قال المركز اليمني للدراسات الاستراتيجية: إن تحيز الإنفاق الجاري على الإنفاق الاستثماري ضمن الموازنة العامة للدولة لا يساعد كثيراً في تطوير البنى التحتية وتحسين مناخ الاستثمار .. مؤكداً أن النصيب المتدني للإنفاق الاستثماري سواء من إجمالي الإنفاق أو من إجمالي الناتج المحلي ينعكس على تباطؤ معدل النمو الاقتصادي وإنجاز مستويات أقل مما تتوقعه الخطط الخمسية. وحذر المركز في تقريره السنوي 2006م الصادر مؤخراً من مواصلة تحيز جانب الإنفاق الجاري على الإنفاق الاستثماري في الموازنة العامة للدولة لما ذلك من انعكاسات سلبية على سير العملية الاقتصادية .. لافتاً الى ارتفاع حجم الانفاق الجاري إلى 871 مليار ريال في موازنة 2006م مقارنة ب 526.40مليار ريال لعام 2003م، وكذا ارتفاع متوسط نسبة الإنفاق الجاري من إجمالي الإنفاق إلى 70 بالمائة مقارنة ب 68 بالمائة خلال نفس الفترة. وأشار إلى أن متوسط نسبة الانفاق الاستثماري شهد تراجعاً خلال نفس الفترة من 25 بالمائة من إجمالي الإنفاق إلى 20 بالمائة، كما تراجعت نسبة الانفاق الاستثماري من الناتج المحلي من 9 بالمائة إلى7.1 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي لنفس الفترة. مشدداً على أن تحيز الموازنة باتجاه الانفاق الجاري على حساب الانفاق الاستثماري ينعكس سلباً على التخصيص الأمثل للموارد العامة ، فالإنفاق الجاري الذي يشكل 70 بالمائة في المتوسط من الإنفاق الإجمالي يلتهم نحو 75 بالمائة من الإيرادات العامة بينما لايبقى للإنفاق الاستثماري سوى 25 بالمائة وهي نسبة الإنفاق الاستثماري من إجمالي الإيرادات العامة مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه النسبة محسوبة على أساس الأرقام التقديرية للموازنة. وأضاف: إن هذا الاختلال يضعف عملية الاستخدام الأفضل للموارد وخاصة أن إيرادات النفط هي المصدر الأساسي للإيرادات العامة وأن حدوث أية انتكاسة في هذا المصدر بسبب انخفاض الاحتياط النفطي للبلاد أو انخفاض الأسعار العالمية يسبب كارثة أكبر. ولفت المركز إلى أنه ومع التطور البطيء في مجالات البنى التحتية نتيجة ضعف فاعلية الإنفاق الاستثماري العام فإن دور القطاع الخاص في التنمية ما يزال ضعيفاً ومحدوداً حيث تراوحت نسبة الاستثمارات الخاصة من الناتج عند 13 بالمائة في المتوسط خلال الفترة من 2003 2005م، فيما انخفضت نسبة استثمارات القطاع الخاص من الناتج المحلي من13.4 بالمائة لعام 2003م إلى 11 بالمائة لعام 2006م... مشدداً على أن ذلك يؤثر سلباً على مناخ الاستثمار الذي ينعكس على ضعف تدفق الاستثمارات إلى الداخل أو زيادة خروج الاستثمارات المحلية إلى الخارج. وأوضح المركز أن فاعلية وكفاءة الإنفاق الاستثماري مازالت متواضعة ومتدنية في ظل وجود الحالات السلبية المرتبطة بعملية الإنفاق الاستثماري . وأشار إلى أن تلك الحالات تتمثل في تضمين بنود الانفاق الاستثماري نفقات ذات طابع استهلاكي وترفي وخاصة الإنفاق على الأثاث والمكاتب ووسائل النقل والاستثمارات، و وجود مشروعات لا يتم رصد اعتمادات كافية لها أو تنفيذ مشروعات لم تخصص لها اعتمادات في الموازنة كما أشارت إليه تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة. وأضاف: كما تتمثل في البطء الشديد في تنفيذ المشروعات الاستثمارية مما يسبب إبطاء إنجازها وزيادة تكاليفها سنوياً، كما أنه لا يتم تقدير النفقات الاستثمارية وفقاً لبرامج ومشروعات استثمارية محددة ومدروس جدواها وتكلفتها وعائداتها وأولوياتها أي أنها لا تقوم على أساس موازنة البرامج والأداء، وهو ما يعكس ضعف الارتباط والتنسيق بين الموازنة والخطة الخمسية للدولة، إلى جانب أن الخطة الخمسية الثالثة لم تحتو على مشروعات محددة باعتمادات مالية مستهدفة مما يجعل الإنفاق الاستثماري يسير خارج إطار الخطة الخمسية فيما يتعلق بالبرامج الاستثمارية ويضعف بالتالي درجة الاتساق بين الموازنة والخطة . ونوه المركز اليمني للدراسات الاستراتيجية بضرورة اتخاذ معالجات سريعة من خلال تبني موازنة البرامج والأداء كوسيلة فعالة لترشيد كفاءة الانفاق العام وخاصة الانفاق الاستثماري، بحيث تكون نقطة البداية هي اختيار عينة من مجالات الانفاق الاستثماري في الجهات المتعلقة بمجالات الطرق والسدود والنقل ، الكهرباء والمياه ، الصحة والرعاية الصحية ، التعليم والتعليم الفني والمهني، و اختيار عينة الوزارات والوحدات الإدارية على مستوى السلطة المحلية ليبدأ فيها تطبيق موازنة البرامج الإدارية.