الدكتورة/فاطمة الأكوع ل«الجمهورية»: زيارات الحامل للمرفق الصحي تزودها بالمعلومات الصحية وتجنبها المخاطرليس مستبعداً تعرض المرأة الحامل لعوامل الخطر استبعاداً كاملاً وإن بدا الحمل مألوفاً لدى من حملن مسبقاً إذ من الصعب التنبؤ سلفاً بحالة كل حمل شاءت الأقدار أن تقود به إلى دروب الأخطار والمضاعفات المهددة لصحة وسلامة المرأة وجنينها أو أي منهما.. غير أن من الممكن تقليل هذا الاحتمال إذا ماتوافرت للحامل رعاية صحية فاعلة في المتناول.. ولتحصل على هذه الرعاية الملائمة وتكون بمنأى عن الخطر..بعيدة عنه كل البعد، عليها القيام بتنظيم زيارات إلى المرفق الصحي المقدم لخدمات الرعاية الصحية للأمهات والحوامل.. وللحديث بقية، ففي اللقاء الذي جمعنا بالدكتورة/ فاطمة إسماعيل الأكوع اختصاصية أمراض النساء والولادة، تركز النقاش حول مزايا وفوائد تنظيم زيارات الحامل للمرفق الصحي لمتابعة وتفقد حملها والاطمئنان على صحتها ووضعية الجنين وما إلى ذلك..وقد جاء في هذا اللقاء. زيارات متابعة الحمل * هناك من لايرى ضرورة في زيارات الحامل للمرفق الصحي المقدم لخدمات الأمومة وإن بدا الحمل عادياً لا مشكلة فيه؟ ألا تعتبر هذه مسالة عادية؟ وماالمغزى عموماً من هذه الزيارات؟ قطعاً هذا خطأ..فعيادات رعاية الحوامل ماوجدت إلا لخدمة الأم.. لتساعدها من الوهلة الأولى لحملها، فلا يجدر بها التأخر في طلب هذه الخدمة الضرورية، وليس لها أن تخاف أو تقلق فكلما كانت المراجعة باكرة في أول الحمل وبدايته، كان هذا الأفضل والأسلم لها ولجنينها، وسبيل إلى تدارك أي طارئ يطرأ من شأنه التسبب بمشاكل خلال الحمل أو أثناء الولادة، كذلك لاكتشافها المخاطر المرافقة للحمل إن وقعت لا قدر الله قبل استفحالها، كي لاتشكل تهديداً للحامل وحملها. إنه ليكفل تدخل مناسب في الوقت المناسب أياً كانت المشكلة طالما لم يكن هناك تأخير في الإحالة إلى المرفق الصحي متى شعرت بمشكلة. كمايساعد أيضاً على تحديد المكان المناسب للولادة بحسب ماتقتضيه الحاجة وظروف الحمل، مع تهيئة الحامل نفسياً وتأمين مايخفف عنها وطأة الحمل ومتاعبه من خلال تزويدها بالإرشادات السلوكية والعملية والنصائح الغذائية ومدها بخدمة المشورة وماإلى ذلك من فوائد ستشعربها الأم الحريصة على صحتها وسلامتها وعلى سلامة جنينها. ماعليها إلا زيارة المرفق الصحي المؤمن لهذه الخدمات واتباع مايمُلى عليها من نصائح وإرشادات من قبل مقدم الخدمة «الطبيب أو الطبيبة». مواعيد الزيارات * بشيء من التفصيل..ماالذي يكون في الزيارات المنتظمة للمرفق الصحي؟ وماذا يتعين على الحامل الإدلاء به من معلومات لدى هذه الزيارات؟ في الزيارة الأولى للحامل وموعدها حال اكتشاف الحمل، لها أن تزود مقدم خدمة الرعاية الصحية «الطبيب أو الطبيبة» بمعلومات حول التاريخ المرضي لعائلتها وحول وضعها الصحي العام عدد مرات أحمالها السابقة، يلي ذلك مرحلة قياس وزن الحامل وطولها ومستوى ضغط الدم لديها، ثم يطلب منها إجراء عدد من الفحوص المخبرية اللازمة، كفحص خضاب الدم «الهيموجلوبين» للكشف عن فقر الدم، وفحص عام للبول وسكر الدم وفحص زمرة فصيلة الدم «RH» وأيضاً تبين ماإذا كانت مصابة بداء القطط من خلال فحص الدم بالمختبر. ولن يكون الاكتفاء بهذا فحسب خلال هذه الزيارة فهناك المشورة والتثقيف الصحي وتقييم الحالة الصحية للأم، مع تقييم وضع الحمل ما إذا كان عادياً أو فيه مشكلة، وتقديم التدابير العلاجية الملائمة. ويفضل أن تنظم الأم زياراتها للمرفق الصحي لتكون بداية بمعدل زيارة واحدة في الشهر خلال الأشهر الأولى للحمل، حتى إن بدا حملها طبيعي لا مشكلة فيه. ومع نهاية الأسبوع الثامن والعشرين «الشهر السابع» يتعين عليها الإكثار من الزيارات، بمعدل زيارة واحدة كل أسبوعين. وبدخول الحمل شهره التاسع تكون الزيارات أسبوعية إلى أن يحين موعد الولادة. علاوة على ذلك يمكن تقريب مواعيد الزيارات عملاً بتوصيات الطبيب أو الطبيبة وتبعاً للحالة الصحية للحامل لتتاح للحمل مراقبة أفضل، وكذا سؤال الحامل عن أي طارئ أو شكوى. وخلال كل زيارة في هذه المرحلة تقوم مقدمة الخدمة بمتابعة حالة الأم الحامل، هذا إلى جانب وزن الحامل وقياس الضغط لاكتشاف حالات ارتفاع ضغط الدم المبكر، وطلب عمل مجموعة من الفحوصات الطبية للحامل في المختبر. كما تقوم مقدمة الخدمة خلال الزيارات بسماع دقات قلب الجنين، وقياس ارتفاع الرحم عن الحوض عبر الأشعة التلفزيونية، وفحص القدمين لاكتشاف تورم القدمين ودوالي الساقين «انتفاخ وتوسع الأوردة» وبوصف حبوب الحديد مع «الفوليك أسيد» والكالسيوم للوقاية من فقر الدم لمن يعانين هذه المشكلة أو المعرضات لها وقبيل انتهاء كل زيارة تحدد بدورها موعداً للزيارة القادمة. فحوصات طبية * بعض الأمهات الحوامل يطلب إليهن عمل فحوصات طبية كثيرة.. فلماذا كل هذا الإلحاح على الفحوصات على غير العادة؟ كل الفحوصات التي تطلب من الحامل كثرت أو قلت هي في صالحها وصالح حملها. حيث أن من جملة الفحوصات المخبرية الروتينية المطلوبة أثناء الحمل، فحص فصيلة الدم وعامل «رسيس» الذي يشكل وجوده خطراً على حياة الأجنة والمواليد. وسببه في واقع الأمر أن الزمرة PH)) سالبة في فصيلة دم الزوجة، يقابلها زمرة موجبة لفصيلة دم الزوج، وهو فحص ضروري جداً يكفل التدخل المناسب في الوقت المناسب للحد من وفيات المواليد. وهناك فحص البول العام للكشف عن وجود زلال البول والبروتين، أو التهابات المسالك البولية أو سكر البول. بالتالي لابد من عمل مزرعة للبول عند ظهور الالتهابات بناءً على نتيجة فحص البول العام.وذلك لتحديد نوع الجراثيم المسببة للالتهاب ومايلائمه لعلاجه بعد ذلك من مضادات حيوية. ومن الفحوصات الأخرى، قياس سكر الدم إذا لزم الأمر أو إذا ماتبين وجوده في البول سلفاً من خلال الفحص العام للبول بحيث يجرى للحامل على الريق وهي صائمة. ويتعين إذا كان الحمل عنقودياً التصوير بالأشعة التلفزيونية، وهو أيضاً مفيد في فترة متقدمة من الحمل للإطمئنان على صحة ووضع الجنين. كما أن هناك فحوصات مخبرية إضافية يحددها الطبيب المختص أو الطبيبة بحسب الحالة كالشك في وجود حمل عنقودي أو لزيادة السائل الأمينوسي حول الجنين..الخ. علامات الخطر * الكثيرات يجهلن علامات الخطر المصاحبة للحمل..فماهذه العلامات؟ على الأم الحامل لزاماً أن تكون على علم بالعلامات المنذرة بالخطر أثناء الحمل التي تستوجب النقل فوراً إلى المرفق الصحي، حيث تفيد الإحصاءات أن معدل وفيات الأمهات الناجمة عن مخاطر ومضاعفات الحمل والولادة في بلادنا تصل إلى «366» حالة ولادة حية، مشكلة بذلك نسبة «42%» من أسباب وفيات الأمهات في سن الإنجاب وهذه العلامات هي: نزول دم مهبلي ولو بسيط خلال الحمل مؤلم أو غير مؤلم مهما كانت كميته. تقيء مستمر وشديد. ألم شديد في البطن. صداع شديد. زغللة النظر، وطنين في الأذن. حدوث تشنجات. تورم القدمين واليدين والوجه. حدوث إفرازات مهبلية غزيرة ذات لون غير طبيعي ورائحة كريهة أو وجود حكة. انعدام الإحساس بحركة الجنين خلال الحمل بدءاً من الشهر الخامس. حالات خاصة * كيف لنا تمييز الحالات التي تستدعي رعاية صحية من نوع خاص وزيارات أكثر على غير العادة للمرفق الصحي لمتابعة الحمل؟ لعل مايستدعي اهتماماً أكبر ويفرض بالضرورة مراجعة المرأة الحامل للمرفق الصحي بشكل أكثر على غير العادة لما تتطلبه من مراقبة للحمل عن كثب على فترات قصيرة ومشورة وإرشادات صحية من نوع معين، كأي من هذه الحالات: الحمل المبكر في سن أقل من عشرين عاماً. الحمل بعد سن الخامسة والثلاثين. وجود مرض مزمن مع الحمل، من مثل «ارتفاع ضغط الدم السكر فقر الدم الصرع أمراض القلب أمراض الكلى» أو أية أمراض مزمنة أخرى. حمل التوأم. الإحساس بوضعية غير طبيعية للحمل أو الجنين. عندما تكون الولادات السابقة أكثر من أربع ولادات. الإجهاض المتكرر لأكثر من مرة. الإصابة بانسمام الحمل «ارتفاع ضغط الدم المصاحب للحمل». ولادة طفل ميت في السابق. ولادة سابقة بعملية قيصرية. الولادة المبكرة قبل اكتمال مدة الحمل. إصابة الحامل بنزف أثناء حمل سابق أو بعد ولادة سابقة. إنجاب أطفال دون الوزن الطبيعي، أي أقل من «5.2كيلو جرام» أو ذوي أحجام كبيرة «أكثر من 4 كيلو جرام». التحصين ضد الكزاز ü ننتقل بالحديث إلى مسألة تحصين الحامل ضد مرض الكزاز.. لماذا الحوامل بالذات يستهدفن بالتطعيم تحصين ضد هذا المرض؟ وماذا لو أجلت جرعة اللقاح إلى فترة لاحقة بعد الولادة؟ لابد من أن تحرص الأم على هذه المسألة كحرصها على حملها، وأن تحصل على كامل الجرعات في مواعيدها المقررة، أي على خمس جرعات، بما يؤمن لها وقاية وحماية مدى الحياة، حيث لاتعطى جميع هذه الجرعات وهي حامل، وإنما جرعة تعطى للحامل خلال الحمل لحمايتها تماماً، وكذا لحماية وليدها بصفة مؤقتة من لحظة ولادته وحتى الأسبوع السادس من عمره. وعليها الوثوق بهذا اللقاح وفاعليته ومن أنه يؤمن وقاية لها ولوليدها وليس له مضاعفات أو آثار جانبية. عموماً تتوزع مواعيد هذه الجرعات كالتالي: الجرعة الأولى: تعطى للفتاة في سن الانجاب وبالإمكان إعطاؤها للمرأة الحامل أو غير الحامل كجرعة أولى. الجرعة الثانية: يتم تلقيها بعد شهر من الجرعة الأولى، وتعطي حماية من المرض لمدة ثلاث سنوات. الجرعة الثالثة: تعطى بعد ستة أشهر من موعد تلقي الجرعة الثانية، وتتيح حماية من المرض لخمس سنوات. الجرعة الرابعة: تعطى بعد سنة من تلقي الجرعة الثالثة «أو خلال الحمل المتعاقب» متيحة حماية تصل إلى عشر سنوات. الجرعة الخامسة: موعدها بعد سنة من تلقي الجرعة الرابعة أو خلال الحمل المتعاقب، وتعطي حماية دائمة ومستمرة، مدى الحياة. ختاماً.. أتوجه بالنصح إلى الزوج بأن يمتثل لأوامر ديننا الحنيف وهدي خاتم الأنبياء والمرسلين «صلى الله عليه وآله وسلم» فلا يحرم زوجته أو يمنعها من حقها في زيارات متابعة الحمل لما فيه من مصلحة لها ولجنينها حيث قال فيما روي عن عبدالله بن عمر:« استوصوا بالنساء خيراً» متفق عليه..وقوله أيضاً في رواية لعبدالله بن عمروبن العاص «وإن لزوجك عليك حقاً وأن لولدك عليك حقاً، فأت كل ذي حق حقه» متفق عليه.المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني