يعتقد عدد كبير من أولياء الأمور أن الشباب والشابات - هذه الأيام- يصرفون الكثير من وقتهم لمشاهدة القنوات الغنائية التي انتشرت بشكل لافت حتى صار عددها مثيرًا للغاية بما في ذلك السؤال ذاته عمن يقف وراء مثل هذه المشاريع التي ليس من هدف لها غير الربح المادي ولا يهم بعد ذلك إن كان الأمر يأتي في إطار مسخ عقول الشباب في الوطن العربي أم دعسه..؟! لم يعد الأمر - الآن- يقتصر على صرف الوقت في مشاهدة هذه القنوات الغنائية وحسب، بل وأصبح هؤلاء الشباب يصرفون المزيد من الوقت في مشاهدة القنوات التي باتت تبث برامج (الشعوذة) وما إلى ذلك من ضرب رمل وسحر وأحجبة وتفسير أحلام تحت يافطة (العلاج) النفسي، وقد أضحت هذه البرامج تستقطب مشاهدين بمختلف الأعمار، واهتمام غير عاد في أوساط كثيرة في المجتمعات العربية بلا استثناء. تسهم عدة قنوات فضائية عربية - بالتأكيد- في العمل على ترويج هذه البرامج بحثًا عن التشويق والإثارة وجذب المشاهدين على حساب أي شيء له علاقة بالموضوعية والمهنية. يقول أحد الشباب في تحقيق نشرته إحدى المجلات العربية: (بعدما كنا نقرأ في الجرائد والمجلات إعلانات عن روحانيين وفلكيين لفك السحر ومعرفة الغيب والماورائيات، يزورهم أناس في محاولة لمعرفة خفايا المستقبل والحب، بات هناك ما هو أكثر فداحة ألا وهي الفضائيات الحديثة التي تروج الشعوذة في منتصف الليل ليس لأفراد بعينهم بل للعائلات والنساء والرجال والشباب الذين يجلسون في بيوتهم يتابعون أبطال هذه البرامج مثل الشيخ أبوعلي، والشيخ أبو رجب، والشيخة أم سعيد، والشيخة أم وائل، وأم سلطان، والدكتور سعد، والشيخ محمد)..! أحدث الدراسات التي أجراها المركز القومي للبحوث الجنائية في مصر أثبتت أن المصريين ينفقون عشرة مليارات جنيه سنويًا على قراءة الغيب وفك السحر والعلاج من الجان....! هل تعتقدون معي أنه ليس هناك من داع للبحث عما يحدث في بقية الدول العربية من أمر إنفاقي مماثل طالما الجهل منتشر فيها، بل ويسيطر عليها...؟! الدراسة ذاتها أشارت إلى أن هناك 247 خرافة تسيطر على سلوك أهل الريف في مصر وهناك دجّال لكل 240 مواطنًا وأن هناك 200 ألف شخص يدّعون العلاج من خلال تحضير الأرواح..! فكرة هذه البرامج الغريبة تبدو (ذكية) للغاية وتقوم على (جرجرة) المُشاهد للسحرة ومفسري الأحلام عن طريق مشاهدة التلفاز بدلاً عن الذهاب إلى مكاتبهم!، والاتصال بهم عبر الرسائل الصوتية ليحكي كل واحد عن مشكلته التي تدور في الغالب بين المرض المستعصي وتأخر الزواج والعقم والرغبة في معرفة المستقبل! التحقيق أشار - أيضًا- إلى أن حضور الشعوذة يظهر من خلال المنافسة الشرسة التي اندلعت بين عدد من الفضائيات، فقناة (السهم) قررت مجاراة قنوات مثل (كنوز) و(الحقيقة) و(شهرزاد)، وغيّرت مسارها إلى الأبراج والفلك بعد أن كانت قناة غنائية فشلت في تغطية تكاليفها العام الماضي، ويبين تغيير مجال بثها أن الشيخ بوعلي والشيخة أم سعيد وأم سلطان باتوا نجومًا يجلبون المشاهدين إلى شاشات محطات الشعوذة أكثر مما تجلبه الدلوعة نانسي أو الغنوجة أليسا أو القنبلة هيفاء...!