«الغناء الصنعاني هو موسيقى تقليدية من اليمن، وله تاريخ طويل ومركب. وهو نمط من الغناء مستمد من اشعار تراثية شتى، لذا يشكل جزءا لا يتجزأ من المناسبات الاجتماعية، مثل «السمرة» في الافراح، و«المقيل» في تجمعات الاصدقاء غير الرسمية، والساعة السليمانية»، بهذه العبارات الموجزة عرف الدكتور جان لامبير الغناء الصنعاني في مستهل محاضرته التي نظمتها دار الاثار الاسلامية أخيراً. وعن انتشار هذا النمط من الغناء في انحاء اليمن اضاف المحاضر والعالم الشهير في الانثروبولوجيا وموسيقى الاعراق، والموسيقى اليمنية التقليدية بوجه خاص، ان هذا النمط من الغناء اطلق عليه «الغناء الصنعاني» نسبة الى «صنعاء»، عاصمة اليمن، لكنه شاع في كل ارجاء البلاد. وتعود جذور هذا النمط الغنائي الى زبيد وتعز خلال حكم الاسرة الرسولية في القرن الرابع عشر الميلادي، ثم انتقل الى صنعاء في نهاية القرن السادس عشر الميلادي. وفي اواسط القرن العشرين، وخلال حكم الامام يحيى (1926-1948) منع الغناء في صنعاء، واجبر الموسيقيون على الانتقال الى عدن ليستمروا في الغناء. وهناك سجلوا اغانيهم تحت اسم «الغناء الصنعاني». وحدد د. لامبير، مؤلف كتاب «دواء الروح: الغناء الصنعاني في المجتمع اليمني»، في محاضرته تميز الغناء «الصنعاني» بآلتين موسيقيتين اصليتين لا تتواجدان في اي موسيقى عربية اخرى: وهما «القنبوز» و«الطربي» وهو عود ذو جسم صغير واوتار اربعة، وآلة نقر تشبه الصحن النحاسي يطلق عليه «صحن موميات»، وتنقر من خلال تثبيت الصحن على الابهامين ونقره بالاصابع الثماني الباقية. كما اضاف شارحا الاصول النصية للغناء الصنعائي انه اشعار كتبت بعدة لهجات يمنية، الى جانب العربية الفصحى، فقد اشتهر بمضمونه العاطفي والتلاعب الذكي بالالفاظ، ويعتبر الكثيرون كلمات هذه الاغاني تجميعا لاكثر الاشعار اليمنية رصانة واكثرها ذيوعا. عن اهمية هذا التراث اليمني الغنائي عالميا انهى د. لامبير حديثه قائلا: في السابع من شهر فبراير من عام 2003، اضافت منظمة اليونسكو «الغناء الصنعاني» اليمني، رسميا الي قائمة روائع التراث الشفهي غير الملموس للانسانية، وهي قائمة مميزة اعدت في عام 2001، بدعم تام وتأييد كامل من اعضاء هذه المنظمة، كبند مكمل لميثاق عام 1972، القاضي بحماية التراث الثقافي والطبيعي والعالمي. بعد انتهاء محاضرة مدير المركز الفرنسي للآثار والعلوم الاجتماعية في صنعاء الدكتور جان لامبير، فتح مدير المحاضرة التي لقيت بالانجليزية، احمد خاجة، باب التعليقات والتساؤلات لتدور حول البحث عن جذور الثقافة الشفاهية القولية في اليمن وتأثرها وتأثيرها في المحيط الثقافي في الجزيرة بشكل خاص والمرددات العربية السمعية بشكل عام. *عن القبس