روى عقبة بن عامر رضي الله عنه قال:قلت :يارسول الله ماالنجاة ؟قال: «أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وأبك على خطيئتك». إنه لمرشد من إلهام الله أن يتوجه هذا الصحابي الجليل بالسؤال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستنبئه عن طريق النجاة فيوصيه الرسول الكريم والمصلح الأعظم بثلاث وصايا هن من أمهات مبادئ التقويم الفردي والإصلاح الاجتماعي. üالوصية الأولى: «أمسك عليك لسانك» ذلك معيار الكلام السديد وميزان الصمت الرشيد ،فمن أمسك لسانه على نفسه لم يتكلم إلا بخير يرجى نفعه. يظهر هذا المعنى قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم «رحم الله أمرأ تكلم فغنم أو سكت فسلم» هذا قانون سنة الإسلام لسياسة الحديث فيمن التزمه أمن من الزلل،واكتسى حلة الوقار،فمن قل كلامه قل خطأوه وأكثر ما يودث المرء الذلة مقالة السوء،أو كلمة نابية لايستطيع لها رداً فيقف من الناس موقف الأسف ،والاعتذار ،وبين يدي الله موقف الهوان «وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم» وماكان أغناه عن ذلك لو اتبع أدب الحديث وقانون الإسلام في الكلام. وجميل جداً أن تصغي لهذا الحديث النساء بصفة خاصة فما أكثر كلامهن فيما يفيد ومالايفيد..والفراغ عامل مساعد على ذلك،فالنساء في القرى والمدن يجدن متعة الحديث في نهش أعراض الناس من النساء،والرجال ولاتسمع منهن سوى قالت فلانة وعملت فلانة،وكل كلمة محسوبة عليهن. الوصية الثانية: «وليسعك بيتك» إنها لحكمة غالية عليها مدار إصلاح الأسرة..وإصلاح الأسرة من أسس إصلاح المجتمع،ولن يصل المصلحون الاجتماعيون إلى خير من هذا النظام النبوي ،فما أسعد البيت لو أن كل فرد فرغ من عمله الاجتماعي،ووطن نفسه على ملازمته بيته في وقت فراغه،ليرعى شئون أولاده وزوجته ويتبادل الرأي مع شريكة حياته في تدبير سياسة الأسرة،وهي مملكة صغيرة يوكل إلى الزوجين أن يتعاونا على رعايتها، في حب وإخلاص ومحبة وتفاهم ،وإن بيتاً هذا شأنه لهو جنة الدنيا،يجد فيه المرء راحته وريحانه،وهدوءه واطمئنانه ،بهذا تقوى الروابط بين أفراد الأمة..وما انحلت أواصر الأمم التي جرفها التاريخ إلا بإهمال شئون المنزل والعزوف عنه إلى ملازمة دور اللهو،والعكوف على المقاهي حيث تبعثر الأموال والأوقات في غير هدى ولا صلاح. الوصية الثالثة: «وابك على خطيئتك» هذا أسمى مظهر من مظاهر الأسف على الذنب فلن تبكي العين على سيئة إلا إذا تاب القلب أسفاً على ارتكابها وعزمت المشاعر الإنابة إلى ربها،تخلصاً من الأوزار والأقذار ..وهي أطهر توبة وأصدقها..تمت فيها خشية البصر على خشية البصيرة. يقول صلى الله عليه وسلم :«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت».