بين مشائخ وعلماء وخطباء أن الحكمة من مشروعية الزكاة في الإسلام على الأموال التطهر من دنس البخل والطمع والدناءة والقسوة وتزكية النفوس بها وتنميتها وترفيعها بالخيرات والبركات ليكون المسلم المزكي بها أهلاً للسعادة الدنيوية والأخروية،امتثالاً لقول الله سبحانه وتعالى «خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها». وأكدوا إجماع العلماء على أن الإسلام لا يكتمل إلا بأداء الزكاة الواجبة على كل مسلم ومسلمة يمتلك النصاب الشرعي لأي نوع من أنواع المال، باعتبارها الركن الثالث من أركان الإسلام الخمسة ووجوبها من الفرائض الرئيسة التي أجمعت عليها الأمة وجعلتها من الضرورات وأن من أنكر وجوبها من المسلمين يعتبر خارجاً عن الإسلام ومن امتنع عن أدائها مع اعتقاده بوجوبها فإنه آثم. وشددوا على ضرورة أن تدفع أموال الزكاة إلى الجهات المعنية في الدولة وهي من تقوم بتصريفها لمصارفها الصحيحة ، منوهين بضرورة استشعار الجميع لهذه الفريضة وأدائها كاملة دون انتقاص من نصابها الشرعي المفروض لما يترتب على ذلك من ايجابيات في تعزيز دعائم المجتمع وتوفير الرعاية والتكافل الاجتماعي .. موضحين في أحاديثهم لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) فضل الزكاة في وقاية النفوس من الطمع وتحقيق الألفة والمحبة ودورها في قضية التكافل الاجتماعي، كما تحدثوا عن الآثار المترتبة على منع الزكاة وظاهرة الاحتكار والغش التجاري . فرضية ا لزكاة: يقول الشيخ/ درويش سليمان عضو لجنة الافتاء بمحافظة الحديدة وخطيب جامع عمر بن الخطاب “ الزكاة أحد اركان الاسلام التي لايقوم إلا بها لقوله تعالى « وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة» وقوله تعالى «خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها» .. الآية ، ويكفر جاحد الزكاة وان أتى بها ويقاتل الممتنع عن الزكاة كما فعل أبو بكر الصديق رضي الله عنه عندما قال “ والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم عليه” وقد فرضت على الرسول في السنة الثانية من الهجرة . وهي في اللغة: النماء وفي اصطلاح الفقهاء: اسم فرض مخصوص يؤخذ من مال مخصوص على وجه مخصوص يصرف لطائفة مخصوصة، فالزكاة تطهر الأموال وتنميها وتبارك فيها ولله تعالى حق في المال ، قال تعالى «وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيراً وفي الحديث القدسي» ياعبدي أنفق أنُفق عليك»، والحليم الرشيد يفعل الخير ويزكي على ماله وينتظر الجزاء من الله في الدنيا بالخلف ويوم القيامة بالأجر العظيم، والبخيل الشحيح مأثوم ومحروم لايتمتع بماله ولا ينفعه المال لا حياً ولا ميتاً، وفي الزكاة حق معلوم للسائل والمحروم من الفقراء والمساكين ، قال صلى الله عليه وسلم «إذا أتيت زكاة مالك فقد قضيت ما عليك» وعن مصارف الزكاة وأنواعها ، تحدث الشيخ / على عضابي خطيب جامع وأستاذ الفقه بكلية العلوم الشرعية قائلاًً «تصرف الزكاة إلى الاصناف الثماينة الذين ذكرهم الله في كتابه العزيز «إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل» وتدفع الزكاة فوراً إلى الجهات المختصة في مكاتب الواجبات الزكوية ولا يصح أن يوزعها الشخص بنفسه، بل لا بد من دفعها إلى الدولة ، فلا بد على التجار من اخراج زكاة أموالهم وتذكرُّ المحتاجين والبائسين والفقراء، وقدم مدح الله الذين يؤدون الزكاة فقال “والذين هم للزكاة فاعلون” وما منع قوم الزكاة إلا منعوا القطر من السماء. أما أنواع الزكاة فهي تجب في المواشي، والابل والبقر والغنم وتجب في الزروع والثمار والركاز والذهب والفضة وعروض التجارة ، وكذلك زكاة الفطر فعلى المسلم أن يستشعر عظمة هذه الفريضة وما نقص مال من صدقة بل يزيد، قال تعالى «وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلايربو عندالله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون» ،والزكاة تدفع البلاء والنقم والسوء، فبادر أخي لدفع الزكاة وإخراجها من أموالك لكسب الأجر والثواب الجزيل من الله سبحانه وتعالى. وعن دور الزكاة في التكافل الاجتماعي قال الشيخ /عبدالباري سيف عبدالكريم خطيب ومرشد بوزارة الأوقاف والإرشاد “ الزكاة تعالج مشاكل كثيرة اجتماعية واقتصادية، فالدولة تصرف من الزكاة على دور الأيتام والمسنين وخصصت وزارة الشؤون الاجتماعية وصندوق الرعاية فلابد للمسلم أن يؤدي هذه الزكاة ولايؤخرها فالله عز وجل جعل الأغنياء كحراس على المال يردون أموالهم بالزكاة على الفقراء والمحتاجين بصورة مفروضة كما قال تعالى «وفي أموالهم حق للسائل والمحروم» وبذلك أوجد الإسلام حلاً عادلاً لمشكلة الفقر دون أن يترك الفرصة لمتشدق ينال من الإسلام فالإسلام بهذه الفريضة وازن بين الغني والفقير وأعطى لكل حقه ولايوجد دين أفضل سياسة وحكمة من ديننا الإسلامي الذي يوجد حلولاً للمشاكل الاقتصادية. فالزكاة أخي المسلم لها دور كبير في التكافل الاجتماعي وهذا الدور رسمه الإسلام، فقال صلى الله عليه وسلم «الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله» وقال صلى الله عليه وسلم «أنا وكافل اليتيم كهاتين وأشار بالسبابة والوسطى» ، فلابد من استجابة المسلم ودفع زكاة ماله لمعالجة هذه المشاكل الاجتماعية، ولابد أن يقرض الله قرضاً حسناً فالله عز وجل أوجب التكافل بين جميع المسلمين فيكفل الأغنياء الفقراء في احتياجاتهم وضرورات حياتهم كفالة لا منة فيها لغني ولا فضل فيها لمنفق،كفالة تبدو واضحة الجوانب في إخراج الأغنياء زكاة أموالهم، والزكاة فريضة واجبة فلو قام المسلمون بها وأدوها لما رأى الناس جائعاً بين متخمين ولاعارياً بين مكتسين، وعندما يقصر المسلمون في هذا الركن فإن مشاكل كثيرة تنتج عن عدم دفع الزكاة، والدولة عندما تصل إليها الزكاة تنفقها على دور الأيتام واليتيمات والملاجئ ودور العجزة وتقيم صناديق البر والإحسان في كل جزء من أجزاء الوطن وتمد يد العون إلى الأسر التي لا عائل لها وتوجد أعمالاً للكاسدين وتأخذ بأيدي المتسولين ليحجبوا مناظر البؤس عن الناظرين . وعن آثار منع الزكاة تحدث الشيخ محمد السهماني خطيب جامع الرحمة بالمحويت ومرشد بوزارة الاوقاف قائلاً «إن الزكاة التي ندفعها تقوي صلة المسلم بدينه وتطفئ غضب الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « حصنوا أموالكم بالزكاة وداووا مرضاكم بالصدقة» وقال تعالى «الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً والله واسع عليم» وتوعد الله مانعي الزكاة بقولة «والذين يكنزون الذهب والفضة ولاينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم» ، فمنع الزكاة تسلب الرجل نعمة الطمأنينة في ظل ماله الممدود وخيره المشهود في نفوس الضعفاء والحق أن إخراج الزكاة سبب للنماء وطريق للسعادة ،ومنع الزكاة يؤدي إلى خلق مشكلات اقتصادية واجتماعية فتتفشى في المجتمع السرقة والنصب وظاهرة التسول والفحشاء والمنكر والغلاء فهذه بعض من الآثار التي تنتج عن منع الزكاة. وقد يسبق إلى الظن أن إخراج أموال الزكاة تنقص الثروة وتقرب من الفقر،وهذا الظن من وساوس الشيطان التي يلقيها في نفوس الأغنياء الضعفاء ،والحق أن إخراج الزكاة سبب للنماء وطريق للسعة يجعل الله يد من يخرج الزكاة مبسوطة بالنعمة مكفول اليوم والغد بالغدق الدائم من رحمة الله وكرمه، وفي الحديث ثلاثة أقسم عليهن «مانقص مال من صدقة...»....الحديث...... فليستمسك الإنسان بعرى السماحة وليسارع إلى سداد مايلقاه من ثغرات ولينظر إلى المحتاجين الذين يقصدونه وإن بذل اليوم القليل فسيرجع غداً أو بعد غد بالكثير قال الله تعالى «وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين» ، فالمنفقون والمزكون تصلي عليهم الملائكة ويرتقب لهم المزيد، أما الكانزون فلا يتوقع لهم إلا الضياع وهل يخلدون مع المال أو يخلد معهم،المال عارية انتقل إلينا من غيرنا وسينتقل منا إلى غيرنا فلم التشبث به والتفاني ؟! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «مامن يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقاً خلفاً ويقول الآخر اللهم أعط ممسكاً تلفاً» .فبالزكاة تمحى من المجتمع مناظر العري والفاقة والبؤس وتعالج الكثير من المشكلات . وعن ظاهرة الاحتكار والغش تحدث فضيلة الشيخ حيدر على عبده الواقدي خطيب جامع الحسين بن علي بالحديدة، موضحاً أن ظاهرة الاحتكار ظاهرة مزرية، فهناك أناس ضعاف النفوس وقليلو الفهم يحتكرون أرزاق العباد طلباً للربح المضاعف فاولئك هم الظالمون، قال الرسول صلى الله عليه وسلم «المسلم أخو المسلم لايظلمه ولايخذله» ، وقال صلى الله عليه وسلم « من احتكر طعاماً أربعين يوماً برئ من الله وبرئ الله منه» وحديث «لايحتكر إلا خاطئ» وهؤلاء المحتكرون مغبونون لأن الله يعاملهم بنقيض مايرجون ويؤملون فهم انما يحتكرون ويغالون في الأسعار، طمعاً في حطام الدنيا وأملاً في المستقبل والرسول صلى الله عليه وسلم يقول «من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالجذام والإفلاس» ألا يئس هذا المصير!! في الدنيا ويوم القيامة يقذفهم في نارجهنم كما جاء في الحديث « من دخل في شيء من أسعار المسلمين يغليه عليهم كان حقاً على الله أن يقذفه في معظم النار وأن نار الآخرة تزيد عن نار الدنيا بتسعة وتسعين جزءاً». وهناك من يعمل على الغش في السلع والنقص في الموازين، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول «من غشنا فليس منا » فعلى هؤلاء التجار المحتكرين مراقبة الله والرجوع اليه ولينظروا إلى ماوراء هذه الدنيا ويتقوا الله ويوسعوا على الناس في أرزاقهم يكن الله عوناً لهم إن صدقوا .