- الكحلاني محافظ عدن: - البناء العشوائي سرطان المدن ونتجه لتنفيذ استراتيجيات تنمية المدن لقد أصبحت الأحياء العشوائية ظاهرة سريعة الانتشار في معظم المدن ولم يجد التغاضي عن آثارها السلبية نفعاً وأصبح الوقوف عندها وتشخيص أسبابها وتحديد آليات معالجتها والحد من استفحالها أمراً لابد منه فالبناء العشوائي أصبح يشكل تشوهاً واضحاً على الوجه الجمالي للمدن إلى جانب آثارها وانعكاساتها السلبية حيث أضحت الأحياء العشوائية موبوءة بالأمراض والملوثات البيئية لاسيما أن بعضها أصبحت تحيط بالمدن من كل اتجاه كإحاطة السوار بالمعصم وفي هذا الإطار اتخذت الحكومة ممثلة بوزارة الأشغال العامة والطرق والسلطات المحلية بالمحافظات العديد من الاجراءات الكفيلة بوقف أي بناء عشوائي جديد والسعي إلى اعادة ترتيب وتخطيط المناطق العشوائية وفق دراسات واجراءات واضحة لاسيما ان المناطق العشوائية أصبحت من أهم القضايا التي تواجهها المحافظات الرئيسية وتعيق من عملية تنميتها وتطورها الحضاري. العشوائي سرطان المدن في البداية تحدث الأخ أحمد محمد الكحلاني محافظ محافظة عدن عن التوجهات والمعالجات لقضية البناء العشوائي حيث قال: البناء العشوائي يعتبر سرطان المدن كونه يشوه جمالها ويعيق عملية تنميتها وتطويرها وفي هذا الاطار فقد شرعت الدولة في تنفيذ العديد من البرامج والتوجهات الهادفة إلى إيجاد مدن حضرية حيث أقرت في الأسبوع الماضي تخصيص 75 ملياراً من الميزانية لبناء 6000 وحدة سكنية للشباب وذوي الدخل المحدود على ثلاث مراحل وقد حظيت محافظة عدن بعدد 1500 وحدة سكنية. ومن جانب آخر فإننا نسعى في محافظة عدن على تطوير لوائح تنظيم التعامل مع سكان الأحياء العشوائية سواء عن طريق تحسين المساكن أو اعادة توطين السكان خارج المناطق العشوآئية بالاضافة إلى تشييد مرافق المجتمع أو اعادة تأهيلها كالمدارس والساحات العامة للتغلب على استمرارية البناء العشوائي وكذلك تشجيع القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني على اقامة مساكن لذوي الدخل المحدود وإقامة الجمعيات التعاونية السكنية كما اننا نسعى إلى ازالة المخاطر البيئية أو التخفيف منها من مواقع نشوئها بالمناطق العشوائية من خلال تنفيذ الخطط والبرامج المعدة للتغلب على هذه المشاكل البيئية. لذلك جاء تنظيم ورشة العمل الثانية حول سبل تحسين الأحياء العشوائية في الاطار الوطني بإقليم الشرق الأوسط وشمال افريقيا في اطار من التعاون الوثيق بين السلطة المحلية والتنفيذية لمحافظة عدن والمعهد العربي لإنماء المدن والبنك الدولي وتحالف المدن وذلك بهدف خدمة استراتيجيات تنمية المدن وتحسين معيشة السكان المهمشين في مدن العالم اقتصادياً وبيئياً واجتماعياً وثقافياً والعمل على تحقيق الهدف الحادي عشر للألفية المتمثل في ايجاد مدن بلاأحياء فقيرة بحلول العام 2020م من خلال تحسين المناطق العمرانية في المناطق العشوائية عن طريق اعادة تخطيط المناطق العشوائية واعادة تأهيلها وهو المشروع الذي تعمل محافظة عدن على تنفيذه منذ أشهر بدءاً بعملية التخطيط من أجل تحويل تلك الأحياء العشوائية إلى أحياء حضرية والتي أصبحت تشكل حزاماً على مدينة عدن تشوه جمالها وتشكل عامل احباط للمستثمرين والزائرين لها ولقد كان أول انجاز استطعنا تحقيقه بالتعاون مع كل الخيرين وهو ايقاف أي بناء عشوائي جديد ومنع توصيل الخدمات «الكهرباء والمياه والهاتف» إلى أي منزل غير مرخص باعتبار ان توصيل الخدمات يعتبر عاملاً أساسياً في انتشار البناء العشوائي. وبعد الانتهاء من عملية التخطيط سيتم الانتقال إلى صرف العقود لما هو سليم من تلك المنازل وبالتالي تقديم الخدمات لهم وتحسين الخدمات الاجتماعية مثل المدارس والمراكز الصحية وتوفير الأمن للسكان والنظافة البيئية والرصف والسفلتة والإنارة. تجربة ناجحة وأضاف الأخ المحافظ بالقول: هناك تجربة أولية في محافظة عدن تمثلت في معالجة تجمعين عشوائيين في منطقة العيدروس وقرية الشحن الجوي، وهذه أثبتت نجاحها في اعادة ترتيب وتنظيم هذين الموقعين وما نتمناه هو أن نجعل من عدن مدينة حضارية بقلب تجاري اقتصادي تحوي جمال ونظافة مدن الموانئ العصرية داخل صورتها. إعادة تخطيط المناطق العشوائيةعن الرؤية في اعادة تخطيط المناطق العشوائية تحدث في هذا الجانب المهندس حسين محمد الوالي وكيل وزارة الأشغال العامة والطرق فقال: موضوع البناء العشوائي أصبح يشكل أحد أهم القضايا التي تسعى وزارة الأشغال العامة والطرق على معالجتها حيث تم الاستعانة بعدد من الخبراء من وزارة الأشغال العامة والإسكان في المملكة الأردنية الهاشمية لإعداد دراسات أولية لإعادة تأهيل وتخطيط المناطق العشوائية وتم اختيار محافظات «عدن والحديدة وأمانة العاصمة» كمثال حيث تتجه الوزارة فعلاً إلى اعادة تأهيل هذه المناطق وهنا ينبغي التأكيد على أن محافظة عدن يجب أن تحظى باهتمام استثنائي نظراً لانتشار البناء العشوائي فيها بشكل كبير بسبب توقف البناء فيها من مطلع السبعينيات بعد تأميم الإسكان حتى مطلع التسعينيات واقتصر البناء على المشاريع المحدودة التي تنفذها الدولة بمالا يتجاوز 5000 وحدة سكنية على مدى 23 عاماً أي بواقع 200 وحدة سكنية للعام وتغير الوضع تماماً بعد الوحدة المباركة وانتشر البناء فيها الا أن الموظفين ومحدودي الدخل ظلوا خارج عملية البناء بل وواجهوا صعوبات في الحصول على الأرض الأمر الذي دفع الكثير منهم للاتجاه نحو البناء العشوائي ولكن في أحياء شبه مخططة كالبساتين والممدارة والشيخ إسحاق وغيرها وذلك على مرأى ومسمع من أجهزة الدولة المختلفة وكان على الدولة بكل بساطة أن تخطط هذه الأحياء وأن تسهل صرف الأراضي لهؤلاء المواطنين حتى يقوموا بالبناء بحسب المخططات. مخططات تفصيلية وفيما يتعلق بالمعالجات المقترحة لإعادة تنظيم البناء العشوائي وإيجاد مناطق حضرية أشار الأخ وكيل وزارة الاشغال بالقول: ينبغي الإسراع في وضع المخططات التفصيلية لأراضي النمو العمراني وتسهيل عملية الحصول على الأراضي وصرفها وتفعيل توجيهات رئيس الجمهورية بالنسبة للأراضي في المناطق الشعبية بالاضافة إلى وضع آلية لنظام مصرفي يساعد محدودي الدخل على الاقتراض والبناء في المخططات المعتمدة من قبل الدولة. معالجة البناء العشوائي فيما يرى الدكتور فضل الربيعي مدير عام مديرية دار سعد حول معالجة ظاهرة البناء العشوائي ان عقد ورشة عمل خاصة بمعالجة سبل تحسين الأحياء العشوائية يأتي في ظل الإحساس والشعور بالمسئولية الملقاة على المؤسسات الرسمية لما لهذه الظاهرة من آثار سلبية على حياة السكان في هذه الأحياء العشوائية بصفة خاصة وعموم السكان في المدينة بصفة عامة إذ يلحظ انتشار ظاهرة البناء العشوائي في أكثر من مدينة عربية وتتركز تلك الظاهرة في المدن الرئيسية الأمر الذي أعاق النمو الحضري في هذه المدن وترك آثاراً على نمط التخطيط الحضري. ويضيف فيقول: ان قيام مثل هذه الفعاليات التي تتصل في بحث الظواهر الاجتماعية يتم بصورة مباشرة انما هو توجه جاد نحو معالجة ظاهرة البناء العشوائي بصورة عقلانية ومنطقية لاسيما ان المعنيين بالمشاركة في هذه الفعالية قد ركزوا على المؤسسات التي لها علاقة مباشرة مع البناء العشوائي والعاملين في البلديات والسلطات المحلية حيث يمكن الاستفادة من ملاحظاتهم والاستئناس بمقترحاتهم لمعالجة مشكلة انتشار العشوائي. عشوائي بصفة رسمية واستطرد الدكتور الربيعي قائلاً: هناك نوعان آخران من العشوائي الأول يتمثل في الاستحواذ على الأرض والمتاجرة بها والنوع الآخر هو البناء العشوائي الذي تم الترخيص له بصفة رسمية حيث تم الصرف بطريقة غير علمية الأمر الذي أثر على جمال المدينة وأعاق من حركة المرور فيها. الجهد والإمكانيات وفيما يتعلق بواقع البناء العشوائي في مديرية دار سعد على وجه التحديد يشير الدكتور الربيعي مدير عام المديرية بالقول: من خلال تواجدنا في مديرية دار سعد لاحظنا أن جزءآً كبيراً من المساكن في هذه المديرية يدخل ضمن نطاق العشوائي وبالأحرى المساكن الشعبية حيث تحتل المديرية النصيب الأكبر من هذه الأحياء بحكم تواجدها في أطراف المدينة من جهة ومن جهة ثانية تعد بوابة استقبال الهجرات القادمة اليها من جميع مناطق الريف اليمني فضلاً عن النزوح الذي يتم داخل أحياء المديريات الأخرى إلى مديرية دارسعد، لذلك فإننا نواجه مشكلات كبيرة في هذا الجانب ونتفهم لهذا الوضع في الوقت نفسه، وأصبحت معالجة العشوائي أو اعادة ترشيد المدينة تتطلب مزيداً من الجهد والإمكانيات من قبل قيادة السلطة المحلية في المديرية والمحافظة. موقف اضطراري ويضيف الدكتور الربيعي بالقول: هنا لابد من الاجابة على السؤال التالي: لماذا قام المواطنون في عملية البناء العشوائي؟ سؤال وجبت الإجابة عليه قبل بحث الظاهرة وفي تقديرنا أن الناس قاموا بأعمال البناء العشوائي لاسيما في محافظة عدن كموقف اضطراري أي دفعتهم الحاجة الماسة إلى ذلك بعد توقف أعمال البناء لفترات طويلة ولهذا كان الناس البسطاء يلجأون إلى استخراج تراخيص أكواخ شعبية مؤقتة وهي تعود إلى فترة الاستعمار البريطاني وقد انتشر العشوائي بصورة كبيرة بالعشر السنوات الماضية لأسباب شتى هي خوف الناس من عدم الحصول على الأرض لإيواء ابنائهم حيث لجأوا إلى البناء العشوائي وهم يعرفون أن نصيبهم من الأرض لن يحصلوا عليه إذ إن إمكاناتهم المادية المتعلقة في تكاليف الحصول على الأرض لا تكفي خصوصاً مع الروتين وبعض الظواهر السلبية في المؤسسات المعنية بصرف الأراضي. فيما يرى المهندس سعيد شيباني نائب مدير مكتب الأشغال بمحافظة تعز أن الأحياء العشوائية وإن اختلفت أنواعها «بلك صفيح خيام عشش» قد اختار أصحابها مواقعها هرباً من ارتفاع أسعار الأرض المخططة وطمعاً في الحصول على أرض قليلة الكلفة وهي في الأخير مشكلة اجتماعية واقتصادية وبيئية بكل المقاييس لابد من الاعتراف بها واعتبار معالجتها تحدياً يتطلب المزيد من تضافر الجهود المحلية والدولية ووضع السياسات اللازمة والعاجلة للمعالجة حتى تصبح تلك المواقع جزءًا من نسيج المدن وامتداداً لجمالها. تعز السباقة في معالجة العشوائي وأضاف المهندس الشيباني بالقول: محافظة تعز كانت السباقة لمعالجة هذه الظاهرة ومنع انتشارها من خلال المخطط التوجيهي لمدينة تعز بالاضافة إلى بناء وحدات سكنية للفئات المهمشة والتي كانت تشكل أكبر تجمع عشوائي في مدينة تعز ونتمنى أن تستمر اجراءات تسكين الاعداد المتبقية حتى يتم الانتهاء من معالجة البناء العشوائي داخل المدينة أمافيما يتعلق بمعدل النمو للبناء العشوائي بصورة عامة في مدينة تعز فإنه لا يتجاوز %20 من المباني غير المرخص لها منها %8 من البناء العشوائي في المناطق التي كانت تعد في السابق من المناطق الواقعة في أطراف المدينة وكان يتم البناء فيها بشكل عشوائي غير مصرح له وأصبحت هذه المناطق اليوم ضمن الامتداد الحضري لمدينة تعز. تخطيط مناطق جديدة أما فيما يخص المخططات فقد تم تخطيط الكثير من المناطق التي لم يصل اليها الامتداد العمراني بحيث نمنع أي بناء عشوائي جديد بالاضافة إلى عمل مخططات للمدن الثانوية ومخططات خاصة بالمواقع السياحية مع تحديد الخدمات الخاصة بهذه المواقع وهذا في اعتقادي انه سيساهم إلى حد كبير في معالجة العشوائية سواء في البناء أو في إيصال الخدمات الأساسية إلى هذه المناطق وسيعمل على التسريع بعملية التنمية والتخفيف من الضغط والازدحام الحاصل في البناء داخل المدينة. البناء العشوائي قضية إقليمية البناء العشوائي لم يعد قضية محلية فحسب بل أصبحت تؤرق مضاجع الكثير من الدول خاصة العربية منها الا أن الكثير من هذه الدول استطاعت التغلب على مثل هذه المشاكل من خلال تسخير امكانيات كبيرة جداً لإعادة تنمية الأحياء العشوائية فيما أنشئت الكثير من المنظمات الدولية التي تهدف إلى تحسين هذه الأحياء كون أن ساكنيها يفتقرون إلى أدنى مستوى من الخدمات الأساسية ويعانون الكثير من المشاكل الاجتماعية والصحية والاقتصادية وغيرها، وبما ان محافظة عدن أحد أهم المدن اليمنية التي تعاني من انتشار البناء العشوائي بشكل كبير فقد احتضنت في الأيام القليلة الماضية ورشة عمل خاصة حول سبل تحسين الأحياء العشوائية في الاطار الوطني باقليم الشرق الأوسط وشمال افريقيا بمشاركة العديد من الدول العربية فكانت هذه الورشة كفيلة بوضع العديد من الدراسات والمعالجات لظاهرة البناء العشوائي على مستوى الاقليم بشكل عام وعلى مستوى محافظة عدن بشكل خاص ومن هذه المعالجات التأكيد على الالتزام بالمخططات العمرانية القائمة والإسراع في وضع المخططات التوجيهية الهيكلية للمدن التي لم يتم تخطيطها بعد بالاضافة إلى توثيق المناطق العشوائية القائمة لحصرها وضمان عدم تمددها وتوسعها أفقياً وعمودياً مع ضرورة اشراك الأخصائيين المحليين في مختلف الاختصاصات العلمية ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات غير الحكومية وبصورة رئيسية المواطنين المعنيين عند طرح أية خطة تتناول تنظيم وتحسين العشوائيات وتقييم المناطق العشوائية القائمة والتي يتوقع تحولها لمناطق عشوائية في المستقبل بيئيآً وتحديد مكامن ومسببات المخاطر البيئية كأحواض معالجة الصرف الصحي وخدمات النظافة والقمامة ومخاطر السيول ومن ثم تحديد درجة خطورتها وأولويات التعامل معها بالاضافة إلى توفير مصادر لتمويل مشروعات التحسين البيئي من خلال اشراك السلطات المركزية المحلية ومنظمات المجتمع المدني والسكان أنفسهم.