سيظل مستوى التضخم في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي تحت السيطرةجزئياً، بفضل انخفاض أسعار المواد الغذائية عالمياً، ولن يكون كابحاً للنمو الاقتصادي في المنطقة، بحسب توقعات مجموعة «كيو ان بي». فقد تراجع مؤشر أسعار السلع الاستهلاكية في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي إلى 2,5% في سبتمبر 2013، من الذروة التي وصل إليها في أبريل 2013 إلى قريب من 3%. وبالرغم من استمرار تسارع التضخم في الإيجارات، إلا أن انخفاض أسعار السلع العالمية قد أدى إلى انخفاض التضخم في المواد الغذائية والمكونات الأخرى لمؤشر أسعار السلع الاستهلاكية. وفي القطاعات الأخرى- باستثناء الإيجارات والمواد الغذائية- يتباطأ التضخم بفعل ضعف النمو وتراجع أسعار النفط والغاز وأثر هذين العاملين على تلطيف الضغوطات التضخمية. وتتوقع مجموعة «كيو ان بي» أن يعود مستوى التضخم للصعود في عام 2014 إلى حدود 3% مع استمرار الزيادة في الإيجارات، واستقرار أسعار المواد الغذائية عالمياً، ومع دفع الاستثمارات الضخمة في القطاع العام للضغوطات التضخمية إلى أعلى. الإسكان تشكل تكاليف الإسكان (إيجارات بصفة أساسية) في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي نسبة 27% من سلة مؤشر أسعار السلع الاستهلاكية، فيما تشكل أسعار المواد الغذائية 20%. وحيث إن هذه المواد متقلبة الأسعار نسبياً، فإنها هي المسؤولة عن معظم التغييرات في اتجاه مسار التضخم. لقد كان متوسط مستوى التضخم السنوي في أسعار الإسكان 0,6% فقط في عام 2012، ولكن تصاعدت هذه النسبة إلى 3,2% خلال سنة واحدة حتى سبتمبر 2013. وفي دولة قطر، ارتفعت تكاليف الإسكان بنسبة 6,1% خلال نفس الفترة. وفي الوقت الذي استمر فيه ارتفاع الإيجارات على دفع معدل التضخم لأعلى عبر منطقة مجلس التعاون الخليجي، كان التراجع في أسعار المواد الغذائية يحدث تأثيراً معاكساً فاق التأثير التضخمي لأسعار الإيجارات. فقد أدى الناتج الجيد للحصاد على نطاق العالم إلى ارتفاع المخزون من المواد الغذائية وما ترتب على ذلك من تراجع في أسعارها. وانخفض مؤشر أسعار المواد الغذائية للبنك الدولي بنسبة 13,3% حتى الآن خلال هذه السنة على أساس سنوي. وحيث تعتمد منطقة مجلس التعاون الخليجي على الاستيراد في تلبية الجزء الأكبر من احتياجاتها من المواد الغذائية، فإن انخفاض أسعار المواد الغذائية عالمياً يؤدي مباشرة إلى خفض في معدل التضخم في المنطقة. وبلغ معدل التضخم في المواد الغذائية في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي ذروته بنسبة زيادة سنوية بلغت 5,0% في يوليو 2013، ولكنه عاد للتباطؤ إلى 3,9% في سبتمبر. قطاعات وفي القطاعات الأخرى بمنطقة مجلس التعاون الخليجي (باستثناء الإيجارات والمواد الغذائية)، تباطأ التضخم من نسبة 3,1% للسنة إلى ديسمبر 2012 إلى نسبة 1,6% خلال السنة إلى سبتمبر 2013. وهذا عامل رئيسي آخر في تراجع الأسعار إقليمياً. وتضم هذه القطاعات الأخرى (تشكل 53% من سلة مؤشر أسعار السلع الاستهلاكية) بصفة أساسية قطاعات النقل، والاتصالات، والتعليم، والملابس، والأثاث، والخدمات الصحية. ويتوقع حدوث تباطؤ اقتصادي عام في منطقة مجلس التعاون الخليجي خلال عام 2013 بسبب انخفاض الزيادة في إنتاج النفط. ومع التراجع المتوقع في أسعار النفط العالمية (انخفاض بحدود 2% للسنة حتى سبتمبر)، سيقود ذلك إلى إضعاف الطلب وتخفيف الضغوط التضخمية في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي. تباين إلا أن صورة التضخم على نطاق دول المنطقة تبدو متباينة. ففي دولة قطر وسلطنة عمان والمملكة العربية السعودية، يتباطأ مستوى الضخم على نطاق جميع المكونات. أما في البحرين والكويت والإمارات، فإن معدل التضخم إما مستقر أو على ارتفاع طفيف مع تعافي السوق العقاري، خاصة في دبي، بقوة تفوق الانخفاض في أسعار المواد الغذائية. كما أن هناك فرصة لتباطؤ الانخفاض لأبعد من ذلك لاحقاً خلال هذه السنة مع التراجع في أسعار المواد الغذائية. إلا أن مجموعة «كيو ان بي» تتوقع أن تكون الضغوط الهبوطية على الأسعار ذات طبيعة قصيرة الأجل في الأساس. فمن المتوقع أن تستقر أسعار المواد الغذائية والسلع الأخرى عالمياً خلال الشهور القليلة القادمة، مع افتراض حصاد عاديّ عالمياً وتصاعد في النشاط الاقتصادي الدولي. توقعات من المتوقع أن تتعاظم الضغوط التضخمية المحلية. فهناك عدد من دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة المملكة العربية السعودية ودولة قطر، تخطط لاستثمارات ضخمة في مشاريع كبرى خلال عام 2014. ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى إسراع النمو الاقتصادي، الذي قد يقود بدوره إلى ندرة في العرض، ويدفع بذلك الأسعار إلى أعلى. وحيث سيتطلب العمل في هذه المشروعات الكبرى تدفق أعداد كبيرة من العمالة الأجنبية الوافدة، فإن هذه الزيادة السكانية سوف تؤدي على الأرجح إلى الإبقاء على التضخم الحالي في الإيجارات وإلى زيادة الضغوطات على الطلب على نطاق الاقتصاد المحلي.