تزايدت حدة المخاوف من المؤشرات المستقبلية للتضخم في السعودية، خاصة بعد أن أعلنت وزارة الاقتصاد والتخطيط ارتفاع التضخم السنوي إلى 6.5% بسبب أسعار الإيجارات والمواد الغذائية، وهو أعلى مستوى للتضخم في المملكة منذ العام 1995. وأطلق خبراء اقتصاديون التحذيرات من خطورة تجاهل هذه الأزمة التي تمثل تهديدا لنمو الاقتصاد ومعيشة المواطنين، مشددين على أن ازدياد أسعار الإيجارات والمواد الغذائية إلى هذه المستويات، بات يعني ضرورة تدخل الجهات الحكومية لسنّ تشريعات جديدة تساهم في كبح جماح معدلات التضخم المتنامية داخل البلاد.ملف شائك وبحسب تقرير للصحفي بادي البدراني منشور في صحيفة "الرياض" السعودية اليوم الأحد فقد شنّ مسؤول داخل مجلس الشورى السعودي، هجوما لاذعا على بعض الوزارات والأجهزة الحكومية، قائلاً "لقد تراخت هذه الأجهزة في مواجهة الأزمات المتوقعة التي تؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم في البلاد" ..وقال الخبير الاقتصادي وعضو مجلس الشورى عبد الرحمن الزامل "أزمة الإسكان هي أحدى أهم القضايا التي ساهمت في إذكاء نار التضخم في السعودية.. أسعار العقارات ستبقى في ازدياد وليست هناك مؤشرات على انخفاضها". وأضاف "إذا واصلت الأجهزة الحكومية أسلوبها الحالي للتعامل مع أزمة الإسكان، فإننا نتوقع ارتفاعا حادا في معدل الزيادة في الأسعار.. في الوقت الراهن بند الإيجارات يستنزف من 30 إلى 35% من دخل الأفراد السعوديين.. ونهاية 2009 سترتفع هذه النسبة إلى نحو 50%". وتابع الزامل "نواجه ملفاً شائكاً ومخيفاً ونحتاج إلى جدية وتعامل مسؤول.. أولى التشريعات التي يجب سنهاّ لمنع ارتفاع تكاليف المساكن تتمثلّ في تحديد نسبة الزيادة السنوية في الإيجارات بحيث لا تتجاوز 5%". ندرة المعروض وعن ما إذا كان مجلس الشورى قد أوصى بسنّ تشريع يحدد نسبة الزيادة السنوية في الإيجارات، قال الزامل "الشورى لم يدرس أي مقترحات في هذا الخصوص.. لقد اهتم المجلس بقضايا أخرى وأوصى بسرعة مواجهة هذه المشكلة وذلك عبر تنفيذ مساكن شعبية سريعة في كل المناطق من خلال هيئة الإسكان المنشأة حديثا". غير أن الزامل ألمح إلى أن ندرة المعروض مقابل زيادة الطلب، لن تسمح لقرار تحديد نسبة الزيادة السنوية في أسعار الإيجارات بالقدرة على السيطرة على جموح أسعار العقارات.. وأضاف "يجب أن تسارع الحكومة أيضا ببناء 500 ألف شقة سكنية في أنحاء المملكة، وأن تقرّ الجهات المعنية نسبة الزيادة السنوية في أسعار الإيجارات.. إذا حدث هذا الأمر وهو ليس بالأمر الصعب فإن أسعار الإيجارات ستنخفض 30% مقارنة بالأسعار الحالية". وحول الموانع التي تواجه الجهات المعنية في تحديد سقف لزيادة أسعار الإيجارات، قال الزامل: "ليس هناك أي صعوبات.. ربما يكون لأصحاب المصالح دور رئيس في منع أو تأخير سنّ مثل هذا التشريع". وأوضح أن "أسعار الإيجارات وصلت إلى أرقام عالية.. إذا كان ارتفاع تكاليف الإنشاءات يتسبب في رفع أسعار الإيجارات للمباني الجديدة، فإن حصول هذه الزيادة في المباني القديمة يعني وجود خلل واضح وغير مقبول". والزامل الذي وصف أزمة المساكن في السعودية بأنها "الأخطر"، يرى أن عدم تنظيم مساكن العاملين الأجانب في السعودية أحد أبرز الأسباب التي غذتّ نقص معروض الوحدات السكنية، مضيفا: "إنها أزمة متشابكة.. ويجب أن تقرّ آليات جديدة تتضمن إسكان الأجانب في مجمعات سكنية مستقلة وترك الوحدات السكنية والشقق للمواطنين".البطالة في شأن متصل، قال عبد الرحمن الزامل الخبير الاقتصادي وعضو مجلس الشورى، إن ارتفاع تكاليف المعيشة في السعودية مع تضاعف أرقام السعوديين العاطلين عن العمل، ساهم في عدم قدرة بعض السعوديين على مجاراة ظروف الحياة اليومية. وأشار الزامل إلى توظيف السعوديين أمر في غاية الأهمية لمساندتهم شخصيا ومساندة عوائلهم على غلاء المعيشة الذي ضرب أسعار الإيجارات والمواد الغذائية، متوقعا ارتفاع عدد العاطلين عن العمل في نهاية هذا العام إلى نحو 600 ألف عاطل. وتابع "إنها أرقام مخيفة تستدعي معالجة مكامن الخلل وإجراء تغييرات هيكلية في النظم والتشريعات التي تسمح سنويا باستقدام 1.200 مليون عامل أجنبي للعمل في السعودية، في الوقت الذي يعاني فيه كثير من الشباب السعودي البطالة".