ضمن الموسم الثقافي لدار الآثار الإسلامية في الكويت، ألقى الباحث د. جان لامبير محاضرة بالإنجليزية عن الغناء الصنعاني في اليمن، بمركز الميدان الثقافي، قدم المحاضرة وأدار النقاش فيها أحمد خاجة عضو اللجنة التأسيسية لأصدقاء الدار. وجاء في التقديم أن لامبير عالم في الانثروبولوجيا وموسيقى الأعراق، ويهتم بالموسيقى اليمنية التقليدية بوجه خاص، ويشغل حالياً منصب مدير المركز الفرنسي للآثار والعلوم الاجتماعية (CEFAS) في صنعاء. وقد تخصص في نمط موسيقي يمني خاص يطلق عليه اسم "الغناء الصنعاني" فضلاً عن أدائه لهذا النمط.. أصدر لامبير كتاباً بعنوان "دواء الروح: الغناء الصنعاني في المجتمع اليمني"، إلى جانب مقالات عديدة ومساهمات عدة في تسجيل الموسيقى اليمنية. كما أخرج فيلماً وثائقياً عن "الغناء الصنعاني" مدته 28 دقيقة، يصور موسيقيين يمنيين يتحدثون عن موسيقاهم ويستعيدون ذكريات الحياة في اليمن إبان فترة حظر الموسيقى فيها. وكعالِم في موسيقى الأعراق، تناول لامبير "الغناء الصنعاني" في أبحاث استغرقت أكثر من عشرين عاما. وكان لامبير استهل المحاضرة مستعيناً بالعرض الكمبيوتري موضحاً كيف أن "الغناء الصنعاني" موسيقى تقليدية من اليمن له تاريخ طويل ومركّب. ومستمد من أشعار تراثية شتى، لذا يشكل جزءاً لا يتجزأ من المناسبات الاجتماعية، مثل "السمرة " في الأفراح، و"المقيل" في تجمعات الأصدقاء غير الرسمية ، والساعة السليمانية. وأضاف: إن هذا النمط من الغناء أطلق عليه "الغناء الصنعاني" نسبة إلى "صنعاء"، عاصمة اليمن، إلا أنه شاع في كل أرجاء البلاد. وتعود جذوره إلى زبيد وتعز خلال حكم الأسرة الرسولية في القرن الرابع عشر الميلادي، ثم انتقل إلى صنعاء في نهاية القرن السادس عشر الميلادي. وفي أواسط القرن العشرين، وخلال حكم الإمام يحيى منع الغناء في صنعاء، و أجبر الموسيقيون على الانتقال إلى عدن ليستمروا في الغناء. هناك سجلوا أغانيهم تحت اسم "الغناء الصنعاني. وحدد د. لامبير في محاضرته تميز الغناء" الصنعاني" بآلتين موسيقيتين أصليتين لا توجدان في أية موسيقى عربية أخرى وهما : "القنبوز""الطُربي" وهو عود ذو جسم صغير و أوتار أربعة، و آلة نقر تشبه الصحن النحاسي يطلق عليها "صحن موميات"، وتنقر من خلال تثبيت الصحن على الإبهامين ونقره بالأصابع الثمانية الباقية. كما أضاف شارحاً الأصول النصية والشعرية للغناء الصنعاني بأنه عبارة عن أشعار كتبت بعدة لهجات يمنية، إلى جانب العربية الفصحى، فقد اشتهر بمضمونه العاطفي والتلاعب الذكي بالألفاظ . ويعتبر الكثيرون كلمات هذه الأغاني تجميعاً لأكثر الأشعار اليمنية رصانة و أكثرها ذيوعاً. وعن أهمية هذا التراث اليمني الغنائي عالمياً أنهى د. لامبير حديثه قائلاً: في السابع من شهر فبراير من العام 2003 م، أضافت منظمة اليونسكو "الغناء الصنعاني" اليمني، رسمياً، إلى قائمة روائع التراث الشفهي غير الملموس للإنسانية، وهي قائمة مميزة أعدت في العام 2001 م، بدعم تام وتأييد كامل من أعضاء هذه المنظمة، كبند مكمل لميثاق العام 1972م، القاضي بحماية التراث الثقافي والطبيعي العالمي.