تنظيم الأسرة له فوائد صحية واجتماعية واقتصادية ولابد للمجتمع الراقي والمتعلم بأن يتنامى وعيه ويتطور لديه مفهوم الصحة الانجابية وكيفية تنظيم الأسرة باعتبارها نواة المجتمع لأن التنمية تعتمد بشكل أساسي على أن المجتمعات الانسانية لا يمكن أن تتطور إلا بالتعاون والمشاركة بين الرجال والنساء على حد سواء في الحقوق والواجبات وذلك يستلزم تغيير الواقع الاجتماعي الذي يقوم على عدم التكافؤ في العلاقات والمفاهيم بين المجتمع لكن ما يتميز به المجتمع الراقي هو قدرته على التحكم في الانجاب حتى لا يصبح غريزة بدون ضوابط .. فضبط وتنظيم الانجاب ومراعاة الظروف المناسبة للإنجاب والمخاطر التي تصاحبه عن طريق استخدام الوسائل المناسبة لمنع الحمل في أوقات وفترات محددة بات أحد أهم عناصر الصحة الإنجابية وأصبح هماً رئيساً في جميع المجتمعات. إسرة سعيدة ونظراً لأهمية تنظيم الأسرة وخصوصية السياسات الإنجابية في محافظة المحويت (الجمهورية) ناقشت هذه القضية مع عدد من المسئولين والمختصين بالمحافظة في الاستطلاع الآتي : عوائد إيجابية بداية تحدث الدكتور : أمين محمد حبيش مدير عام مكتب الصحة بمحافظة المحويت قائلاً : - إن تنظيم الأسرة مهم جداً لأنه لكل إنسان الحق في التمتع بأعلى مستويات ممكنة من الصحة البدنية والعقلية وذلك لا يتأتى إلا بتنظيم النسل لما لذلك من عوائد إيجابية فهي تهدف إلى تخفيض معدل وفيات الأمومة والطفولة وتعزز صحة التكاثر وتوجد مجتمعاً خالياً من الأمراض وتحل كثيراً من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وتأتي أهمية الصحة الانجابية الذي يكتنفها الكثير من نقص في المعرفة والفهم الخاطئ.. ونحن في مكتب الصحة بمحافظة المحويت نحرص دائماً على تقديم خدمات ذات نوعية عالية للمجتمع من خلال توفير خدمات الصحة الانجابية للجميع ودون تمييز وكل خدمات الصحة الانجابية متوفرة لدينا في مركز الأمومة والطفولة ، ونعول على الخطباء والمرشدين القيام بدورهم بتوعية المجتمع بأنه ليس هناك أية مخاطر لوسائل منع الحمل وبالعوائد النفعية التي تعود على من ينظم نسله ويباعد بين المواليد. تنظيم الأسرة مهم وتحدث الشيخ عبدالصمد العشبي عضو المجلس المحلي بالمحافظة قائلاً: -تنظيم الأسرة له منافع عظيمة للحياة الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع وتحقيق التنمية المستدامة للوطن .. كما أن الحصول على خدمات الصحة الإنجابية وممارسة الحقوق الإنجابية يمكن الفرد ولاسيما المرأة من تعزيز الصحة والمهارات في صنع القرار واتخاذه ودفع الدخل والسيطرة على الموارد والحصول على فرصة المشاركة السياسية.. ونحن في اليمن «نواجه مشكلة خطيرة تتعلق بالصحة الإنجابية سواء كان في سوء الفهم لدى أكثر الناس أم في قلة الوعي والتثقيف الصحي لأن العافية ليست مرتبطة بفترة معينة من حياة الفرد وإنما تتصل بمختلف الفترات التي يمر بها في حياته وضمان الصحة الكاملة يستدعي توفير مختلف الخدمات الطبية والتثقيفية. عناء الحمل والولادة والاجهاض وفي جانب تنظيم النسل الطريقة الوحيدة لبناء مجتمع خال من الأمراض تحدث الدكتور محمد العجف قائلاً : - المرأة تتحمل عناء الحمل والولادة والاجهاض فإنجاب الأطفال يعرض المرأة لمخاطر صحية وأمراض ترتبط بدورها الإنجابي والمرأة هي أكثر عرضة لمخاطر الإصابة بالأمراض التناسلية ومضاعفاتها من الالتهابات الحوضية والعقم والحمل خارج الرحم وسرطان عنق الرحم كل ذلك بسبب الحمل المتوالي وكثرة الإنجاب . إضافة إلى الاضرار بصحة المولود كما قد يحدث تشوهات خلقية وعاهات في الطفل المولود الذي ليس له ذنب سواء قلة وعي أسرته بمخاطر الحمل المبكر أو تكرار الحمل فعلى المجتمع التنبه لهذه المخاطر بتنظيم النسل لأنه هو الطريقة الوحيدة لبناء مجتمع خالٍ من الأمراض. فهم خاطئ وتحدثت الدكتورة نجاة عبده فتح الله الشماع الطبيبة بمستشفى الثورة العام قائلة : - إن المرأة تفتقر بشكل أساسي إلى التثقيف والوعي الصحي وبصفة عامة تواجه الأمهات في كثير من الدول النامية ومنها بلادنا معوقات متعددة في سعيهن لتلقي الرعاية اللازمة لإنقاذ حياتهن ومن هذه المعوقات : 1) عدم إدراك النساء وأسرهن عن مؤشرات الخطر وأعراض المضاعفات التي تهدد حياتهن وكثير من النساء يجدن صعوبة في القرار بشأن التماس الرعاية الطبية. 2) استغراق وقت كبير للوصول إلى المرفق الصحي بسبب عدم وجود مواصلات أو صعوبة الطريق. 3) عدم وجود كوادر متخصصة في الصحة الانجابية. كما أن سوء الفهم لدى مجتمعنا عن وسائل منع الحمل عائق فهناك بعض الناس يقول: إن وسائل منع الحمل مضرة وتسبب أمراضاً مثل السرطان والعقم وهذا فهم خاطئ فقد أثبتت التجارب العلمية أنه ليس هناك أضرار لوسائل منع الحمل وعلى المثقفين والخطباء والمرشدين والشخصيات الاجتماعية تقع مسؤولية توعية المجتمع وإرشادهم إلى الطرق السليمة لمنع الحمل والمباعدة بين الولادة. اتخاذ القرارات الأخ/ راجح علي بطاح مدير مدرسة قال : - إن وسائل تنظيم الأسرة هي بمثابة خدمات صحية تساعد الزوجين على اتخاذ القرارات المتعلقة بإنجاب الأطفال وتوقيته بما يتناسب مع وضعهم الصحي والاجتماعي ولها فوائد اجتماعية وصحية واقتصادية تعود على الفرد والعائلة والمجتمع وهناك تشعب في موضوع تنظيم الأسرة وعدم وعي الناس بما يكفي بممارسات تنظيم الأسرة مما أظهر عدداً من الأخطاء والشائعات غير الصحيحة لوسائل منع الحمل وكان مكتب الصحة بالمحافظة قد عمل على ايجاد مراكز صحية وأوجد فيها خدمات تنظيم الأسرة.. ونحن نسعى من خلال عملنا في التربية إلى توعية المجتمع بمخاطر الانجاب والزواج المبكر ونسأل الله التوفيق. الفوائد والآثار الأخ/ فيصل أحمد الزريقي أستاذ علم النفس قال : - إن وسائل تنظيم الأسرة لها فوائد كثيرة فهناك فوائد تعود على الأم من خلال انخفاض مخاطر وفاة الأمهات والحفاظ على صحة الأم والمخاطر الناتجة عن الاجهاض والحمل المبكر. وفوائد تعود على الطفل من خلال انخفاض الوفيات في الأطفال وانخفاض معدل ولادة المواليد الخدج وذوي الأوزان المتدنية وتخفيض معدل الاصابات المرضية في الأطفال سواء كانت أمراضاً معدية أم غيرها أم فوائد تعود على العائلة من خلال تحسين نوعية الحياة والرفاهية لأفراد الأسرة وتوفير الجو النفسي الملائم لهؤلاء الأطفال في بيئة اجتماعية وصحية ونفسية وتخفيض معدل الأعباء الاقتصادية التي تثقل كاهل الأسرة وفوائد عائدة على المجتمع من خلال تحسين الوضع الصحي والتعليمي والاجتماعي وزيادة فرصة للتنمية الاقتصادية وانخفاض معدل الحصول وانخفاض الطلبات على الخدمات العامة مثل السكن والماء والطاقة والتعليم وغيرها. وسائل التنظيم وعن وسائل تنظيم الأسرة تحدث الدكتور سامي الحيدري طبيب بالمستشفى الجمهوري بالمحويت قائلاً: لتنظيم الأسرة وسائل عديدة منها ما تكون (طبيعية) ليس لها أية مضاعفات على صحة الأم والطفل كالرضاعة الطبيعية وهي غالباً تحمي الأم من الحمل خلال فترة الرضاعة ولكن ليس 100%. وهناك فترة الأمان وهي أسبوع قبل الطمث وأسبوع بعده وفعالية هذه الوسيلة تعتمد على انتظام الدورة الشهرية والعزل وهي وسيلة قديمة جداً وتصل فاعليتها حوالي 60% وهناك وسائل هرمونية : 1) حبوب منع الحمل التي تحتوي على مادة البروجسترون للمرضعات وحبوب منع الحمل تحتوي على هرموني الاستروجين والبروجسترون لكن الانتظام فيها أمر مهم. 2) حقن منع الحمل وتعطى كل (3) أشهر. 3) كبسولات تحت الجلد وفعاليتها (5) سنوات. 4) اللولب ويصل فعاليته حوالي 98% ولابد أن يوضع بعد كشف طبي دقيق. وهناك وسائل عازلة مثل العازل الذكري وتصل فعاليته إلى 80% والحاجز المهبلي وقبعة عنق الرحم والمواد المهبلية القاتلة للحيوانات المنوية. فتنظيم الأسرة أمر مهم وخاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة. الشرع في تنظيم الأسرة وعن رأي الشرع في تنظيم الأسرة تحدث الشيخ إبراهيم أحمد محمد البركاني المرشد بوزارة الأوقاف والإرشاد قائلاً : - هناك نصوص قرآنية وأحاديث نبوية صريحة بجواز تنظيم الأسرة إذ قال الله في محكم آياته : «والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين» البقرة 33 . فبين الله الطريقة المثلى لمدة الرضاعة وهي سنتان كاملتان وأكدت آية قرآنية مدة الرضاعة قال تعالى : «ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين» ..سورة لقمان 14 . ومن هذه الآيات نأخذ حكم تنظيم الأسرة إذ أن مدة الرضاعة (سنتان) مضافة إلى مدة الحمل تسعة أشهر تقارب الثلاث السنين والثلاث السنين كافية للمباعدة بين كل مولود ومولود وقد فسر الإمام الشافعي رحمه الله قوله تعالى : «ذلك أدنى أن لا تعدلوا» النساء 3 . بقوله أي لاتكثروا عيالكم والرسول عليه السلام كان يقول: «أعوذ بالله من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء» ففسر ابن عمر رضي الله عنه (جهد البلاء) الوارد في الحديث ب(قلة المال مع كثرة العيال). وهناك أحاديث كثيرة منها حديث جابر رضي الله عنه قال : (كنا نعزل والوحي ينزل) وفي رواية لمسلم (كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان بشيء ينهانا لنهانا عنه القرآن فهذه أدلة كافية لجواز تنظيم الأسرة والتنظيم يعود بالنفع العظيم مادياً وصحياً واجتماعياً إذ أن صحة الأسرة هي أساس صحة المجتمع وقوته ولدينا في الفقه الإسلامي قاعدة أصولية تقول : (الضرر يزال) فإذا وجد ضرر على الأم والطفل فيكون تنظيم الأسرة هو الطريقة المثلى لدفع الضرر على الأم والطفل وقد جعل الإمام الغزالي رحمه الله من الدواعي المشروعة للعزل (استبقاء حياة المرأة من خطر الولادة) والدين الإسلامي دين اليسر فقد نظر الإسلام إلى الاطفال على أنهم رجال الغد وعليهم يتحدد مستقبل الإسلام وأمته وهذا يعتمد على إيجاد أطفال خاليين من الأمراض كما أن التربية مهمة في ديننا الإسلامي ولا يصح تجاهل مبدأ التربية لأنه عندما يكون لدى الرجل (أبناء كثر) لا يستطيع القيام بتربيتهم التربية الصحيحة الإسلامية.. لذا فالتنظيم أصبح أمراً حتمياً يجب على كل أب وأم القيام به لحماية مجتمعنا من الأمراض والعاهات ولتحسين الاقتصاد في الأسرة والله تعالى يقول : «ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج» المائدة (6).. ولم يتردد العلماء بجعل الأسباب الاقتصادية لتنظيم الأسرة مقبولة شرعاً.