الذي يؤكد البعض قدرته الهائلة على تسخير الجان لاستخراج هذه الكنوز وسرقة الأموال من خزائن البنوك، وظهر تبعاً لذلك ما سمي «التنزيل» وهو ما يمارسه الدجالون والمشعوذون من تنزيل الأموال المسروقة للزبون عن طريق استخدام الجن والغريب أنه اصبح قاسماً مشتركاً في كل القضايا والموضوعات العلمية منها والخرافية.. والمعروفة والمجهولة.. الساخنة والباردة.. حتى إن ذكر اسم الزئبق الأحمر أصبح يستدعى معه قضايا الأسلحة النووية والحروب الذرية.. وأحاديث الدجل والشعوذة والسحر الأسود!.. بل وأسطورة القوة الجنسية الخارقة؟! ونحن هنا سنحاول أن نعرف الحقيقة من بين ركام كل هذه الاختلافات والآراء باستعراض جميع الآراء مع الإشارة لتجربة مشعوذ تاب إلى الله كانت له تجارب في هذا المجال. فمن العلماء من يرى أن الضجة الكبيرة التي أثارها الزئبق الأحمر منذ أوائل التسعينيات والتي لم تهدأ إلا في أواخر عام 1997م ترجع في الدرجة الأولى إلى الصبغة البوليسية التي أحاطت به، وما أشيع من أن قيمة الجرام منه تصل إلى مليون دولار، وأنه لا يباع إلا في علب مغلقة غير مسموح بفتحها، مما فتح الباب للكثير من المشعوذين أن يجمعوا الثروات من وراء هذا الإدعاء على اعتبار أنه يستخدم في السحر الأسود وما شابه ذلك، خاصة بعد ما أشيع حوله من مواصفات خارقة مثل القوة الجنسية الفائقة التي يمنحها لكبار السن وهو مما أدى إلى تهافت بعض الأثرياء عليه وجعل بعض التجار يكونون ثروات ضخمة. وأن كل ما يشاع حوله مجرد قصص وحكايات ليس لها دليل علمي، بل ليس هناك زئبق لونه أحمر وربما يكون هناك مركب يشبه الزئبق يتمتع بحالة مائعة مثله، وله لون أحمر له علاقة بالمتفجرات وهذا مجرد احتمال أما الدليل العلمي بالنسبة للزئبق الأحمر فهو مفقود تماماً، وهذا الرأي يرجح أن يكون تعبير الزئبق الأحمر «Red active mercury» الاسم الحركي لإحدى المواد النووية الخطيرة التي تم تهريبها من بعض المخازن الحربية السرية بالاتحاد السوفيتي مثل البلوتونيوم أو اليورانيوم «235» ويتم عرضها في الأسواق الخفية أو ربما تكون عملية نصب عالمية، المقصود منها الحصول على بعض الملايين ممن يريد امتلاك السلاح النووي بأية طريقة. وما يستدل به أصحاب هذا الرأي أن الزئبق توتره السطحي عال جداً ويصعب تلوينه، أما إذا تحول إلى أملاح أخرى كالأكاسيد والكبريتات فسيفقد خواص الزئبق، لأن أملاح الزئبق ليس لها خواصه لأنها صلبة ولا يوجد سوى أكسيد الزئبق فقط الذي يتمتع باللون الأحمر ولا يحمل أية صفة من صفات الزئبق الطبيعية والزئبق في كل أحواله لا يتلون حتى عندما يتعرض للإشعاع، لذلك الرأي ينتهي إلى أنه ليس هناك زئبق أحمر. وعلى النقيض فقد أكد د. عبدالحواد عمارة أحد علماء هيئة الطاقة الذرية المصرية أن هناك مادة تسمى بالزئبق الأحمر وهو مركب من أكسيد الزئبق مع الأنتيمون، وهذا المركب له خاصية منفردة تمكنه من الدخول في صناعة المتفجرات والأسلحة النووية، ويشير في هذا الصدد إلى باحث إنجليزي زار المعامل وجمع معلومات توصل إلى أن هناك بالفعل زئبقاً أحمر من خلال العديد من الدلالات، ويؤكد أن الروس هم أول من قاموا بتحضيره بما لهم من تقدم في مجال العلوم النووية، لذلك ارتبط اسم الزئبق الأحمر بروسيا وإن كان يؤكد أن البعض أضاف إلى صفاته الأساسية قصصاً وحكايات خرافية ساعد على انتشارها صعوبة تحضير هذا المركب، ويرفض الرأي السابق مؤكداً «أن العلم غير متاح للجميع فهناك أجزاء كثيرة من العلم يخفيها الذين توصلوا إليها حتى تظل سراً مقصوراً عليهم يستفيدون منها وحدهم دون الآخرين وخصوصاً مجال الأبحاث النووية فهي كانت وما زالت سرية يحارب البعض حرباً ضروساً حتى يتفوقوا على الآخرين فيها»، ويرى أن هناك أسباباً كثيرة كانت سبباً في حالة الغموض التي تحيط بهذا المركب وأهمها أن: الزئبق الأحمر ليس مركباً محضراً ومعروفاً للجميع منشوراً بمجلات علمية، وإنما مركب ذو طبيعة خاصة وصعب التحضير ويدخل في دائرة الأبحاث النووية السرية. وللتعرف أكثر على حقيقة «الزئبق الأحمر» نذكر هذه الحادثة: فقد وقع بين أيدي المحقق الصحفي البريطاني «غورين روبرتس» تقرير أعد لوزير الخارجية الروسي «يوجيني» الذي كان وقتئذ على رأس جهاز الاستخبارات الروسية، عن حقيقة مادة الزئبق الأحمر. وقد ذكر ذلك التقرير أن ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي بدأ بإنتاج هذه المادة عام 1968م في مركز «دوبنا» للأبحاث النووية، وأن الكيماويين المتخصصين يعرفون هذه المادة بهذا الرمز «H925 B206» وهي مادة تبلغ كثافتها «23» جراماً في السنتيمتر المكعب، وقد أحدثت هذه الدرجة الفائقة من الكثافة بلبلة في عقول العلماء الغربيين، إذا أنها أعلى من درجة كثافة أية مادة معروفة في العالم، بما في ذلك المعادن النقية.. ومن المعروف أن كثافة الزئبق المستخدم في قياس درجة الحرارة تبلغ «6.13» جراماً في السنتيمتر المكعب، فيما تبلغ كثافة البلوتونيوم النقي أقل قليلاً من «20» جراماً في السنتميتر المكعب الواحد، ويعتبر الزئبق الأحمر من المواد النادرة جداً وثمنه قد يصل إلى ملايين الدولارات. وعلى ذلك فالزئبق الأحمر في الواقع أخطر من ذلك بكثير خاصة وأنه يدخل مباشرة في صناعة الأسلحة المتطورة، كما يدخل في صناعة النشاط الذري بمختلف أنواعه، ويؤكد بعض الباحثين في علم الآثار أن هناك بالفعل ما يسمى «الزئبق الأحمر» وهو عبارة عن بودرة معدنية حمراء اللون ذات إشعاع، ولا تزال تستخدم في عمليات ذات صلة بالانشطار النووي ومصدر تصنيعه وتصديره لدول العالم هو بعض دول الاتحاد السوفيتي السابق، إذاً تقوم بعض العصابات بتهريبه من داخل المفاعلات النووية هناك ليباع بملايين الدولارات في بعض دول العالم. في بداية الأربعينيات من القرن الماضي تم اكتشاف زجاجة تخص أحد كبار قادة الجيش المصري في عصر الأسرة 27 «آمون.تف.نخت» الذي تم تحنيطه في داخل تابوته نتيجة عدم التمكن من تحنيط جده خارج المقبرة بسبب أحداث سياسية مضطربة في عصره وقد بدأ الحديث عن الزئبق الأحمر في الأصل بعدما عثر الأثري المصري زكي سعد على هذه الزجاجة المحتوية على سائل ذي لون بني يميل إلى الأحمر أسفل مومياء «آمون.تف.نخت» ولا تزال هذه الزجاجة المحتوية على هذا السائل والتي تحمل خاتم وشعار الحكومة المصرية موجودة داخل متحف التحنيط في مدينة الأقصر، وتعتبر هذه الزجاجة السبب الرئيس في انتشار كل ما يشاع عمّا يسمى بالزئبق الأحمر المصري، وهذه المقبرة قد وجدت بحالتها ولم تفتح منذ تم دفنها، وعندما تم فتح التابوت الخاص بالمومياء الخاص ب «آمون.تف.نخت» وجد بجوارها سائل به بعض المواد المستخدمة في عملية التحنيط وهي عبارة عن «ملح نطرون، ونشارة خشب، وراتنج صمغي، ودهون عطرية، ولفائف كتانية، وترينتينا»، ونتيجة إحكام غلق التابوت على الجسد والمواد المذكورة، حدثت عملية تفاعل بين مواد التحنيط الجافة والجسد، أنتجت هذا السائل الذي وضع في هذه الزجاجة، وبتحليله وجد أنه يحتوي على «90.86%» سوائل أدمية «ماء، دم أملاح، أنسجة رقيقة» و«36.7%» أملاح معدنية «ملح النطرون» و«12.0%» محلول صابوني و«01.0%» أحماض أمينية، و«65.1%» مواد التحنيط «راتنج، صمغ+ مادة بروتينية». وقد أدى انتشار خبر اكتشاف هذه الزجاجة إلى وقوع الكثير من عمليات النصب والاحتيال منها ما تداولته الصحف قبل عدة سنوات عن تعرض شخصية عربية مرموقة لعملية نصب عندما نصب عليه البعض بيع زجاجة تحتوي على الزئبق الأحمر المصري بمبلغ 27 مليون دولار، وقد حرر محضر بهذه الواقعة حينها في أحد أقسام الشرطة بجمهورية مصر العربية، ومن أحدث قضايا الزئبق الأحمر تلك إلقاء القبض على شخصين وبحوزتهما قارورة تحتوي على الزئبق الأحمر، زعما أنهما بواسطتها استدلا على آثار مدفونة تحت الأرض، وعثرت المباحث معهما بالفعل على قطع أثرية تنتمي لعصور مختلفة وتقدر قيمتها بسبعة ملايين جنيه مصري إضافة إلى سائل أحمر اللون، قالا إنه ساعدهما في العثور على الكنز وقالا في التحقيقات أن شخصاً ثالثاً استعمل هذا الزئبق الأحمر في تحضير الجان، وأن ذلك الجان قادهما إلى الآثار المدفونة تحت منزل أحدهما.