ، كما يقولون، ولكن صحته لاتساعده على الصيام ،ومع ذلك فهو يبدو للناس صائماً ويحافظ على أوقات الطعام كالصائمين تماماً ، فهو يتناول غذاءه عند الغروب ويتعشى ساعة السحور ، أما ما يتناوله في أثناء النهار فهو في عرفه تسالي الصيام ولا تخلو مائدته في رمضان من شيئين أساسيين هما الباذنجان المهلل والكنافة. ولا تحل التقوى في قلب الممثل الكبير سليمان نجيب إلا في شهر رمضان ولا ينقصه إلا العمامة في هذا الشهر ، حتى يصبح شيخ طريقة وما عليك إلا أن تذهب لزيارة منزله في أي وقت شئت من النهار بعد انصراف الدواوين لتراه جالساً على الكنبة في هيئة المقرئين وبين يديه المصحف الشريف يتلو منه الآيات خاشعاً تقياً لا شأن له بذلك «الخلبوص» القديم سليمان نجيب. صاحب شعبنا وشوال ورجب ، هذا ويلذ لأبي داود قبيل الغروب أن يقوم بنفسه إلى المطبخ ويجهز نوعًا من الطعام محبوبًا له في رمضان ، ذلك النوع هو البيض مع الفول المدمس وله في ذلك طريقة بديعة يحتفظ بها لنفسه ويعتبرها سر المهنة ، وإذا تذوق الانسان هذا الفول المخلوط بالبيض الذي يصنعه سليمان ، فلاشك في أنه يأكل بعده أصابعه.