يشكو عدد كبير من الشباب - هذه الأيام- من عدم وجود أناس كبار يقتدون بهم، سواء في محيطهم العملي، أو الاجتماعي، ما يعني بالضرورة في حياتهم بشكل عام. الناظر - فعلاً- إلى ما يقوله هؤلاء الشباب اليوم، يكتشف أن ما يطرحونه فيه من الصدق والواقعية بحيث يقودان إلى أن يشعر الكبار بأن ثمة (شيئًا ما) غير سوي يحدث في حياتنا جعل مسألة غياب القدوة يثير القلق. هل شعر أحدكم يومًا ما أنه بحاجة ماسة إلى (نصح) أو ما يشبه (النقد) في عمله من شخص ما يكبره سنًا وتجربة..؟ بالتأكيد هذه مسألة لا يحتاج إليها الشباب وحسب، بل ويحتاجها الكبار أيضًا. يقول أحد الشباب في تحقيق أجرته مجلة عربية: (من منا يمضي يومه من دون ارتكاب "سلوكيات ما" مزعجة له، أو للآخرين، إلاّ أن الأهم من ذلك من يصوّب لنا هذه الأخطاء، وهذه السلوكيات التي تصدم باعتدادنا بأنفسنا أحيانًا؟). في الغالب تتوقف (ردة فعل) شخص ما تجاه نقد معين، على عوامل كثيرة وأسباب مختلفة، منها ما هو متعلق بصلة أو علاقة الشخص الناقد بالمنقود، ومنها ما هو متعلق بظروف العمل بين الرئيس والمرؤوس، ولذلك نرى أن بعضنا يقبل النقد من زميل أو زميلة، أو من صديق أو صديقة، أو بين الرئيس والمرؤوس، بصدر رحب، خصوصًا إذا كان النقد يعتمد على (أسلوب) راق ومهذب، أما إذا كانت المسألة لا تعدو كونها مجرد نقد ليس له هدف إرشادي، الغرض منه تعديل سلوك خاطئ، فإن المسألة تتحول من (نقد) إلى (مواجهة) قد تنتهي بإسدال الستار على العلاقة القديمة وبدء علاقة جديدة لا تقوم إلاّ بين (أعداء) خصوصًا إذا كان النقد - هنا- لا يعتمد إلاّ على أسلوب (فج) أساسه التشهير والتنفيس عن (كبت) داخلي..! يقول الشاب سالم سلطان في التحقيق المُشار إليه بعاليه: ( لكل إنسان أخطاء ولا يوجد أحد خال من العيوب أو كامل الأوصاف. أنا أحترم رأي الآخرين في انتقادهم وأستفيد منه وأتقبله بكل احترام وتقدير لأن بعض الانتقادات فيها توجيه إلى الطريق السليم، وتساعد في كثير من الأمور التي قد تضر بالطالب مثل الأسلوب المتبع في الدراسة وطريقة الحل في الامتحانات وأمور أخرى خارج نطاق التعليم). بعضنا يعتقد أن النقد لا يكون إلاّ كشفًا لسلبيات الآخرين حد التشهير به، فيما هذا الكاشف سلبيات الآخرين لا يفكر البتة في نقد (ذاته) ولو بشكل ايجابي، بل ولا يجد (حرجًا) في أن يردد بشكل يومي كالببغاء أنه إنسان كامل الأوصاف فيما تصرفاته تدل على الضد تمامًا. هل تعتقدون أنه يوجد (شخص ما) كامل الأوصاف..؟ ثمة (سذاجة) فاحت من السؤال الأخير.. أليس كذلك..؟! جميعنا يحتاج - بأي قدر- إلى (مراجعة ما) في السلوك كنقد. ولابد أن يتضمن النقد الذاتي (السلبيات) و(الايجابيات) معًا، فإن وجد بعضنا في ممارساتنا وسلوكياتنا ما يُسيء إلى أنفسنا وإلى الآخرين علينا أن نبتعد عنه على الرغم من أن كل شخص فينا لديه (صفات) معينة و(ملامح) تخصه، تميزه عن غيره، لكن علينا ألاّ ننزعج من (الاختلاف) في الآراء كنقد نمارسه شريطة عدم اعتماده على التجريح أو الإساءة، أو ممارسة النقد بهدف الضرب تحت الحزام من قبل البعض، وهؤلاء تجدهم غير قليلين في محيطنا وبدأوا يتكاثرون بشكل لافت في حياتنا، وإذا أمعنّا النظر فيهم نجدهم أقل ثقافة منا وأقل إحساسًا بالآخر، فيما المصداقية تثير حساسية بالغة لديهم، ولكن (فضحهم) أمر ليس بعسير؛ ما علينا إلاّ مناقشتهم في بعض (التفاصيل) سرعان ما تنجلي حقيقتهم..!