في معظم مؤلفات الشاعر اليمني الكبير/ محمد محمود الزبيري النقدية والشعرية لاتخرج عموماً عن القضية الرئيسية التي ربطت أدب الزبيري وهي القضية الوطنية وروح المعاصرة والاغتراب ويعتبر مؤلفه (مأساة واق الواق) من أهم آثاره النثرية من حيث القيمة الفنية والأدبية يعرض فيها قضية بلاده بشكل أدبي وقد كتبها وهو في الغربة. ويمكن القول إن أغلب شعر الزبيري نضالي وطني واسلوبه كلاسيكي وتتضح ظاهرة الكلاسيكية في تأثره بفحول هذه المدرسة من أمثال المتنبي والبحتري في القديم وشوقي من شعراء النهضة وكذلك من حيث التزامه بكثير من الخصائص الفنية لهذه المدرسة فأغلب شعره كلاسيكي وإن شارك قليلاً في الرومانتيكية كقصيدة (حنين طائر والبلبل) إلا أن هاتين القصيدتين وسواهما من المقطوعات التي لاتمثل اتجاهاً رومانسياً لأن الكلاسيكية أقرب إلى نفس الزبيري لقوة دلالتها على الأصالة الفنية. أن محمد محمود الزبيري في معظم آثاره الشعرية لايخرج عن إطار مدرسة الأحياء «النهضة» في الأدب العربي هذه المرحلة التي إطارها الشعري الشاعر محمود سامي البارودي من حيث البناء التلقيدي للقصيدة إلا أنه تميز بربط الشعر بمضمون معاصر ولهذا كان تقليدي الشكل معاصر المضمون.. والزبيري يمثل فنياً المدرسة الكلاسيكية الجديدة في اليمن وهذه المدرسة لها امتدادها في الوطن العربي فمنها حافظ وشوقي «مصر» والرصافي والزهاوي «العراق» وسليمان العيسى وعمر أبو ريشة «سوريا» وغيرهم وهذه المدرسة حافظت على أغراض الشعر العربي الغنائي من مديح ورثاء وغزل ووصف فالزبيري في قصيدته رثاء شعب يتجاوز الرثاء الفردي الذي عرفه شعرنا القديم إلى الرثاء الجماعي فهو يرى في سقوط حركة «48» موت شعب موتاً جماعياً. ماكنت أحسب أني سوف أبكيه وإن شعري إلى الدنيا سينعيه وأنني سوف أبقى بعد نكبت حياً أفرق روحي في مراثيه وإن من كنت أرجوهم لنجدته يوم الكريمة كانوا من أعاديه فشعر الزبيري عموماً يعد ملحمة كفاح نضالية وتواصل هذا المضمون النضالي نغمة أسسية في شعره وأكبر دليل الأبيات التالية التي يظهر من خلالها المواقف الفنية والالتزام الفكري: أصبو إلى أمتي حياً وابعثها بعثاً وابني لها بالشعر بنياناً وماحملت يراعي خالقاً بيدي الا ليصنع أجيالاً وأوطاناً يخاله الملك السفاح مقصلة في عنقه وسيراه الشعب ميزاناً ويقول د/ عبدالمطلب أحمد جبر الشاعر والأديب في دراسة قيمة عن الشاعر محمد محمود الزبيري إن شاعرنا الزبيري يعتمد على صوره الشعرية قليلاً ويجنح شعره إلى التقريرية والخطابية حتى بالنسبة للتراكيب اللغوية فإن كثيراً منها من مخزونات ذاكرة الزبيري الشعرية كقوالب جاهزة من التراث الشعري العربي القديم فالتقرير والتعبير المباشر سمة بارزة في شعر الزبيري وإن كنا نلاحظ أن شعر المرحلة الرابعة منفياً عن بلاده قد ابتعد بشعره إلى حد ما عن التقرير إلى التصوير من الخطابية إلى التعبير الهامس الموحي: ذكريات فاحت بريا الجنان فسبت خاطري وهزت جناني عمر في دقيقة مستعاد ودهور مطلة في ثواني فكأن الماضي قد تأخر عن النفس أو استرجعت صداه الأماني وإلى الزبيري نفسه يرجع الفضل في إدخال روح المعاصرة إلى الشعر اليمني وربطه بالحركة الوطنية إذ وقف شعره يفضح حقيقة الإمامة والحكم الكهنوتي المستبد وعلى إثر عودته من القاهرة 1941م قال في قصيدة له: ياقوم هبوا للكفاح وناضلوا إن المنام عن الإمام حرام تتسلمون إلى قساة مالهم خلق ولاشرع ولا أحكام لن يبرح الطغيان ذئباً ضارياً مادام يعرف أنكم أغنام وعند إعادة تكوين حركة الأحرار اليمنيين في عدن باسم الإتحاد اليمني وذلك في عام 1944م أنشد يقول: سجل مكانك في التاريخ ياقلم فهاهنا تبعث الأجيال والأمم هنا البراكين هبت من مضاجعها تطغى وتكتسح الطاغي وتلتهم ان القيود التي كانت على قدمي صارت سهاماً من السجان تنتقم للشاعر اليمني الكبير/ محمد محمود الزبيري دور كبير في الحركة الوطنية اليمنية والثقافية في سبيل تقويض الحكم الإمامي المستبد وانتصار ثورة السادس والعشرية من سبتمبر 1962م. المصادر 1 محمد محمود الزبيري دراسة أدبية د/ عبدالمطلب جبر. 2 ديوان صلاة في الجحيم.. ثورة الشعر الزبيري.