«الرياضة» تستعرض تجربتها في «الاستضافات العالمية» و«الكرة النسائية»    الريال اليمني ينهار مجددًا ويقترب من أدنى مستوى    بين حسام حسن وكلوب.. هل اشترى صلاح من باعه؟    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    السيول تقتل امرأة وتجرف جثتها إلى منطقة بعيدة وسط اليمن.. والأهالي ينقذون أخرى    السعودية تكشف مدى تضررها من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    ريمة سَّكاب اليمن !    الشيخ هاني بن بريك يعدد عشرة أخطاء قاتلة لتنظيم إخوان المسلمين    حزب الرابطة أول من دعا إلى جنوب عربي فيدرالي عام 1956 (بيان)    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    السعودية تعيد مراجعة مشاريعها الاقتصادية "بعيدا عن الغرور"    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    الأحلاف القبلية في محافظة شبوة    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    "جيل الموت" يُحضّر في مراكز الحوثيين: صرخة نجاة من وكيل حقوق الإنسان!    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    كيف حافظ الحوثيون على نفوذهم؟..كاتب صحفي يجيب    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    هيئة عمليات التجارة البريطانية تؤكد وقوع حادث قبالة سواحل المهرة    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    الوزير الزعوري يطّلع على الدراسة التنموية التي أعدها معهد العمران لأرخبيل سقطرى    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على نيو إنجلاند برباعية في الدوري الأمريكي    بايرن ميونيخ يسعى للتعاقد مع كايل ووكر    اشتراكي الضالع ينعي رحيل المناضل محمد سعيد الجماعي مميز    العليمي يؤكد دعم جهود السعودية والمبعوث الأممي لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    الشبكة اليمنية تدين استمرار استهداف المليشيا للمدنيين في تعز وتدعو لردعها وإدانة جرائمها    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    مشادة محمد صلاح وكلوب تبرز انفراط عقد ليفربول هذا الموسم    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحج أفضل الجهاد.. وكمال الدين.. وقمة العبودية للخالق العظيم
قضية الجمعة :
نشر في الجمهورية يوم 23 - 11 - 2007

تعد المساجد أعظم رموز المسلمين، وفي مقدمتها المسجد الحرام الذي فيه أول بيتٍ وضع للناس ليعبدوا الله تعالى خالقهم، طاعةً وخضوعاً وثناءً وشكراً على نعمة وجودهم وهديهم إلى الصراط المستقيم.. والبيت العتيق التي بناها إبراهيم خليل الله، ومعه ابنه اسماعيل بأمرٍ من رب العالمين..
تعد أعظم مسجدٍ وأشرف بقعةٍ في الأرض، فهي المكان الأعظم طهارةً، وقداسةً، ومهابةً، اضافةً لكونها قبلة المسلمين الثابتة الدائمة بقوله سبحانه في سورة المائدة «جعل الله الكعبة البيت الحرام قياماً للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد» بعد أن كانت قبلتهم الأولى بيت المقدس، لكن الله تعالى بحكمته أوجب على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وجميع المسلمين اتخاذ الكعبة قبلةً بقوله سبحانه وتعالى في سورة البقرة «قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلةً ترضاها، فول وجهك شطر المسجد الحرام، وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره».
وأحاط الله تعالى «مكة المكرمة» بعنايته، وجعلها مهداً للرسالة المحمدية الخاتمة، وموئلاً لعباده المؤمنين، وفرض عليهم لإكمال اسلامهم واكتمال إيمانهم أن يحجوا إلى بيته العتيق في العمر مرةً واحدةً، ولأن الله الخالق سبحانه حكيم بعباده، فقد قال تعالى في الآية «97» من سورة آل عمران «...ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً».. فأتبع أمره بالحج بشرط القدرة المالية والجسدية والظرفية التي حملت معانيها الآية الآنفة ضمناً، وفسرتها الأحاديث النبوية لرسولنا الكريم عليه الصلاة وأزكى التسليم.
وقد تكفل رب العالمين لعباده القاصدين بيت الله الحرام لآداء مناسك الحج تنفيذاً لأمره، واتباعاً لسنة نبيِّه محمد صلى الله عليه وسلم، أن يعطيهم كل مايرجونه من خير الدنيا ونعيم الآخرة، ذلك أن الحج فيه دلالات عظيمة تشير إلى بلوغ الحجاج قمة العبادة والخضوع لخالقهم الكريم، والتصديق برسالة نبيهم ذي الخلق العظيم.
ومن تلك الدلالات أن الداخل إلى مكة حاجاً لديه جائزة ربانية أولى في الدنيا، وجزاء آخر زيادة على ذلك يختزل له يوم الحساب في الآخرة.. أما في حياة الحاج فإن الله تعالى يمحو عن عبده الذي لبَّى النداء لخليل الله ابراهيم عليه السلام «وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامرٍ يأتين من كل فجٍّ عميق».. وحقق العبودية الكاملة لله تعالى بتركه أهله وماله ووطنه وكل متعلقات الدنيا خلف ظهره، وآثر طاعة ربه الخالق.. فكان جزاء ذلك عند الله أن يكرم وفادة عباده الحجاج وضيوفه وزائريه، ويسكب عليهم غيوث رحمته وعفوه، حيث يعطيهم الله تعالى مبتغاهم ويجيب دعواتهم فيعودون إلى أوطانهم وأهليهم كيوم ولدتهم أمهاتهم - كما جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لكن.. مايغيب عن الكثير من الحجاج أو الراغبين في آداء فريضة الحج، أن هناك آداباً وأحكاماً لهذه الفريضة، مثلها مثل بقية الفرائض التعبدية الأخرى كالصيام والزكاة والصلاة.. فمن لايلتزم بتعاليم وآداب فريضة الحج، فإنه سيقع في المحظورات التي تجرح حجه وربما تجعله ممن يسيء ويبتدع ويترك المسنون عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى ماتمليه عليه خواطره وهوى نفسه.
وبذلك يكون قد جهل ماعليه، خصوصاً أن العديد من الحجاج يقعون فيها ويظنون أنها سلوكيات وأعمال لا إثم عليها، ولا كفارة لها، ومنها ماتقع من الحجاج خلال آداء المناسك سواءً في المواقيت أم في الطواف أم في يوم التروية والمبيت بمنى والإفاضة في عرفة إلى مزدلفة وعند رمي الجمرات.
وتأسيساً على ماسبق.. فإن الذي يقصد حج بيت الله الحرام لآداء الفريضة عليه أولاً أن يكون واعياً بواجباته قبل وأثناء أدائه الشعائر ومن ذلك:
ضرورة التفقه بأحكام الحج وتهيئة نفسه لذلك، وأن يحسن نيته وينقيها من رغائب الدنيا، ويخلص حجه لله وحده لاشريك له.
كما أن عليه قبل خروجه من بيته ووطنه أن يعمل على أن يكون المال الذي سيحتاجه للحج، والمصروفات خلاله - مالاً حلالاً طيباً ففي الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: «إن الله طيبٌ لايقبل إلاَّ طيباً».. فالأموال المشبوهة أو التي خالطها الحرام لايقبل الله الحج من صاحبها.
وعلى الحاج الحرص الكبير، والاجتهاد في سبيل أن يرحل إلى مكة المكرمة وقد صفت نفسه، وتصالح مع الآخرين، وتسامح ممن بينه وبينهم من المسلمين والجيران والأصدقاء والأقرباء أية مشكلات أو شجار وقضايا.. وأن يخرج ما عليه من زكاة إن كانت لديه أموال، وأن ينفق على كل من تلزمه نفقتهم شرعاً.. كما يستوجب الحج عليه أن يتفرغ للعبادة وأداء المناسك وقد تخلص من ديونه التي استدانها من الناس، ورد المظالم إلى أهلها، أو الاستحلال منهم حتى لايكون حجه ناقصاً وفيه قصور ونواقص، وكي يلقى الله تعالى إن كتبه الله من المتوفين، وقد تحلل من موجبات غضب الله وسخطه ومعوقات الغفران والرحمة والرضوان.
ومن أكثر الأمور التي لايلتزم بها معظم الحجاج، كتابة وصاياهم التي تحتوي ما لهم، وما عليهم من حقوق وديون، ويكتبون فيها مايرغبون في إخراجه من ممتلكاتهم وعقاراتهم وأموالهم وفقاً لله ابتغاء مرضاة الله، أو غير ذلك من أوجه البِّر والإحسان.. وكذا توكيل من يرون اقامته لإدارة أموالهم - إن كانوا من أصحاب الثروة والأملاك - وقضاء ما عليهم واسترداد أمواله التي عند الآخرين.
أما خلال رحلة السفر إلى الأراضي المقدسة فإن على الحاج أن ينشغل بذكر الله، ويكثر من الدعاء، ويلزم السكينة والوقار، والتواضع والصبر وغض البصر وخفض الصوت، وأن يحب لإخوانه الحجاج مايحب لنفسه، مبتعداً عن كل ماينغص راحة الحجاج المسافرين معه، ويتجنب الجدال والمراء، والهمز واللمز، ويجسد معاني الاخوة الإيمانية ووحدة المسلمين في المشاعر والمودة والإيثار.. فكل ذلك يهيىء الحاج تهيئةً نفسية إيمانية لآداء المشاعر في أجواء ايمانية عظيمة، وروحانية لذيذة لايتذوق حلاوتها إلاَّ المخلصون لله تعالى، و الباذلون وقتهم لذكر الله وعمل مايرضيه طوال رحلة العمر إلى مكة المكرمة.
ومما يدفع الناس إلى المنافسة على آداء فريضة الحج مقدار الجائزة التي كشف عنها رسولنا الكريم المبعوث رحمة للعالمين في العديد من أحاديثه الصحيحة، ومنها مارواه الإمام مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للصحابي عمرو بن العاص «..... وأن الحج يهدم ماقبله».. أي يهدم جبال المعاصي والسيئات التي يرتكبها الحاج قبل مجيئه إلى بيت الله الحرام خلال سنوات حياته التي تسبق فريضة الحج.. ما لم تكن مظالم للعباد وحقوق للخلق.. ولما سئل عليه الصلاة والسلام عن أفضل الأعمال، جعل الحج ثالث ثلاثة الأعمال الأفضل في الاسلام، حيث أخرج الامام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سُئل النبي صلى الله عليه وسلم: أيُّ الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله، قيل: ثم ماذا؟ قال: جهاد في سبيل الله، قيل: ثم ماذا؟ قال: حجٌّ مبرور» وأخرج الامام البخاري أيضاً من حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، قالت: «قلت: يارسول الله نرى الجهاد أفضل الأعمال، أفلا نجاهد؟ قال: لا، ولكن أفضل الجهاد حجٌّ مبرور».
وبهذا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل الحج المبرور الذي لايخالطه لغوٌّ ولارفث ولا فسوق، ولا ايذاء أو اعتداء على عباده - جهاداً في سبيل الله من أفضل الجهاد، لأن الحاج يجاهد نفسه ويروضها ويخضعها خلال أيام الحج ليتخلص من شوائبها وأدرانها، ويعصي رغباتها، وجهاد النفس بما يتفق وحقيقة الحج يوصل صاحبه إلى مرتبة المجاهد في سبيل الله، ويتحصل على جائزة عظمى في الآخرة بعد جائزة الدنيا، «محو سيئاته وعودته كيوم ولدته أمه».. ومبتغى الحاج في الآخرة رضوان الله تعالى والفوز بالجنة والنجاة من عذاب الله الشديد.. أخرج الإمام مسلم في «الصحيح» أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «والحج المبرور ليس له جزاء إلاَّ الجنة».ولأجل هذا الجزاء الكبير يسعى كثير من الناس إلى آداء فريضة الحج ولو بافتراض الأموال التي تبلغهم ذلك.. وهذا مما يتساهل عنه بعض الحجاج، مع أنَّ من الآداب والأحكام التي يتوجب الالتزام بها أن يكون القاصد لحج بيت الله مقتدراً، تنفيذاً أو امتثالاً لأمر الله الحكيم الذي قرر سبحانه في سورة آل عمران ذلك بقوله «ولله على الناس حجُ البيت من استطاع إليه سبيلاً».. فربط الفريضة بالقدرة على آدائها في وقتها مرةً في العمر.. غير أن البعض يحج إلى بيت الله كل عام، دون أن يكون ذلك وفاءً بنذورٍ نذورها، أو يحجون لآبائهم وأمهاتهم، وإنما تطوعاً وزيادة خير - حسب وصفهم - فيما هناك مجالات للاستزادة من أعمال البر والخير والطاعات مايمكن للميسورين عبادة الله من خلالها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.