قيادي إصلاحي يترحم على "علي عبدالله صالح" ويذكر موقف بينه و عبدالمجيد الزنداني وقصة المزحة التي أضحكت الجميع    لا يجوز الذهاب إلى الحج في هذه الحالة.. بيان لهيئة كبار العلماء بالسعودية    عاجل: الحوثيون يعلنون قصف سفينة نفط بريطانية في البحر الأحمر وإسقاط طائرة أمريكية    دوري ابطال افريقيا: الاهلي المصري يجدد الفوز على مازيمبي ويتاهل للنهائي    ريال مدريد يقترب من التتويج بلقب الليغا    وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر    أجواء ما قبل اتفاق الرياض تخيم على علاقة الشرعية اليمنية بالانتقالي الجنوبي    عمره 111.. اكبر رجل في العالم على قيد الحياة "أنه مجرد حظ "..    رصاص المليشيا يغتال فرحة أسرة في إب    آسيا تجدد الثقة بالبدر رئيساً للاتحاد الآسيوي للألعاب المائية    وزارة الحج والعمرة السعودية تكشف عن اشتراطات الحج لهذا العام.. وتحذيرات مهمة (تعرف عليها)    سلام الغرفة يتغلب على التعاون بالعقاد في كاس حضرموت الثامنة    حسن الخاتمة.. وفاة شاب يمني بملابس الإحرام إثر حادث مروري في طريق مكة المكرمة (صور)    ميليشيا الحوثي الإرهابية تستهدف مواقع الجيش الوطني شرق مدينة تعز    فيضانات مفاجئة الأيام المقبلة في عدة محافظات يمنية.. تحذير من الأمم المتحدة    أول ظهور للبرلماني ''أحمد سيف حاشد'' عقب نجاته من جلطة قاتلة    الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    فرع العاب يجتمع برئاسة الاهدل    الإطاحة بشاب وفتاة يمارسان النصب والاحتيال بعملات مزيفة من فئة ''الدولار'' في عدن    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    البحسني يكشف لأول مرة عن قائد عملية تحرير ساحل حضرموت من الإرهاب    - عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    المليشيات الحوثية تختطف قيادات نقابية بمحافظة الحديدة غربي اليمن (الأسماء)    خال يطعن ابنة أخته في جريمة مروعة تهزّ اليمن!    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    فشل عملية تحرير رجل أعمال في شبوة    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    مأرب.. تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    مقدمة لفهم القبيلة في شبوة (1)    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معبد أوام في مأرب سينافس معابد الكرنك بمصر
بعد اكتشاف مرحلة تاريخية تعود إلى «500» سنة قبل الميلاد
نشر في الجمهورية يوم 06 - 01 - 2008

هل ينافس معبد أوام في محافظة مأرب معابد الكرنك الموجودة في مصر؟ تلك المعابد التي تشغل مساحة تزيد على ستين فداناً في أعالي الأقصر، والتي تعد متحفاً مفتوحاً بلاجدران وذلك لوجود العديد من التماثيل والنقوش والمسلات، والتي تدهش زائريها لروعة جمالها وإتقان بنائها.. المعالم الأثرية في معبد أوام بمحافظة مأرب تؤكد لنا أنه يستطيع أن ينافس معابد الكرنك بصعيد مصر، وقد يتفوق عليها أيضاً خاصة بعد الاكتشافات المثيرة في معبد أوام الذي يشغل مساحة «6000» متر مربع.
الحوار التالي مع الدكتور عبده عثمان غالب المدير التنفيذي للمؤسسة الأمريكية لدراسة الإنسان في اليمن يكشف لنا أن «سبأ» كانت لها علاقات واسعة وتمثيل دبلوماسي وسفراء في أفريقيا، وفي الدول الموجودة في الشام.
ذلك ما تتحدث عنه النقوش المسندية في معبد أوام، ذلك المعبد الذي يتميز بتكوينات معقدة وملحقات عديدة رغم أن ما تم الكشف عنه خلال العمل الأثري لا يمثل سوى 20% فقط من مساحته الإجمالية.
دراسات متكاملة
نلاحظ أن التنقيب الأثري في معبد أوام مازال يحتاج لسنوات طويلة من التنقيب رغم مرور تسعة مواسم سابقة..
بداية أود أن أوضح لكم وللقراء الكرام أن معبد أوام الموجود في محافظة مأرب ليس بالمعبد العادي، لأنه يعتبر أكبر المعابد الأثرية في اليمن والجزيرة العربية بشكل عام، ومساحته حوالي «6000» ستة آلاف متر مربع، والمنشآت المعمارية في المعبد مازالت مطمورة بالرمال التي تصل أحياناً إلى عشرة أمتار والبعض الآخر حوالي أربعة أمتار، وهذه الرمال تغطي مساحة المعبد كاملة، لذلك عندما نبدأ عمليات الحفر الأثري في أي جزء من أجزاء المعبد معنى هذا أن نزيل ما بين أربعة أمتار إلى عشرة أمتار من الرمال الصافية، وتم اكتشاف عمق هذه الرمال من خلال الدراسات التي أجريت بأستخدام أجهزة الاستشعار بالرادار والذي حدد لنا عمق هذه الرمال في المعبد ولذلك مسألة الحفريات الاثرية والأعمال داخل المعبد هي أعمال متكاملة فيها الحفر والاستشعار بالرادار بُعد،وفيها أيضاً الجانب الجيولوجي، وكذلك الجانب الارسابي الجيو موفولوجي، ويضيف الدكتور عبده عثمان، قائلاً: مثل هذه الدراسات يجب أن ندرسها قبل أي موسم للحفريات الأثرية، لأننا عندما نأتي ونقيس أن لدينا عمق عشرة أمتار من الرمال داخل حرم المعبد أو قدس الأقداس في معبد أوام، يجب أن ندرس أيضاً كيف ترسبت هذه الرمال، تعلم أنها ترسبت عبر التصحر وعوامل الزمن والتي تصل إلى أكثر من ألف وأربعمائة سنة، يمكن ندرس من أي جهة تأتي الرياح والرمال وفي أي مكان ترسبت أكثر ويتم دراسة ذلك عن طريق الدراسات الجيوموفولوجية، أيضاً بعد كل موسم تنقيب أثري نقوم بدراسة المقاطع الاستراجرافية للحفرية، وذلك لدراسة الشرائح الموجودة، والتي أوضحت لنا أن معبد أوام ربما تعرض في فترة من الفترات للغمر بالماء جراء فيضان، وهذا قد يكون له علاقة بسيل العرم المذكور في القرآن الكريم، لأنه جيولوجياً عندما ننظر إلى المعبد حيث موقعه استراتيجي، يقع وسط فرعين من وادي أذنة الذي ينشطر إلى فرعين جنوبي وشمالي، وحالياً هناك دراسات للتحقق من هذا الأمر.
المعبد وسيل العرام
إذاً العمل ليس حفراً عبر خبراء آثاريين فقط؟
هذا أكيد لأن هناك دراسات متكاملة لفرضيات عديدة، وما ذكرته عن مسألة غمر المعبد بالمياه يعتبر هو أحد هذه الفرضيات التي ندرسها للتحقيق منها، أيضاً عندما نبدأ أعمال الحفر في كل موسم نكون قد سبقنا وحددنا أين يتم الحفر في الموسم القادم ولماذا، وما الهدف؟ ويتم تحديد ذلك على ضوء نتائج كل موسم أثري، وعندما نبدأ عملية الحفر ونزيل الرمال المتراكمة يتم إزالتها يدوياً، وللعلم عندما نزيل هذه الرمال في مساحة 25 متراً * 10 أمتار يدوياً هذا يحتاج بالتأكيد إلى جهد كبير يعمل فيه حوالي 80 عاملاً لإزالة الرمال فقط، أيضاً يأخذ منا الكثير من الجهد والوقت والإمكانات المادية، وهذه الإزالة للرمال تستمر في كل موسم أثري حوالي شهراً كاملاً حتى نصل إلى الطبقات الأثرية، وبالتالي يكون الفريق قد أنهك واستهلك كل قواه في إزالة الرمال، بعد ذلك يكون العمل بعد الإزالة لمدة خمسة عشر يوماً أو شهر نحفر خلال هذه المدة في الطبقات الأثرية.
الرمال أبرز العوائق
معنى ذلك أن تراكم الرمال هو أهم الإشكالات التي تواجهكم؟
لا يوجد أي جزء في المعبد ممكن تحفر عليه بشكل مباشر، لأن كل أجزائه مطمورة بالرمال، لذلك إزالة هذا الكم الهائل من الرمال أبرز العوائق التي تواجهنا في أثناء أعمال الحفر والتنقيب الأثري، أيضاً فريق عمل لا يستطيع أن يستمر في أعمال الحفر والتنقيب أكثر من شهرين أو ثلاثة أشهر في حالات نادرة جداً، لأن هذا الفريق مكون من علماء وباحثين وأساتذة جامعات، وبالتأكيد لهم التزاماتهم وارتباطاتهم في مراكزهم البحثية وجامعاتهم ومراكزهم العلمية، لذلك أوقاتهم مقسمة، مثلاً أعمال الحفر والتنقيب الأثري شهران في السنة ومن ثم العودة إلى أعمالهم الأساسية، وهذا نضعه في الاعتبار، لذلك مازلنا رغم مرور تسعة مواسم للحفر الأثري في معبد أوام نحفر في حدود مساحة خمسة وعشرين متراً طولاً وعشرة أمتار عرضاً، وفي بعض أجزاء المعبد في مساحات أقل من ذلك، لأننا بعد إزالة الرمال يدوياً نصل إلى الطبقات الأثرية، ومن ثم يبدأ العمل الأكثر تأنياً ودقة، لأننا نتعامل مع طبقات أثرية وهذا يحد كثيراً من حركتنا، مثلاً نستمر في إزالة طبقة سمكها 10سم فقط بطول 100سم2 حوالي ثلاثة أيام، وذلك لمعرفة كيف ترسبت هذه الطبقة وما محتوياتها الأثرية وعلاقة هذه الشريحة الطبقية بالشريحة التي أعلى منها وكذلك التي أسفل منها، كل هذه المعلومات نوثقها بشكل دقيق، لأننا نكتب تاريخ المعبد بشكل خاص وتاريخ مملكة سبأ بشكل عام.
كتابة تاريخ اليمن
ماذا بعد التوثيق الدقيق والدراسة المتأنية لكل شريحة طبقية في الحفرية؟
بعد ذلك ندرس علاقة هذه الشريحة بالمخلفات الأثرية الموجودة داخل المعبد وما حوله وجواره من مواقع أثرية لدراسة هذه العلاقة، لأننا كما ذكرت نكتب تاريخ مملكة سبأ، أي تاريخ اليمن القديم، ولهذا لابد من التأني وعدم الاستعجال في أعمال الحفر، من أجل إجراء دراسات المقارنة للوصول أخيراً إلى استنتاجات عن المراحل الثقافية والحضارية الموجودة في مملكة سبأ، وهذا يتطلب أن نقارن هذا مع ما هو موجود في محيط عاصمة مملكة سبأ مثل الجوف التي وجدت عليها في القرن الرابع قبل الميلاد مملكة معين، وكذلك بيحان وشبوة التي وجدت عليها مملكة قتبان وكذلك مملكة حضرموت لكتابة تاريخ اليمن بشكل علمي وصحيح من خلال الآثار الموجودة.
الوصول للأرضية الأولى
خلال المواسم الماضية، هل وصلتم في بعض الأجزاء إلى أرضية المعبد؟
لنا تسعة مواسم أثرية نعمل في معبد أوام، وهي تقريباً خمس سنوات، وخلال هذه الفترة وهذه التنقيبات السابقة استطعنا الوصول في بعض المناطق إلى الأرضية الأولى للمعبد، وهذه ليست الأرضية الأساسية، لأننا نتوقع أن معبد أوام تم بناؤه على بروز صخري في الأرض وليس على أرضية طينية، ووصولنا إلى الأرضية التي ذكرتها لا يعني أننا وصلنا إلى قاع المعبد، وأعمال الحفر الأثري التي نجريها لا تتركز في جزء محدود إنما في أكثر من جزء، مثلاً داخل المعبد وصلنا إلى أرضية الفناء للبهو المعمد، ويعني ذلك أننا وصلنا أثرياً وتاريخياً إلى حوالي «500» سنة قبل الميلاد، وتاريخ إنشاء المعبد أبعد من ذلك بكثير.
موقع أثري هام
لكن ما الذي يؤكد لكم أن تلك الأرضية ليست قاع المعبد؟ هل هناك نقوش تؤكد أن المعبد تم إنشاؤه على بروز صخري؟
عندما وصلنا إلى هذه الأرضية المؤرخة ب«500» سنة قبل الميلاد استخدمنا جهاز الاستشعار عبر الذبذبات المغناطيسية، التي أكدت لنا أن هناك طابقين أسفل الأرضية التي وصلنا إليها تحت البهو المعمد، ولم نستمر في أعمال الحفر والتنقيب في هذه الأرضية لأنها مرصوفة أو مبلطة بأحجار نقشية مكتوبة عليها كتابات بالخط المسند، وهذه مرحلة تاريخية لا يمكن أن نزيلها لمواصلة أعمال الحفر والتنقيب.
مؤشرات عديدة
وكيف ستصلون إلى قاع المعبد إذا لم تتم إزالة تلك الأرضية؟
لدينا برامج وخطط لعمل مجسات لاختبار صحة المعلومات التي أكدها لنا جهاز الذبذبات المغناطيسي، وبعد حفر المجسات واتضاح الرؤية نستطيع أن نؤكد ذلك أن أسفل الأرضية طابقين ومراحل تاريخية أقدم من «500» سنة قبل الميلاد، وهذا ما نتوقعه، لأننا أيضاً لدينا مؤشرات عديدة بأن المعبد تم إنشاؤه على مراحل وليس في فترة تاريخية واحدة.
يعود إلى 1300 سنة ق.م
إذاً حسب التوقعات وحسب المؤشرات التي لديكم إلى متى يعود تاريخ بناء معبد أوام أكبر معابد اليمن والجزيرة؟
ربما نصل حسب ما نتوقع إلى أبعد من «1300» سنة قبل الميلاد، وتوقعنا ذلك من خلال النمط المعماري الموجود والاختلاف في الأسلوب والتقنية التي استخدمت في بناء السور والملحقات الأخرى التي تم الكشف عنها حتى الآن، مع العلم أننا لم نكشف إلا عن حوالي 20 فقط من ملحقات المعبد، وهذا الاختلاف في النمط المعماري وفي المادة الحجرية وكذلك في تقنية إعداد هذه الأحجار الذي يختلف من مرحلة تاريخية إلى أخرى.
مراحل تاريخية للمعبد
قد يكون هذا الاختلاف ناتجاً عن اختلاف المهارات الفنية للفنيين الذين أعدوا هذه الأحجار؟
الاختلاف الموجود في إعداد المادة الحجرية ليس اختلافاً في المهارات الفنية، وإنما في الإعداد لهذه المادة الحجرية وطريقة البناء، هناك أحجار استخدمت فيها عملية الصقل والتأطير وكل هذه مراحل، عندما نأخذ مثلاً عشرة صفوف في جدار المعبد نلاحظ أن هناك خمسة صفوف استخدم فيها صقل الأحجار والخمسة الأخرى استخدمت فيها عملية التأطير للحجر، وكل هذه مراحل تاريخية، ومن هنا نستطيع التأكيد أن المعبد تم إنشاؤه على مراحل تاريخية مختلفة، ويؤكد لنا ذلك عملية تأريخه من طريق راديو كربون 14 المشع وعن طريق الفخار الموجود والذي نقوم حالياً بدراسته وسننشره في يناير الجاري، وأيضاً لدينا التواصف الطبقي، كل ذلك يقدم لنا مؤشرات عن مراخل تاريخية مختلفة.
مكونات المعبد
معنى ذلك أنكم لم تصلوا تاريخياً إلى مرحلة أقدم من 500 سنة قبل الميلاد من خلال الحفر والتنقيب الأثري في المعبد؟
لم نصل إلى مرحلة أقدم من ذلك وخلال المواسم الأثرية الماضية بدأنا في استكشاف مكونات معبد أوام لأنه ليس عبارة عن شكل دائري فقط وإنما هناك البهو المعمد والكثير من المنشآت المعمارية المعقدة مثل قدس الأقداس ومكان ممارسة الطقوس والشعائر الدينية التي لها علاقة بآلهة القمر «المقه» أيضاً تم الكشف عن مجمع معماري بدأنا الموسم الماضي الكشف عن معالمه الفوقية أيضاً اكتشفنا أن المعبد ليس له مدخل واحد فقط وإنما أكثر من مدخل، هناك مدخل شمالي وآخر شمالي غربي، وكذلك مدخل جنوبي، والمدخل الأخير هذا ليس مخصصاً للناس العاديين وإنما كان خاصاً بإخراج الموتى بعد تطهيرهم في قدس الأقداس ومن ثم يتم إخراجهم من هذه البوابة الجنوبية إلى المقبرة وهذه البوابة تم الكشف عنها الموسم الماضي بحدود 10سم فقط، وإن شاء الله سوف نزيل الرمال المتراكمة على هذه البوابة التي تقدر بحوالي عشرة أمتار، سوف نحاول إزالتها هذا الموسم، بعد ذلك بالتأكيد سوف تتضح لنا الصورة أكثر.. أيضاً الباب الشمالي الغربي على ما يبدو أنه كان مخصصاً لمرور الكهنة وكبار رجال الدولة حيث يربط هذا الطريق بين المعبد ومدينة مأرب القديمة عاصمة مملكة سبأ، وكان هذا الطريق خاصاً بممارسة بعض الطقوس الدينية كالاستسقاء عند الجفاف أو الدعاء لنصر جيوش دولة سبأ عند الحروب وغيرها من الطقوس، وقد كشفنا حوالي خمسة أمتار من هذا الطريق، وقد حددت لنا الذبذبات المغناطيسية وجود هذا الطريق إلى المدينة القديمة.. أيضاً عثرنا على نقش بخط المسند يتحدث عن هذا الطريق، وأنه مقدس وخاص بالملك والكهنة وكبار رجال الدولة لممارسة الطقوس والشعائر الدينية.. أما البوابة الشمالية فقد تم الكشف عنها بشكل كامل وتؤدي هذه البوابة إلى بوابة أخرى تسمى بوابة الهان تهفان، وكل ذلك تم من نهاية الألف الأول قبل الميلاد إلى بداية الألف الأول بعد الميلاد، أيضاً نتوقع أن هناك مساكن للكهنة القائمين على أمور المعبد.
تمثيل دبلوماسي ل«سبأ»
ماذا عن النقوش المسندية التي تم العثور عليها في أثناء عمليات الحفر والتنقيب؟ وعما تتحدث هذه النقوش؟
عثرنا على الكثير من هذه النقوش مثل القوانين والتشريعات تم العثور على الكثير منها في أماكنها الأصلية على جدران المعبد وتتحدث عن ماهية الحيوانات التي يجوز إدخالها إلى حرم المعبد، أيضاً عن الحيوانات المحرم قتلها والتي منها الحصان والوعل، باعتبار أن الخيول مهمة جداً للجيوش، والوعل رمز الآلة «القمر»، وأيضاً تتحدث النقوش عن الأماكن التي يجوز أن يتجمع فيها الناس، وكذلك عن الأماكن التي لا يجوز أن يتجمعوا فيها بمعنى أن هناك أماكن مقدسة.. أيضاً هناك نقوش تتحدث عن أوقاف المعبد من الأراضي والتي لا يجوز العبث بها، بمعنى أن مساحة المعبد حوالي ستة آلاف متر وهناك أراض تابعة للمعبد دون تلك المساحة، وهناك نقوش مسندية أخرى تتحدث عن القبائل وعن مناطق في أقصى الشمال وأخرى في أقصى الجنوب تابعة لدولة سبأ، ونقوش تتحدث عن وجود سفارات لدولة سبأ وتمثيل دبلوماسي مع بلدان في شرق أفريقيا وفي بلاد الشام.. معنى ذلك أن سبأ كانت امبراطورية وليست دولة متواضعة، كذلك كان هناك حديث بأن اليمن القديم لا يعرف الشعر أو الأدب لكننا وجدنا عكس ذلك، حيث عثرنا على نقوش مسندية عبارة عن قصائد شعرية داخل المعبد، وتتكون هذه القصائد من خمسين سطراً للقصيدة الواحدة.. وهناك عشرات النقوش التي تتحدث عن المحاصيل الزراعية وأنواعها وأماكن زراعتها ونقوش تتحدث عن بعض الأمراض المنتشرة وأسبابها وأماكن انتشارها وأخرى تتحدث عن الأعمال العسكرية من معارك وحملات وانتصارات وأسماء قادة الجيوش.. بمعنى أن الحفريات السابقة كشفت لنا أن الكثير من الوثائق الأساسية لدولة سبأ التي تقدم لنا تاريخ هذه المملكة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، كل هذه الوثائق موجودة وتم العثور عليها داخل المعبد.
ملوك يتعبدون في أوام
هل عثرتم على نقوش تتحدث عن علاقة سبأ بجيرانها من الممالك اليمنية الأخرى؟ عثرنا على نقوش مسندية تتحدث عن صلات وعلاقات الممالك اليمنية بسبأ، مثلاً، هناك نقش يتحدث بأن ملك حضرموت يأتي للتعبد وممارسة طقوسه الدينية في معبد أوام بمأرب، يأتي ويقدم النذور ويكتب نقشاً بالمسند ويتركه داخل المعبد، ما يؤكد أن معبد أوام هو المعبد الرئيسي في اليمن والجزيرة العربية.
تطابق النقوش باللقى
ويضيف الدكتور عبده عثمان قائلاً: أيضاً نجري دراسات مقارنة حول ما تتحدث به هذه النقوش المكتشفة مع ما نعثر عليه من لقى أثرية وفخاريات وترسبات أثرية داخل المعبد، ومن خلال هذه المقارنات وجدنا أن كل ما تتحدث عنه النقوش المسندية يتطابق مع تواريخ هذه اللقى والمقتنيات الأثرية.
«500» نقش بخط المسند
كم عدد النقوش التي تم العثور عليها داخل المعبد في أثناء التنقيب الأثري حتى آخر موسم؟ وهل تم دراسة هذه النقوش؟
عثرنا على نقوش كثيرة، ونستطيع القول: إن كل وثائق أو معظم وثائق دولة سبأ موجودة داخل معبد أوام ويقدر عددها بحوالي «500» نقش بخط المسند ما بين نقوش قانونية ونذرية أو اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية أو أدبية وثقافية.
وإن شاء الله في يناير الجاري سوف ننشر جزءاً كبيراً منها باللغة الانجليزية، مع أن هناك مجموعة من هذه النقوش قد تم نشرها سابقاً وسيتم نشرها في كتاب حول نتائج حفريات المؤسسة الأمريكية لدراسة الإنسان في معبد أوام، محافظة مأرب.
مقابر كبار رجال الدولة
كيف تفسرون وجود المقبرة بالقرب من المعبد؟ وهل هذه المقبرة خاصة بملوك سبأ أو كبار رجال الدولة، مثلاً؟
لم تكن خاصة بالناس العاديين وإنما كبار القوم كانوا يقبرون في هذه المقبرة، إضافة إلى الشخصيات غير العادية التي كانت تأتي لممارسة الطقوس الدينية في معبد أوام من مناطق بعيدة أو ممالك أخرى وتموت في أثناء تأدية الطقوس، كانت تقبر في هذه المقبرة، وهي لم تكن خاصة بالملوك أبداً.. وتم العثور على نقوش تتحدث عن أسماء الأشخاص الذين تم دفنهم فيها، وهذه المقبرة هي مجنات أي تتكون من طوابق، مثلاً أهل المتوفى يشترون أرضية القبر لميتهم ومن ثم يأتي أهل متوفى آخر يشترون سقف القبر السابق وآخرون يشترون الجدار الأيمن والبعض الجدار الأيسر وهكذا، والمبالغ الخاصة بالقبور محددة في النقوش التي عثرنا عليها، إذاً هذه مقبرة خاصة بكبار القوم من اليمن أو خارجها.
مقابر الملوك
هل لدينا في اليمن مقابر للملوك كما هو موجود في بعض الحضارات الأخرى؟
حتى الآن لم يتم العثور على مقابر خاصة بملوك دولة سبأ أو غير دولة سبأ، وهذا لا يعني أبداً أنها غير موجودة، لأنه لم تكتمل عمليات الحفر الأثري في المعبد أو المقبرة أو حتى في منطقة أثرية في اليمن، وهذا الأمر مرتبط بإنجاز الحفريات الأثرية بشكل كامل، والمقبرة هذه قد نبشت في فترات سابقة لذلك لم يتم العثور على جثث فيها بشكل كامل، وهذه المقبرة المجاورة لمعبد أوام ليست المقبرة الوحيدة في مدينة مأرب لكن حتى الآن لا نعلم أين مقابر ملوك دولة سبأ وهذا الأمر مرتبط بعمل برنامج أثري استراتيجي واسع وشامل، بمعنى أنه يجب لتحقيق هذا الأمر أن تخضع اليمن إلى هذه الدراسات والتحقيقات، وممكن أن يتم ذلك من خلال تقسيم اليمن إلى مربعات ومن ثم نبدأ العمل في هذه المربعات لمعرفة موقع مقابر الملوك وكيفية طريقة الدفن وفقاً لاستراتيجية أثرية نحددها ونتوقع أهدافها ونتائجها ومن ضمنها تحديد مواقع التوسع الاستيطاني الجغرافي للسكان في اليمن القديم وكذلك تحديد ماهية المهن والحرف وكذلك النشاط الاقتصادي السائد لتلك التجمعات السكانية في تلك الفترة.
العبادات القديمة
ورد في القرآن الكريم أن هدهد سليمان عليه السلام وجد امرأة تعبد الشمس من دون الله.. ما علاقة القمر إذاً بالمعبد؟
كان اليمنيون كغيرهم من البشر في الشرق الأدنى القديم يعبدون الشمس وكذلك يعبدون القمر وأيضاً النجوم، ولهذا كانت عبادة الشمس في اليمن من العبادات السائدة في ذلك الوقت، لكن معبد أوام كان المعبد المخصص لعبادة القمر، كون القمر هو الإله الرئيسي، ومعبد أوام أيضاً هو المعبد الرئيسي لكن معبد بران أو ما يسمى بعرش بلقيس هو المعبد الخاص بعبادة الشمس وكان في ذلك الوقت هناك تنوع في العبادات ولا نعلم حتى اليوم من هو الآلهة الأقدم أو الديانة الأقدم لأنها كانت متداخلة، كان اليمنيون يعبدون كل ذلك في وقت واحد، وهذا الأمر كان شائعاً في الشرق الأدنى القديم.
عرش بلقيس
هل تعتقدون أن عرش بلقيس موجود في مدينة مأرب؟ أكيد موجود في مأرب، والعرش يعني مقر الحكم، والمقر هو عاصمة دولة سبأ، مدينة الأثرية لا تعني أن العرش كرسي من ذهب، وقد يكون ذلك كل شيء وراد في العمل الأثري، وحتى الآن لم نصل في الحفريات الأثرية إلى المرحلة التاريخية التي عاشت فيها الملكة بلقيس، لأنها عاشت في القرن العاشر قبل الميلاد، ونحن وصلنا في حفرياتنا تاريخياً إلى القرن الخامس قبل الميلاد فقط طبقياً أي من خلال الطبقات الأثرية التي وصلنا إليها وعندما نصل إلى هذه المرحلة التاريخية التي عاشت فيها الملكة بلقيس والتي نتوقع أن تكون في قاع المعبد سيتم تحديد ذلك وبالتأكيد سوف نعثر على نقوش مسندية ترجع إلى تلك الفترة.
وللعلم فإن تاريخ النقوش المسندية قد تغير، فكان أقدم نقش يعود إلى القرن الثامن قبل الميلاد وهذه كانت نظرية قديمة، حيث تم العثور على نقوش ومخربشات بخط المسند في هجر الريحاني بوادي الجوبة وفي هجر بن حميد في بيحان تعود إلى حوالي «1200» سنة قبل الميلاد، وهذه الشقف الفخارية واللقى الأثرية الطينية وجدت في طبقات أثرية يعود تاريخها إلى «1200» ستة قبل الميلاد وعليها أسماء لأشخاص وهذا يؤكد أن اللغة السبئية موجودة ومتزامنة مع اللغات القديمة الأخرى وأنها ليست متفرعة منها.
تنفيذ أعمال الترميم
أخيراً ما برنامج عملكم للموسم الأثري القادم الذي سيبدأ الشهر الجاري؟
من المفترض أن نبدأ في أعمال الترميم لما تم الكشف عنه سابقاً، أيضاً الذبذبات المغناطيسية تقدم لنا مؤشرات بوجود طابقين أسفل الأرضية التي وصلنا إليها لذلك من المفترض أن نبدأ في عمل مجسات اختبارية في هذه الأرضية خاصة أننا عثرنا على فتحة صغيرة تنفذ إلى الفراغ التحتي.. إلى جانب تكملة التنقيب الأثري في الأجزاء التي بدأنا فيها الموسم السابق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.