عندما نگون في صنعاء نشعر أننا في القدس وفي غزة ولسنا بعيدين عن وطننا طميم: الشعب اليمني يتعاطف دوماً مع أشقائه الفلسطينيين جراء ما يتعرضون له من أعمال وحشية استعرض فخامة الرئيس محمود عباس «أبومازن»، رئيس دولة فلسطين، رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، المراحل التي مرت بها الثورة الفلسطينية في سبيل تحرير جميع الأراضي الفلسطينية من الاحتلال الصهيوني. وأشار إلى تطورات الأوضاع التي تشهدها الساحة الفلسطينية وما تتطلبه من أهمية تضافر الجهود ورص الصفوف وتغليب مصلحة الشعب الفلسطيني على المصلحة الحزبية. وقال أبومازن في محاضرة له أمس بقاعة جمال عبدالناصر بجامعة صنعاء: في هذه المنارة العظيمة من منارات العلم والثقافة بجامعة صنعاء أتمنى لليمن، الشطر الثاني لفلسطين كما كان يسميه القائد الزعيم الخالد ياسر عرفات، كل التقدم والازدهار في عهد باني اليمن الحديث صاحب الفخامة الرئيس علي عبدالله صالح، الذي يقود مسيرة العلم والثقافة، مسيرة التقدم الازدهار. مؤكداً أن الشعب الفلسطيني يلمس دعم الشعب اليمني لقضيته العادلة منذ عقود طويلة، وهو ما نلمسه ونلمس حرارته. وأضاف: عندما نكون في صنعاء نشعر أننا في القدس وفي غزة وفي نابلس، وأننا لسنا بعيدين إطلاقاً عن وطننا، لأننا نشعر بأنكم جزء منا ونحن جزء منكم، وهو ما يجعلنا نحث الرحال إلى صنعاء وفي كل المناسبات المختلفة لتبادل الرأي والمشورة ولكي نتحدث عن همومنا وآمالنا التي هي في الأصل هموم الشعب اليمني وآماله. وقال: أريد أن أضعكم اليوم في صورة ما يجري في الأراضي الفلسطينية، لأني أعرف أنكم تهتمون بهذا الأمر كل الاهتمام.. في البداية كنتم أنتم مع الثورة التي بدأت في 1965م، وسرنا في محطات مد وجزر وهبوط وصعود إلى أن وصلنا إلى ما وصلنا إليه تحت الاحتلال، وأملنا الوصول إلى الحل الدائم والعادل الذي يعطي للشعب الفلسطيني حقوقه حسب الشرعية الدولية، والتي نطالب بها ويطالب بها العالم معنا. وأردف قائلاً: ونحن الآن في مرحلة أخرى، مرحلة تنقية الأجواء الفلسطينية ليكون داعماً لتفاوضنا الهادئ مع الجانب الإسرائيلي، على أمل أن نصل إلى تحقيق هدفنا، وعلى أمل أن نجد حلولاً جذرية لقضية القدس التي لا نقبل إلا أن تكون عاصمة لدولة فلسطين، وأن نجد أيضاً حلولاً لقضية اللاجئين حسب الشرعية الدولية وحسب المبادرة العربية، وحلاً للاستيطان الذي نعتبره غير شرعي في أرضنا، وحلاً للحدود ولبقية القضايا النهائية. وتابع فخامة الرئيس محمود عباس أبومازن رئيس دولة فلسطين، رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية: ومن هنا جاء مؤتمر «أنابوليس» الذي شاركت فيه 50 دولة عربية وأجنبية، جاءت لتوفير الدعم للقضية الفلسطينية، بعد أن كنا في الماضي نطالب بعقد مؤتمر دولي، وقد تحقق لنا ذلك، وذهبنا في المؤتمر محفوفين بالعديد من الدول العربية والإسلامية بهدف إطلاق المفاوضات. وقال أبومازن: لقد انطلقت المفاوضات بهدوء وبحذر وبطء، وأنا لا أريد أن أبيع أوهاماً ولا آمالاً، ولكن لعل وعسى أن نتمكن من استغلال الدعم الدولي من أجل أن نصل إلى تحقيق المصير. وأضاف: فإن وصلنا فهذا مكسب للشعب الفلسطيني، وإن لم نصل فلن نخسر شيئاً، لأننا في الأساس لم نكسب شيئاً كوننا لا نزال على الأراضي الفلسطينية وتحت الاحتلال، ولا يزال الإسرائيليون موجودين في الأرض والسماء والبحر، وإذا تمكنا هذا العام فهذه نعمة من الله، وإذا لم نتمكن فسيستمر نضالنا بأشكال مختلفة، وبكل الأشكال المتاحة من أجل أن نصل إلى نصرة قضيتنا التي لن تموت. وتابع قائلاً: نحن عبر مسيرة التاريخ نقاتل ونناضل من أجل تحرير أرضنا ولم تغفل أعيننا عن وسائل النضال مهما طال الزمن، واليوم نحن نناضل مع الجيل الخامس أو السادس، وكل جيل يسلم الراية للجيل للذي يليه حتى نحرر وطننا، ولا خيار آخر لنا. وتطرق أبومازن إلى المؤتمرات التي عقدت لمناقشة القضية الفلسطينية ومنها مؤتمر باريس الذي حضرته 90 دولة عربية وإسلامية وأجنبية، وقال الجميع بلغة واحدة: «نحن ضد الاستيطان، نحن مع حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، نحن مع عودة حدود 67م»، فكان العالم كله معنا، ولابد من استغلال الوقت، والذي نرجو أن يترجم إلى أرض الواقع. معرباً عن أمله أن تترجم نتائج المؤتمر إلى واقع ليستفيد منها الشعب الفلسطيني من خلال تنفيذ مشاريع اقتصادية واجتماعية وثقافية وعلمية وصحية. وفيما يتعلق بالأوضاع الفلسطينية الداخلية قال رئيس دولة فلسطين: بالنسبة للوضع الداخلي المؤسف الذي وصلنا إليه والذي كنا نتمنى ألا نصل إليه.. فإن الشعب الفلسطيني كأي شعبٍ عربي مختلف الأطياف والعقائد والاتجاهات والسياسات من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وكله تعود أن يتعايش في فترات طويلة. وأضاف: تعرفون أيها الإخوة عندما بدأنا منذ 4 سنوات التوجه نحو الديمقراطية بانتخاب جميع المؤسسات، والتي دشنها الزعيم القائد المرحوم ياسر عرفات بالنزول إلى الانتخابات في 1996م، وكان لدينا برلمان بانتخابات حرة، بعد ذلك قدمت نفسي للرئاسة، وأجريت انتخابات للمجلس التشريعي شاركت فيه حركة حماس لأول مرة، وبما أننا ألزمنا أنفسنا بالشفافية والديمقراطية، وقد راقبنا الانتخابات رقابة شديدة ودقيقة نجحت حركة حماس، وهذه كانت مفاجأة، ولكن الديمقراطية لا لعب معاها، وما يقوله صندوق الاقتراع هو الحل الفاصل. وأضاف: تم تكليف الحركة بتشكيل الحكومة الأولى، وشكلت الحكومة من قبل حماس، ولكننا جوبهنا بحصار دولي، ولم يصلنا أي دعم مالي إلى بنوكنا ومؤسساتنا، فبدأنا التفكير في كيفية الخروج من هذا الحصار، إلى أن استقر بنا المقام في مكة، وجلسنا فيها أكثر من أسبوعين في حوار معمق وجدي، واتفقنا على حكومة وحدة وطنية، وكانت هذه الخطوة بالنسبة لنا جميعاً مكسباً عظيماً تضم كل الأطياف، وكسبت رضا الشعب الفلسطيني، وبدأنا نسوّق لهذه الحكومة في العالم العربي والأجنبي. وقال: بعد أن قبل العالم بحكومة الوحدة الوطنية، ولم يمض أكثر من بضعة أشهر حصل ما حصل في 14 يونيو الماضي، وما عقب ذلك من حصار على غزة، وحاولنا أن نعيد اللحمة إلى الشعب الفلسطيني وحماس جزء من الشعب الفلسطيني ولايستيطع أحد أن ينكر وجودهم أو ثقلهم، وكما تعلمون أن منظمة التحرير الفلسطينية هي التي تمثل كل الشعب الفلسطيني بينما السلطة تمثل جزءاً في الداخل، في حين أن المظلة الشرعية لكل الشعب الفلسطيني هي منظمة التحرير الفلسطينية.. وأكد أبومازن أنه وعلى الرغم مما حصل إلا أن السلطة ما زالت مسئولة مسئولية كاملة مباشرة عن جميع الموظفين في غزة وعددهم 77 ألف موظف، بينما في الضفة الغربية 73 ألف موظف، والميزانية التي تصرف على قطاع غزة أكثر مما تصرف على الضفة الغربية، حيث يتم صرف 58 بالمائة في غزة و42 بالمائة تصرف في الضفة الغربية. فيما ألقى رئيس جامعة صنعاء الدكتور خالد طميم كلمة أعرب فيها عن سعادته في أن يخص المناضل أبومازن جامعة صنعاء لإلقاء محاضرته حول الأوضاع الفلسطينية الراهنة.. مشيراً إلى ما يكنه الشعب اليمني بكل فئاته من تعاطف مع أشقائه الفلسطنيين جراء ما يتعرضون له من أعمال وحشية على أيدي قوات الاحتلال الصهيوني.. حضر المحاضرة الإخوة: وزير العدل الدكتور شائف الأغبري، ووزير الأوقاف القاضي حمود الهتار، ووزيرة الشئون الاجتماعية والعمل الدكتورة أمة الرزاق علي حُمّد، ووزيرة حقوق الإنسان الدكتورة هدى أبلان، والدكتور أحمد الديك السفير الفلسطيني بصنعاء، وعدد من أعضاء مجلسي النواب والشورى، وأعضاء السلك الدبلوماسي بصنعاء، وممثلون عن الأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وأعضاء هيئة التدريس بجامعة صنعاء، وعدد كبير من الطلاب والطالبات. هذا وقد منحت جامعة صنعاء المناضل محمود عباس درع الجامعة تقديراً لجهوده ونضاله الدؤوب ضد الاحتلال الصهيوني.