لم يكن يعلم أفراد الأمن بمنطقة صنعاء القديمة أن حادثاً لتبادل إطلاق النار على مقربة منهما سيقودهما إلى حلي يعتقد أنها للملكة أروى بنت أحمد الصليحي، وقد أضحت مؤخراً سلعة للبيع والشراء في سوق سوداء تتداولها أيادٍ آثمة انتهكت أضرحة ملوك اليمن القدماء وعبثت ببيت مال الدولة الصليحية ومجوهرات عظيمة ملوك العرب السيدة أروى بنت أحمد الصليحي. القصة بدأت بضبط أجهزة الأمن الأسبوع الماضي لشخصين على خلفية تبادلهما إطلاق الرصاص بميدان اللقية (صنعاء القديمة) بعد خلاف نشب بين الشخصين حول ملكية قطعة معدنية مزخرفة توضع على مقبض الجنبية. ويكمل مسئول أمني بإدارة أمن صنعاء في حديثه ل"المؤتمرنت" قائلاً: حينما طلبنا القطعة محل الخلاف اتضح أنها عملة ذهبية من أيام الملكة أروى بنت أحمد الصليحي. القطعة الذهبية محل الخلاف دلت أجهزة الأمن ل(20) قطعة ذهبية أخرى وأكثر من (100) قطعة فضية من العملة اليمنية إبان الدولة الصليحية ومتهمين آخرين ارتفع عددهم إلى (4) في حين لايزال اثنان آخران مطلوبين لأجهزة الأمن. وفي حين لم يستبعد المسئول الأمني أن يكون للمتهمين علاقة بالسرقة الأخيرة منتصف يناير الماضي والاعتداء الآثم الذي طال موقعاً أثرياً بوادي ظفار مديرية السدة بمحافظة إب أوضح أنهم ضبطوا كذلك بحوزة أحد المتهمين خلخالاً وخاتماً ذهبياً ورأس ثور وتمثالاً لرجل.. رجح المسؤول الأمني أن جميعها تعود لعصر الدولة الصليحية في اليمن (440- 532ه/1048-1138م). وأكد المسئول الأمني في تصريح خاص للمؤتمرنت اعتزامهم إحالة القضية والمتهمين يتحفظ على أسمائهم إلى النيابة المختصة خلال اليومين القادمين. مشيراً إلى أنهم عثروا أيضاً داخل جهاز موبايل أحد المتهمين على نحو (20) صورة لقطع أثرية مختلفة ومخطوطات قديمة قال إنها لا تقدر بثمن. وتاريخياً قامت الدولة الصليحية كواحدة من الدول اليمنية القديمة على يد الملك علي بن محمد الصليحي، وكانت صنعاء عاصمتها، وعند اشتداد المرض بملك هذه الدولة تولى السلطة ابنه المكرم بن علي محمد الصليحي ومعه وخلال حكمه ظهرت زوجته السيدة أروى بنت أحمد الصليحي تشاركه الحكم وبناء الدولة. وعند وفاة زوجها قبضت السيدة أروى زمام السلطة واختارت مدينة جبلة محافظة إب عاصمة للدولة فحققت خلال حكمها الذي استمر خمسين عاماً نجاحاً باهراً وفريداً نظراً لما عرفت به من حكمة وعدل وثبات، كما قامت إلى جانب نجاحها السياسي وتقوية نفوذ دولتها قامت ببناء العديد من المآثر التاريخية الإسلامية والإنسانية مثل بناء جامع السيدة أروى بمدينة جبلة وهو الجامع الكبير في المدينة، كما قامت ببناء الجزء الشرقي من الجامع الكبير بصنعاء. وأوقفت الكثير من الأراضي الزراعية للمواشي وبناء المرافق الخدمية، كما أوصلت مياه الشرب النقية إلى كل منازل مدينة جبلة عبر ساقية طويلة تمتد إلى أعلى قمم الجبل المطل على المدينة، كما عملت على توفير مساكن العلماء والمتعلمين وشكلت حلقات العلم في جامع جبلة التي كان يلتحق بها طالبو العلم من مختلف المناطق.